مارينا فارس تكتب: بحر واسع

الخميس، 14 أبريل 2016 12:00 ص
مارينا فارس تكتب: بحر واسع غروب

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إنه مفترق الحكايات و تقاطع الطرق حيث الوحشة التى تأكل القلب وتمزق كل الأفكار، فلا يبقى سوى الذكريات وندائها الذى لا ينقطع، حين تتشتت كل الجموع بين نيام وقلوبهم تصرخ وبين أحياء ينسون آن يحيوا. والآن تعود الافكار لتطل برأسها من بقعة ما من روحى فتتسابق الكلمات فى الخروج كالدماء من جرح نازف , أرسمها على ورقة، احتسيها على مهل كما احتسى قهوتى ذات صباح شتائى أوشك على الرحيل. و تمر من حولى كل القصص كصور متتابعة، كفيلم سينمائى صنعه مخرج عبقرى بالكثير من الجنون.

الحياة حقاً غريبة، احياناً تكون أغرب من القصص الخيالية التى يأخذنا ذكاء مؤلفها، نعجب لأبطالها كيف ارتدت أصواتهم تلك الجمل ورسمت وجوههم تلك الملامح و الانفعالات و لما سلكوا تلك الطرق, لكن ما ان نستدير الى حياتنا حتى نجدها اكثر غرابة و تعقيداً . ترى ما هى الحياة ؟! اجد ذلك السؤال يطن فى رأسى و يشتعل عراك الافكار الذى اكون انا كل اطرافه و اسقط انا ايضا ضحيته الوحيدة, ما هى الحياة ؟! أهى أيام كثيرة نمضيها بغير حساب؟! تتابع ساعات و أيام و سنوات نظنها لا تنتهي. ننفق أعمارنا فى اللاشيء حتى تلوح لنا نهاية الطريق فنتطلع لما فات لنجده مجرد سراب. نلهث فى الركض خلف ما يرسم لنا مجتمع القبيلة من أشباح باهتة و يقنعنا أنها لامعة و أننا لن نحصل على السعادة الا بها. ترى هل الحياة بسيطة كتتابع غيوم فوق قمر يتأرجح بين الكمال و العدم كل شهر؟!. كتوالى الفصول على غابة وارفة الظلال, ترى أنها جميلة كرقصة حياة لفراشة حول زهرة؟!, تراها شهية كتفاحة ناضجة ؟!, مليئة ببحيرات العسل التى نتوق الى رشفة منها, نتمنى لو نقطع الزمن و الحدود بخطوة, لو تسلمنا الأبراج العاجية مفتاح المدينة لندخل و نرفع رايات الانتصار.

ام أننا جميعاً بحارة فى بحر الحياة الواسع, نغوص فى يم الاحتمالات , مدفوعين إلى مرافئ تنتظرنا و لا ننتظرها, بداخلنا جميعاً ذلك البحار المُغامر, احياناً ينزوى فى ركن ما فى أعماقنا و يحل بدل منه اخر يضع القتال و المغامرة اخر خياراته, احياناً يجلس على الشاطئ ليرى الحياة تشتعل امامه على وجه الأمواج صعوداً و هبوطاً. يبقى على الشاطئ و قد كادت الشمس تحرق جلده و قاربه, يتساءل هل عليه أن يترك قاربه للشمس تأكل نسيج خشبه فقط لانه لا يأمن لسعة المياة؟!

و احياناً يتذكر أنه بحار و قدر البحارة أن يزرعوا ذكرياتهم على كل مرفئ, و إلا فما فائدة تلك الحياة التى تسكن شغاف قلبه و تستولى على كل عقله؟!. عليه ان يعى انه قد خلق للرحيل, خلق كى يرتدى قاربه و يبيت كل يوم فى مدينة, كى يقطع أمواج تتحدث كل اللغات, حتى اللغات التى لا يعرفها.

هى الحياة تلك الفاتنة صعبة الارضاء و المنال. هى الحياة تمتحنا اعوام و تكتب قصتنا بالتجاعيد على وجوهنا, هى الحياة التى تملك الفرشاة و ما نحن الا الوان. تسلبنا بعض امانينا لكنها لا تسلبنا الذاكرة ابداً. لانها لعبة الواقع و الأحلام و ما يفصلهما من رضا لايكفى لملئ كل القلوب, يتبعثر الناس على الطريق, من يخشى على قاربه من لسعة الماء, و من يلقى بنفسه فى لججها, من يؤمن ببوصلته و خرائطه و يصدق حدث الطيور البحرية.

و جميعنا نخوض صراعها لاننا فقط, نحب الحياة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد أبوهرجة

رائعه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة