أمس الأول الثلاثاء كانت المرة الثانية التى ألتقى فيها المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، الأولى عندما كان وزيرا للبترول وأزمة الطاقة مشتعلة والحديث عن الاكتشافات الجديدة فى بدايته.
الفارق بين اللقاءين يبدو على وجه الرجل. فى المرة الأولى هو مسؤول فقط عن وزارة رغم أهميتها وحيويتها لكن المسؤولية أقل ومحددة، لذلك فالوجه كان أكثر إشراقا وأقل تعبا وإرهاقا. فى المرة الثانية تبدلت الصورة مع تبدل المسؤولية، فالمهندس شريف إسماعيل يتولى الآن رئاسة وزراء مصر وفى ظروف اقتصادية واجتماعية غاية فى الصعوبة. عبء ضخم وحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه مهول، ملامح الوجه لم تعد كما كانت وسط الأعباء والمسؤولية والأزمات والمشاكل رغم بعض النجاحات.
اللقاء مع رئيس الوزراء ومع بعض الإعلاميين مثل: الأستاذ صلاح عيسى والسيد ياسين ووجدى زين العابدين والدكتورة لميس جابر، والكاتبة الصحفية نور الهدى زكى، وأيمن كمال وكاتب هذه السطور استمر ساعتين، وكان فى غاية الوضوح والصراحة والمكاشفة، ونقل ما يدور فى الشارع وبين الناس البسطاء، وهو ما تسبب أحيانا فى إبداء رئيس الوزراء- الهدوء الذى يتميز به- بعض الغضب من الصورة المغلوطة عن الحكومة وانحيازها الاجتماعى، وعدم وجود رؤية واضحة لها.
لكن الرجل كان فى غاية الوضوح، واعترف بأن «الواقع مؤلم»، ويحتاج إلى المصارحة والمكاشفة على الطريقة الجورباتشوفية «الجلاسنوست» ولكن بشكل جاد تماما، فالناس والقوى السياسية والاجتماعية والأحزاب يجب أن يطلعوا على حقائق الواقع المؤلم، وتشارك فى وضع الحلول وتحمل القرارات والإجراءات التى قد تكون مؤلمة أيضا. الحقائق تقول كما أوردها على الحاضرين رئيس الوزراء، فالمصروفات من الموازنة العاملة تبلغ أكثر من 835 مليار جنيه، منها 218 أجور ورواتب موظفى الحكومة الـ7 ملايين موظف، و198 مليارا خدمة الدين المحلى، و240 مليارا دعم السلع والمواد الغذائية والطاقة، وما يتبقى تقريبا 166 مليار جنيه للإنفاق على التعليم والصحة والإسكان والخدمات وكل حاجة..!!
بالطبع لم يتهرب رئيس الوزراء أو يتنصل من مسؤوليات الحكومة وما ينبغى أن تفعله فى ظروف استثنائية مثل ما نعيشه فى الفترة الحالية من أزمات متراكمة فى أوجه الاقتصاد العديدة، سواء فى العملة، وزيادة الاستيراد، وتعثر الصادرات، وصعوبات السياحة. وأكد أن هناك إجراءات وخطوات لتحفيز الصادرات، وترشيد الاستيراد، وتشجيع السياحة.
الوضع إذن ليس مؤلما فقط لكنه «خطير» إذا لم نعمل وننتج ونعيد عجلة الإنتاج، وتزيد الصادرات، ونقلل من الاعتماد على استيراد ما لا يلزم.
رئيس الوزراء رحب بمقترح دعوة الهيئات الحزبية داخل البرلمان لوضع تصوراتها حول برنامج الحكومة، وطلب الحاضرون أن تتسع الدائرة لتشمل الأحزاب خارج البرلمان، لأن الهم واحد ومشترك بين الجميع، والحكومة الحالية ليست حكومة حزب أو تيار أو رئيس، وإنما هى حكومة المصريين، والجميع عليه أن يشارك حتى يحدث التوافق على برنامج الحكومة أمام البرلمان.
طوال اللقاء لم يرتفع صوت رئيس الوزراء إلا مرتين، فى الأولى وهو يرفض ما قيل عن عدم وجود رؤية للحكومة، مؤكدا أن رؤية الحكومة واضحة، وبرنامجها ينحاز للفقراء وللمواطن الغلبان، لكن ربما الحكومة غير قادرة على تسويق إنجازاتها وأفعالها، والثانية عندما أثار الأستاذ صلاح عيسى قضية قانون التشريعات الإعلامية، فطلب منه رئيس الوزراء أن تتحد جهود الإعلاميين على قانون واحد بدلا من قانونين.
لاحظت طوال اللقاء أن رئيس الوزراء كان أكثر استماعا وانصاتا وحريصا على تدوين كل الأفكار والمقترحات والأسئلة أيضا فى أوراق أمامه، ويوجه مستشاره تامر عوف لبعض المقترحات.
مجمل اللقاء يمكن تلخيصه فى تأكيد رئيس الوزراء على: انحياز الحكومة للفقراء، التركيز على محاور الصحة والتعليم والنقل والعشوائيات فى برنامج الحكومة، الرؤية واضحة تماما فى الانحياز الاجتماعى، الدولة تستعيد مواردها فى الأراضى والصناديق الخاصة، المشروعات الصغيرة والمتوسطة تحظى باهتمام الحكومة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة