منذ بداية ثورة 25 يناير ظهرت خيارات مرة مرت على الشعب المصرى وكان عليه أن يختار أخفها مرارة وأقلها خسارة وأشدها تغيرا على المجتمع المصرى ومازلنا فى مرحلة الخيارات المرة التى وضعنا فيها الغرب وعملاءه ومن يحيكوا المؤامرات والدسائس لنا وقد بدأت أول هذه الخيارات مع أول أيام 25 يناير وهذا ما حدث.
أول الخيارات: عندما نزل بعض الشعب ضد نظام مبارك ونزل البعض مؤيدا له، كان على الجيش المصرى أن يختار إلى أى جانب يؤيد ويقف معه وفى كلا الخيارين أمر، فمبارك يمثل المؤسسة العسكرية والوقوف معه يعنى حفظ لتاريخ عسكرى مشرف وللجيش ومؤسساته وأيضا مبارك يمثل حرب أكتوبر ويعد رمزا تاريخيا لمصر عسكريا ووطنيا، والوقوف بجواره يعنى انه ضد كثير من الشعب وقد عودنا الجيش المصرى ان الشعب هو الذى بيده السلطة والاختيار وأن القادة زائلون وإن إعفاء مبارك عن الحكم يحفظ وحدة الدولة والجيش، فكان الاختيار الأقل ضررا وهو إعفاء الرئيس مبارك عن الحكم وانحاز للشعب.
الاختيار الثانى: عندما ظهرت مشكلة التمويل الخارجى والتى استطاعت الوزيرة الشجاعة فايزة أبو النجا أن تختار بين إظهار هذه القضية وتطهير مصر من وباء خارجى يؤثر على الشباب ويوجهه وبين تأثر العلاقات الخارجية مع أمريكا وأوروبا، فاختارت المواجهة فى اشد وقت تمر به مصر بمرحلة ضعف شديدة وهذا يحسب لها، فكانت المواجهة وإعلان القبض على المتآمرين ومن يساعدونهم وكان هذا بداية تعافى مصر من المرض الذى ينخر فى عظامها وكانت المواجهة مع أمريكا وخرج العملاء من مصر يجرون خيبة الأمل والحسرة.
الاختيار الثالث: كان على المجلس العسكرى بقيادة المشير طنطاوى بعد إعفاء الرئيس مبارك عن الحكم أن يختار بين خيارين اقلهم مر، وهو تقديم الرئيس مبارك وعائلته ومساعديه للمحاكمة وإلقاء القبض عليهم أم يتغاضى عن ذلك لان رؤوس أموال الشعب فى يد هذا النظام أم يحقق مطالب الثوار فى التحرير ويحاكمهم، فكان الانحياز مرة أخرى للشعب وظهر مبارك لأول مرة فى قفص حديدى هو وأولاده فى منظر لم يكن المجلس العسكرى يتمنى أن يراه لبطل من أبطال حرب أكتوبر ولكنه الاختيار المر حفاظا على الشعب.
الاختيار الرابع: وجد الشعب المصرى أنه بين خيارين كلاهما مر لبعض الناس، مرسى أم شفيق، الإخوان أو أحد رجال الرئيس السابق مبارك، خيار لم يكن على هوى من نزل التحرير فى 25 يناير وكان على الشعب أن يختار بينهما والسؤال هنا هل وقف المجلس العسكرى محايدا فجاءت الرياح بما لا تشتهى السفن ؟
الاختيار الخامس: كانت المؤشرات تقول إن الشعب يغلى من فشل حكومة الإخوان فى إدارة الدولة وأن الشعب بدأ يتذمر ثم يتوعد بالنزول لتغير الوضع يوم 30/6 2013 وبالفعل زادت حدة المواجهات فى الشارع المصرى ونزل الشعب كما توعد وهنا نزل أنصار الرئيس الاخوانى أيضا وأصبحت هناك بؤرتين إذا لا قدر الله والتحما لصارت مذبحه لا تحمد عقباها وهنا كان لا بد للجيش أن يتدخل ويختار إلى أى جانب يقف، بجوار رئيس منتخب فشل فى إدارة الدولة وبين شعب ضاق ذرعا من هذا الفشل، وكان الإنذار الأول من الجيش بأن يحل الطرفين أمرهم بطريقة سلمية خلال أسبوع، ولكن لم يكن هناك حل فأمهلهم 48 ساعة وأيضا لا حل للموضوع، فكان الاختيار الصعب والمر إلى أى الجانبين يقف الجيش معه، فكما عودنا الجيش دائما يقف بجوار الشعب لا بجوار الرئيس، مهما كانت التضحيات وما يتبعها من آثار... واختار الشعب
الاختيار السادس: بعد عزل الرئيس الإخوانى كثف أنصاره من الهجمات على رجال الجيش والشرطة والقضاء خاصة فى سيناء بمساعدة من أنصاره فى حماس بفلسطين على الحدود المصرية، فكان لا بد من حل يقلل من هذه الهجمات وبالفعل كان الاختيار المر والصعب والذى اضطر اليه الجيش المصرى وهو عمل منطقة عازلة بمسافة 3 كيلو زيدت إلى 5 كيلو بين مصر وفلسطين وتم تهجير السكان وترضيتهم الترضية المناسبة عن خسارتهم وكان هذا اختيار صعب فرض على النظام والجيش المصرى.
نلاحظ أن هناك اختيارات أخرى صعبة لم تحل بعد مثل سد النهضة والتدهور فى السياحة وتصدير أزمات دولية بين مصر وحلفاءها مثل روسيا وإيطاليا وغيرها واعتبار حزب الله جماعة إرهابية وكذلك حماس وهو ما لم نكن نتمناه ولكن تدخلهم فى الشأن المصرى والعربى بما يضر بمصالحنا ومصالح حلفاءنا أجبرنا على ذلك، كل هذه الخيارات مُرة وصعبة فُرضت علينا وكان لا بد أن نختار أقلها ضررا ومرارة، اللهم وفق ولاة أمرنا إلى ما تحب وترضى.
محمد فاروق أبو فرحة يكتب: مصر والاختيارات المُرة
الأربعاء، 13 أبريل 2016 12:28 ص