أن تستريح فى حياتك، فهذا لعمرى فضلا ونعمة من الله، لكن أن تتحول راحتك واستراحتك هذه، لمصيدة، وفخ لاصطياد الأغبياء، فهذه خطيئة، المجتمع والدولة مسئولان بدرجة كبيرة عن استفحالها.
للمرحوم الدكتور "محمد خليل برعى" أستاذ الاقتصاد الكلى، تحليلا رائعا، قاله ثمانينات القرن العشرين، تحليلا واقعيا لأزمة شركات نهب أموال المصريين "توظيف الأموال": ظهرت تلك الشركات فى وقت قياسى ومناسب، وكانت أقرب فى وجودها لفكرة بلاعات الصرف الصحى الموجودة بالشوارع، تلك التى تقوم بتصريف الفائض من المياه، وإلاّ أصبحت قوة غاشمة أطاحت بما يقابلها ".
كذا، ظهرت شركات النهب المنظّم لأموال الناس "الخاصة" فى وقت زادت فيه مستويات السيولة النقدية بدرجة رهيبة فى الثمانينات، فى وقت عجزت فيه الدولة بجهازها المصرفى عن استيعابها، وفشلت قبلا فى التنبؤ بها، كان هناك من يترقب ويرى ما لا تراه الدولة بأجهزتها، فتحيّن الفرصة وتلاعب بمشاعر الناس وعزف جيدا على أوتار الطمع لديهم ,, فكان وكانت شركات نهب الأموال " التوظيف".
يظهر لنا كل يوم "مستريح" جديد، وهو لقب أطلقه الإعلام على كل من يستولى على أموال الناس وهى أرقام بعشرات الملايين، بوهم توظيفها لهم، وبطمع من الناس بالحصول على عائد سهل مغرى مريح، فحقت وصدقت مقولة "أن هذه أطماع التقت مع مطامع".
لكن ظهور هؤلاء "المستريحون" بصفة مستمرة وإصرار لأناس أيضا على إيداع أموالهم بين ايديهم برضائهم " رضاء المودعين " مع علمهم باحتمال ضياعها وإدراكهم بوجود قضايا نصب لآخرين فى نفس المضمار.
كل هذا يعنى أن ثمة خللا لدى من يُهرع لإيداع ماله، بوهم عائد أعلى أو أسهل أو غير ذلك، ونزعم أن الخلل يتجاوز فكرة فجوة الثقة فى الجهاز المصرفى بالدولة أو تدنى معدلات الفائدة والعائد على الإيداعات.
لعل المشكلة الأكبر ترتبط بنفسية هؤلاء، وترتبط فى البداية بمصادر هذه الأموال، التى تظهر فجأة وتنهمر على رؤوس المستريحين، فتسيل شهيتهم ولعابهم للاستيلاء عليها، وكيف لا وقد أتت إليهم فى عقر دارهم !
من المعضلات التى تؤرق كثيرين، أن الدولة تعانى من أزمات مالية واقتصادية تكاد تعصف بها، بينما البلد تغرق فى شلال من الأموال المنهمرة والمتدفقة من كل صوب وحدب، وتبحث عن منفذ أو مخرج.. وهى سيولة ربما لها دورا كبيرا فى الأزمة الاقتصادية القائمة.
لذا فظهور "المستريحون" ومن على شاكلتهم ومن قبلهم شركات توظيف الأموال "الأب الروحى" للنصب والنهب المنظّم لأموال الناس، يتم فى غيبة الدولة أو بضعف منها وتراخى وربما بغض الطرف عن كيفية توظيف هذه السيولة الرهيبة.
أموال - أرشيفية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة