مروة جاد الله

بأى حال عدت يا عيد؟!

الثلاثاء، 22 مارس 2016 06:07 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى كل عام كان المشهد يتكرر يوم الاحتفال بعيد الأم فى طابور الصباح فى المدرسة، تبدأ الإذاعة المدرسية ويتسرب صوت الفنانة الراقية فايزة أحمد تشدو بكلمات نحفظها جميعا عن ظهر قلب «ست الحبايب يا حبيبة يا أغلى من روحى ودمى»، وتتداخل أصوات البكاء مع النغمات وسط مشهد موجع دائما ما كانت تختلط فيه لدى المشاعر ما بين الألم والحزن وبين الذنب والخوف، الألم والحزن تعاطفا مع من فقدوا أمهاتهم وبين الإحساس بالذنب، لأننى سأستمتع بحضن أمى فى نهاية اليوم، والخوف من أن أعيش نفس إحساس الفقد فى يوم ما.

مشهد تجسد من جديد أمامى فجأة بعد متابعة مشاهد جنازات شهداء كمين الصفا بالعريش، ومرت فى لحظات أمام عينى مشاهد أمهات شهداء مصر على مدى السنوات الماضية، لحظات تلتقطها الكاميرات لا تستطيع الكلمات التعبير عنها، والغريب هنا لماذا أعادت هذه المشاهد إلى ذاكرتى مشهد احتفال عيد الأم فى المدرسة؟!

الحقيقة أن منطق العقل يقول إن الإنسان يتقدم به العمر، وقد يمرض وفى النهاية يموت، صحيح قد تختلف الملابسات ولكن الجميع يدرك هذا ولكن أن تنقلب الآية، وتشاهد أم تدفن ابنها الشاب، مشهد يصيبنا جميعا بالصدمة، وبكل تأكيد هذا لا يتنافى مع إيماننا بمشيئة الله سبحانه وتعالى، ولكن القلوب تحزن، بالرغم من الإيمان بقضاء الله وقدره.

لا أعلم ولا أدعى معرفة مدى الحسرة والمرارة التى تعتصر أى أم تفقد وليدها، ولكنه بكل تأكيد هو الامتحان الأكثر قسوة فى هذه الحياة، وأعلم أن يوم عيد الأم الذى نحتفل به جميعا هذه الأيام يزيد من آلام الكثيرين ممن فقدوا أمهاتهم، ولكن ما تشعر به أم ودعت ابنها فى هذا اليوم هو إحساس لا يوصف لأنه وببساطة ضد طبيعة البشر ومنطق العقل، مع كامل الإيمان بأن لكل أجل كتاب.

الآن أتذكر مشاهد أمهات فلسطينيات أثناء تشييع جثامين الشهداء، أصوات الزغاريد دائما ما تسيطر على المشهد، قسوة ما بعدها قسوة نعم هم شهداء ضحوا بأرواحهم من أجل بلادهم متحدين عدوا غادرا محتلا، ولكن إحساس الفقد أقوى من أن نبحث للموت عن معنى أسمى وأرقى.

نعم أبناء مصر يواجهون عدوا خسيسا، وهى مواجهة لا بديل عنها، ولكن، إلى متى نواجه دون الاستعداد الكافى لتلك المواجهة؟! تكرار مشاهد الجنازات قد يحولها إلى مشاهد معتادة لدى الناس وبقدر ما يشعرون بالحزن يعتادونه كما فى دول أخرى حولنا وهنا مكمن الخطر.

والحقيقة أننى لم أستطع أن أتجاوز إحساس مئات، بل آلاف من الأمهات فى هذا اليوم، ربما هى محاولة لمشاركة كل أم فى بر مصر تعيش هذه الأيام فى انتظار من لم يأت.

وربما أدركت أخيرا أن هناك مشاهد أشد قسوة وأعمق تأثيرا من مشاهد طابور الصباح فى يوم عيد الأم فى المدرسة.

تحية إلى كل أم مصرية قوية مؤمنة بأن لكل أجل كتابا بنفس قدر إيمانها بأن من قتل يقتل ولو بعد حين.
وكل التحية لأمى هذه المرأة المصرية الصعيدية الأصيلة التى علمتنى، كما علمت أجيالا متعاقبة من طالباتها وطلابها كيف نحب الوطن بالأفعال لا بالكلام.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة