لقد ظل سيدنا يوسف وسيبقى مثالاً يُحتذى به على مر التاريخ فى الطهارة والعفاف ، وأصبحت قصته مع زوجة عزيز مصر من أشهر القصص وأعظمها ، لكن رغم شهرة القصة فإن هناك كثيراً من جوانب القصة ، ومن العبر والفوائد التى تضمنتها هذه القصة مازالت تخفى على كثير منا.
فلو استعرضنا القصة باختصار شديد نجد أن يوسف عليه السلام لما بلغ الحلم وقعت فى حبه زليخا زوجة عزيز مصر لجماله عليه السلام ، وأرادت أن ترتكب معه الفاحشة ، وبالفعل فعلت كل شىء من أجل ذلك ، فقامت بغلق النوافذ والأبواب ، وطلبت منه صراحة أن يرتكب معها الفاحشة ، بل هددته عندما وجدت منه امتناعاً بأن قالت له أمام النسوة اللاتي علمن بأمرها : ولئن لم يفعل ما أمره ليسجنن وليكونن من الصاغرين ، أى أنها هددته إما الزنا أو السجن ، وهنا يظهر مدى إصرار تلك المرأة على الفاحشة .
لكن ماذا كان رد يوسف على تهديد زليخا له ، لقد أبى عليه السلام وامتنع عن أن يقع فى أمر حرمه الله عليه ، وامتنع أن يسير وراء الشيطان ، بل قال رب السجن أحب إلى مما يدعوننى إليه ، وبالتالى فقد فضل السجن عن الوقوع فى الحرام ، وبالفعل دخل السجن ، وامتحنه الله امتحاناً عسيراً لكنه صبر على هذا الامتحان ولم ييأس من رحمة الله ، وكان حسن الظن بالله ، بل وعلى يقين أن الله سينصره وسيكون بجواره ، ولذا كانت النتيجة أن الله كان معه ، وكان عند حسن ظنه به ، بأن أخرجه من السجن بل وجعله وزير عزيز مصر، والرجل الثانى فى الدولة المشرف على أموال الدولة وخزائنها.
وهنا تأتى الثمرة من هذه القصة وهى: قد يكون اتباع الحق يبدوا أنه يجلب المصائب والمشاكل، ولكن عليك أن تعرف أن النصر فى النهاية سيكون لأهل الحق مهما طال الباطل ، فعليك ألا تغتر بالباطل وخاصة إذا زين لك الشيطان وأوهمك أنه يجلب لك الخير الكثير لو اتبعته وسرت فى طريقه ، لأن الخير الذى يجلبه لك هذا الباطل سرعان ما سيذهب ويحل محله الندامة والأسى ، ولذا فعليك أن تكون دوما مع الحق مهما كلفك ذلك من مشاق ومتاعب ، لأن النصر سيكون لك عاجلاً أم اجلاً.
راعى غنم - صورة أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة