ناهد زيان تكتب: مبروك يا أستاذ وحيد!!!

الثلاثاء، 12 أبريل 2016 10:01 م
ناهد زيان تكتب: مبروك يا أستاذ وحيد!!! صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أتأمل فى كثير من أحوالنا فأرى أننا قوم أصبنا بالفصام منذ زمن بعيد فما بين ما تربينا عليه وما ندعيه من قيم ومبادئ وبين ما ننتهجه فى حياتنا من سلوك ومنهج هوة سحيقة حقيقة وفصام تام.

فمنذ أن يتشكل وعينا ونحن نسمع كلمات صارت كعناوين الصحف براقة جذابة لكنها سرعات ما تنسى وتتراكم عليها عناوين وأخبار أخرى تطمرها وترمى بها فى بئر النسيان والتجاهل. من تلك الكلمات أن الرجل بأخلاقه ودينه ليس بماله، ونردد كالببغاء حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه.. " الحديث. غير أننا وللأسف نقف عند حد الكلمات وترديدها دون التصرف وفقا لها وعن قناعة بها.
تفزعنى جدا تزايد نسب حالات الطلاق فى مجتمعنا ويؤلمنى أكثر استسهال الناس لكلمة الطلاق وما ينجم عنه من أطفال قد حرموا نعمة الاستقرار فى بيت ترعاه عاطفة الأمومة والأبوة معا وصاروا أداة للضغط والابتزاز والانتقام بين الطرفين وربما أدى الأمر فى النهاية إلى ضياع هؤلاء الأطفال وتشردهم فى الشوارع والطرقات وتحولهم لكائنات ينبذها المجتمع ويتحاشاها وينفر منها ذلك المجتمع الذى أنتجها فى الأساس وجنى عليها بالاستسهال فى الزواج والتسرع فى الطلاق.

فى حياتى المحدودة تلك والصغيرة أيضا رأيت نماذج هى أصغر مما فى هذا الحياة من نماذج ولا يعتد بها كمقياس بأى حال لكنها حالات حفرت بداخلى ذكريات ودروس حاولت عن نفسى أن أتعلم منها وأنتبه لها باستمرار. أكثر تلك الحالات مرارة وألما هى لمن كانت أحب الصديقات إلى قلبى يوما تلك الصديقة التى تتشارك معها الفتاة كل شيء حتى الحلم والألم والفكاهة وكل وأى شيء. صديقتى ما أن أوشكت على التخرج حتى أصيبت بهوس أنها تريد الارتباط بسرعة فقط لأن ابنة عمها التى تماثلها سنا قد تمت خطبتها وأوشكت على الزواج من رجل ميسور الحال جدا وعليه كانت كل تطلعات وأمانى صديقتى أن ترتبط هى الأخرى بمن هو أشد ثراء من زوج ابنة عمها، وتحول الأمر لمنافسة بين بنات العم صويحبات الأمس.

تخرجت صديقتى وبسرعة بحثت لها خالتها عن عريس، وبالفعل جاءها خاطب عن طريق أحد معارف تلك الخالة التى لم تكن تعرف عن الخاطب أكثر مما يعرف أهل الفتاة عنه وبسرعة تمت الخطبة وبسرعة أكثر تم الزواج رغم عوائق كثيرة وسلبيات عديدة اعترضت طريق هذا الارتباط الغريب فمع الوقت بدأت تتهاوى تلك الصورة المرسومة للعريس (الديلفرى) الذى كانت تتغنى به صديقتى وتضخم فى هداياه وممتلكاته فتبين أنه غير حاصل على شهادة جامعية، لكنها أصرت كذبا أنها محض افتراءات من العم وابنته غيرة منهم وكراهية للخير لها، ثم كان عمله محل غموض ولكنها أصرت أنه يعمل بمجال السياحة، وتزايد الغموض مع اقتراب الزفاف التى أصرت عليه الفتاة وأهلها حتى تم.
واليوم من كانت صديقتى هى زوجة لسائق على سيارة سرفيس داخلى وتعيش حياة صعبة وعلاقة غير متكافئة تغلفها المرارة والطموح والتطلعات التى لازالت مستمرة استمرار عيش صديقتى داخل دائرتها المزيفة والكاذبة فقط لتتحاشى ظنونها فى شماتة الآخرين فيها ولتتحاشى بجهد بالغ وقوع الطلاق وتشرد طفليها. نعم أنا آسفة جدا على ما سارت عليه الحياة معها تلك التى كانت فى يوم ما شديدة النبوغ والتفوق والطموح والشغف بروايات إحسان عبد القدوس ووليم شكسبير وبالكتب التى لم تعد تستهويها الآن ولا تتذكرها وربما لم تؤمن بها يوما، ربما.

وتجربة أخرى، عايشتها عن قرب شديد أيضا وتعكس مع الأسف مقاييسنا الغريبة والخاطئة فى اختيار شريك الحياة، كنت فى فترة دراستى الجامعية أقيم بالمدينة الجامعية للطالبات وحدث أن تمت خطبة فتاة أعرفها وقامت بدعوتنا لحفل خطبتها وحين سألناها عن خطيبها أخذت بفرحة غامرة ولهفة وزهو تذكر أنه وحيد أبويه فليس له إخوة ذكور وإن كان لديه أربعة أخوات إناث وأنها ستكون سيدة البيت وحدها دون أن يتحكم فيها أحد فوالدته سيدة مسنة أنجبته بعد زمن طويل من إنجاب البنات ووفاة مواليدها الذكور، ولذا قد أسموه شحات، وعلى مدار أسبوع كامل كان يسبق حفل الخطبة المنتظر كانت زميلتنا تلك تردد على مسامعنا أن عريسها وحيد وهى ميزة عند بعض الأهل لاسيما فى الريف والصعيد لها بريق وأهمية سيما لو كان هناك ما ينتظر هذا الخاطب ميراث سيكون له فى النهاية مع محاولة تهميش حق أخواته بدعوى أن بسلامته من سيحمل اسم والده ويفتح بيته.

مر الأسبوع ونحن نستمع لمدح وتفخيم زميلتنا تلك عن العريس الوحيد حتى جاء موعد حفل الخطبة وذهبت بعض زميلاتنا فى المدينة الجامعية للحفل وقضين إجازتهن الأسبوعية وعدن لتكون المفاجأة فيما حكته إحداهن أنها قامت لتهنئ العروسين وتلتقط صورة مع صديقتها العروس فسلمت على العريس وهى تبتسم وتقول: "مبروك يا أستاذ وحيد!!!" جن جنون الرجل وصفع عروسة المزهوة به لأنها حسب اعتقاده خجلت من اسمه فأخبرت صاحباتها أن اسمه "وحيد" بدلا من "شحات" لم تكن هناك من فرصة لتشرح أى منهما -العروس وصاحبتها-حقيقة الموقف فتلك تعلم حقيقته والأخرى لا تدرى ما الأمر الذى بسببه تصفع عروس بين الحضور!!. الغريب أن الخطبة تمت والأهل عذروا الرجل الذى له كل الحق طالما أنه الوحيد بسلامته. الأغرب أنه بعد عدة أشهر فسخت الخطبة والسبب أن العروس وأهلها اكتشفوا أن وحيد عصره هذا متزوج عرفيا من سيدة أقل ما يقال عنها أن الشبهات تحوم حولها بخصوص سلوكياتها وزيجاتها المتعددة!!!.

فسخت الخطبة التى كانت فرصة عظيمة بنظر الأهل وأقنعوا ابنتهم بذلك وهى لازالت بعد فى طور تكوين قناعاتها وثقافتها هكذا تجرى الأمور فى مصر عموما زواج مبنى على مكاسب مادية، وتدقيق فى رصيد الرجل وممتلكاته وليس فى خلقه وسلوكياته. هكذا تجرى الأمور فى أغلبها للأسف. والمحصلة نتائج فى أغلبها كارثية فإما حياة كالعدم وإما فراق يدمر حياة الصغار قبل أن يهدم حياة أبويهم.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة