ناهد زيان تكتب: ولغيرة النساء فعل الخنجر

الأحد، 27 مارس 2016 04:05 م
ناهد زيان تكتب: ولغيرة النساء فعل الخنجر صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى بداية دراستى الجامعية جلس عمى معى جلسة كلها اهتمام ومحبة لنصحى وإقناعى بدخول الكلية التى يراها نافعة ومناسبة لى ففعلت، وقمت بتحويل أوراقى من كلية الدراسات الإنسانية جامعة الأزهر قسم التاريخ إلى كلية الدراسات الإسلامية جامعة الأزهر قسم الشريعة الإسلامية. مكثت فى ذلك القسم أسبوعا كاملا أحاول فهم طلاسم وأحاجى المسائل الفقهية التى تشرح لنا من متون أمهات كتب أصول الفقه وما يماثلها، ولما فشلت فشلا ذريعا لأنى ممن يعتمدون أسلوب الفهم وليس حفظ النصوص الصماء فقد قضيت هذا الأسبوع أبنى جسورا من العلاقات مع الفتيات الوافدات من دول جنوب شرق آسيا من إندونيسيا وماليزيا وغيرهما تجذبنى إليهن طريقة نطقهن للعربية والحديث بها. ومنيت نفسى بأنى ربما فهمت شيئا حين أستلم أحد تلك الكتب التى حجزتها، لكن للأسف ما أن نزل كتاب أصول الفقه وسهرت عليه ليلة كاملة أحاول أن أفهم منه فقرة واحدة من المتن أو الشرح وكلاها بحاجة إلى إعادة شرح وفك لشفراتهما قررت العودة إلى الكلية التى اخترتها فى البداية وإلى القسم الذى لطالما حلمت بالانتساب إليه، وهو قسم التاريخ، وكان القرار الأهم هو ألا أجعل مخلوقا يقنعنى بما لا أقتنع به يوما مهما حدث ومهما كان ذلك الشخص .

بعد أن اتخذت قرارى رميت الكتاب جانبا عازمة ألا أفتحه ما حييت ثانية!!، وفى الصباح الباكر ذهبت إلى الكلية أطلب تحويلى لكليتى الأولى التى وبالمناسبة لم يكن ملف أوراقى قد فارقها بعد، غير أن سكرتيرة العميدة وقتها قد أسمعتنى ما أكره وقد ركبها مئة عفريت متمكن!! كيف لى أن أطلب ما طلبت وقد أوشكت خيام الامتحانات على التجهيز؟؟؟ فخرجت من عندها قاصدة بيت عمى الذى كان يقيم بالقاهرة وحكيت له ما حدث وطلبت منه مرافقتى للكلية لإقناع الموظفة بالتحويل ففعل جزاه الله خيرا، وذهبنا سويا فى نفس اليوم للكلية وقام عمى بشرح ملخص الموقف للسكرتيرة التى سمعته وهى مبتسمة كالقطة المشمشية الوديعة ثم ردت عليه بوداعة ورقة كما لو كانت "لينا" فتاة "السورسااااار" فى مسرحية "المتزوجون"!!! آه والله وأنا أقف مشدوهة لا أستوعب ذلك التحول الكلى والجذرى وفى ظرف ثوانى كانت قد دخلت للعميدة وحصلت منها على توقيعها على طلب التحويل، ثم اصطحبت عمى وهى تمشى بجواره كالفراشة وأنا خلفهما كالعنزة وذهبت لمكتب شئون الطالبات وبنفسها بحثت فى أكوام من طلبات التحويل حتى أخرجت طلبى القديم وأرفقته بطلب التحويل الثانى لكليتى الأولى، ثم وأخيرا أمدتنى باسم زميلة لها فى كليتى الأولى ستسهل لى العودة واستخراج الكارنيه وخلافه!! وبنبرة لينا فتاة السورسار ودعت عمى دون الالتفات لتلك العنزة المصاحبة له وأنا أموت غيظا وعجبا وتراودنى نفسى أن أقول لها: "على فكرة متزوج وعنده أولاد"!!!.

يومها سألت عمى لم هذا التباين فى المعاملة معى ومعك من قِبَل تلك الموظفة؟؟؟ أجابنى أنه ليس هناك أقسى على الأنثى من أنثى مثلها !!!.
والحقيقة رغم أنها عبارة صادقة وصادمة إلا أنها عبارة حين تصيب وتصدق تكون صادقة بمرارة ودموية ونتائج كارثية، وحين تخطئ تكون النتائج رائعة وجميلة بشكل فريد.

فالمرأة حين تقسوا على امرأة أخرى دون مبرر ودون حاجة فليس هناك أقسى ولا أسوأ منها كما حدث معى فى موقف كان كفيلا بتغيير مجرى حياتى حدّ عدم إكمال دراستى الجامعية. حين تفعل الأنثى ذلك تفعله ببصيرة عمياء وقلب أسود ونفس مريضة لا ترى إلا ذاتها وانعكاس صورتها فى مرآة الأنانية والكراهية.

حين تخطئ عبارة أنه ليس هناك أقسى على الأنثى من أنثى مثلها فإنها تنتج حالات جميلة من التناغم الأنثوى والمحبة اللامتناهية فهناك فى الحياة صديقات رائعات هن لبعضهن العون والسند والوطن بل والهوية أيضا. فى الحياة كم من أم هى واحة الأمان والسكينة وكم من معلمة هى التى غيرت مصائر وصنعت بحبها وذكائها معجزات لم يمحها الزمن ولا تقلبات الأيام، ومن النساء من يبذلن لبعضهن البعض كل التضحيات التى لا يمكن تصورها ولا توقعها ولكنها الأنثى حين تتجرد من معانى الغيرة والكراهية وتحيا على فطرتها الجميلة المعطاءة.

فمن النساء من تغار من بنات جنسها دون حاجة فتكره الجميلة لأنها جميلة رغم أن الجمال للروح حياة، ومنهن من تكره الناجحة المتميزة فقط لتفوقها رغم أنها هى نفسها ناجحة ومتميزة لكنها الغيرة التى تجعلها لا تحتمل وجود رفقاء فى درب النجاح.

أعرف من نوع النساء الغيورات واللاتى تأكلهن الغيرة ذاتيا صنوفا كثيرة فواحدة من بينهن تكره أنثى فقط لأنها تزوجت برجل كانت ترغبه هى رغم أن الاثنتين لم تلتقيا يوما قبل هذا الزواج، وراحت تلك الغيورة لسنوات ممتدة حتى اليوم لا تنادى الأخرى باسمها مهما حدث فتكتفى بالكلام معها بشكل هو كالتحقيق أقرب منه للحوار الراقى فتقول لها: كيفك، إزيك، أهلا، عاملين إيه؟؟ كرهتها لدرجة صعب معها أن تنطق اسمها ولشىء ليس لها دخل فيه فحولتها إلى "اللى ما تتسماش" كما تقول العامية!!! أمر محزن ومحير جدا أن تؤدى الكراهية والغيرة إلى إلغاء وجودك وطمس هويتك وأن يستكثر الآخرون عليك أمرا هو لك من قبل ولادتك حتى وهو اسمك!!!.

تدفع الغيرة الإنسان ليكره وإذا كره تجرد من أى موضوعية وإنصاف وسار فى دروب من التخبط تصل حدّ الخطيئة فى حق الأبرياء من طعن فى الشرف وتعد على حرماتهم والافتراء عليهم سيما النساء وأنا منهن أعرف أن غيرة النساء كالخنجر كما قال نزار قبانى تجرح وتذبح، تدمى وتؤلم وتعكر صفو العلاقات والنفوس والضمائر. عفانا الله وكفانا شرورها.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة