أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات

ما وراء تهجيص «عكاشة»

الأحد، 28 فبراير 2016 07:14 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لماذا يفعلها النائب توفيق عكاشة فى هذا التوقيت؟ السؤال يتعلق بمقابلته للسفير الإسرائيلى فى القاهرة لمدة ثلاث ساعات تخللها عشاء خفيف قدمه «عكاشة» للدبلوماسى الصهيونى؟ البحث عن إجابة لسؤالى يفرض سؤالا آخر ومهمًّا، هو: هل يغرد عكاشة فى هذا الأمر تحديدًا خارج سرب الدولة المصرية؟ هل أتم لقاءه دون علم أحد ودون إخطار أى مسؤول؟

لو اعتمدنا على قول البعض بأنه فعل ما فعل من باب أنه حر فيما يريد، أو أن خطوته هى من باب حركات الاستهبال التى يحرص على تصدير نفسه بها إلى المصريين، فسنكون قد قدمنا له تبريرًا لفعله الأحمق، فالاتجاه نحو السفارة الإسرائيلية من شخص معلوم لدى الرأى العام وإجراء مقابلة علنية وإثارة الجدل والصخب حولها بهذا الشكل، تصورى أنه ليس صدفة، وأنه ربما يخفى شيئًا ما.

يلفت الانتباه فى خطوة «عكاشة» المضادة لكل ضمير وطنى والتى أسقطته كما أسقطت كل الذين ساروا على نفس النهج قبله وسيسيرون بعده، أنها جاءت قبل يوم واحد من ذكرى تقديم أول سفير إسرائيلى لأوراق اعتماده إلى الرئيس أنور السادات، كان ذلك يوم 26 فبراير عام 1980، وكان السفير هو «إلياهو بن إليسار»، وفى هذا اليوم قام شاب وطنى هو سعد إدريس حلاوة ابن قرية أجهور الكبرى مركز طوخ قليوبية باعتصامه الشهير فى الوحدة المحلية لقريته، مطالبًا بطرد السفير الصهيونى من مصر، ومطلقًا أعظم صيحة احتجاج على تطبيع العلاقات.

شق ما فعله «سعد» جدار الصمت الشعبى، وخدش الصورة التى أراد السادات تصديرها إلى العالم، وهى أن المصريين على قلب رجل واحد فى تأييد خطوة سلامه مع إسرائيل وإقامة علاقات معها، ولهذا نزل وزير الداخلية النبوى إسماعيل بنفسه إلى «أجهور الكبرى» بأوامر من السادات لإسكات هذا الصوت القادم من أعماق الريف المصرى بأى طريقة، وكان الرصاص هو «الطريقة»، ومن يومها يحوز «سعد» فى سجل التاريخ على لقب «أول شهداء التطبيع».

تحديد المواعيد فى عالم العلاقات بين الدول لا يخضع للصدفة، فبعض توقيتاته تستهدف بث رسائل مقصودة، وفيما يتعلق بالعلاقة بين إسرائيل ومصر، حين تتزامن المواعيد مع ذكرى تاريخية ما، فلابد أن نبحث عن الدلالة، ومن هنا فإن دلالات لقاء عكاشة والسفير الإسرائيلى المتزامن مع ذكرى استشهاد سعد إدريس حلاوة، تتخطى مجرد اللقاء بين «نائب برلمانى» و«سفير».

دعونا من الهلفطة والسفاهات التى قالها «عكاشة»، ومنها أنه بحث فى اللقاء حل مشكلة سد النهضة، عملاً بنظرية أن إسرائيل هى المتحكم الفعلى فى إثيوبيا، وإسقاط التحكيم الدولى الخاص بتصدير الغاز الذى كسبته إسرائيل، وتعويض ما حدث فى مذبحة مدرسة بحر البقر الابتدائية ببناء 10 مدارس.

هلفطة «عكاشة» ترى أن هذا التعويض من شأنه تعويض دم 30 طفلا استشهدوا يوم 8 إبريل 1970 نتيجة غارة إسرائيلية بطائرات فانتوم الأمريكية، وأثناء تلقيهم دروسهم فى المدرسة التابعة لمركز الحسينية محافظة الشرقية، وامتدت الهلفطة إلى مطالبته السفير بتعويض زراعة القطن التى دمرتها إسرائيل.

رد «السفير» على هذه الهلفطة بالترحيب قائلا: «إحنا موافقين وهنساعدكم وهبلغ الكلام ده إلى نتنياهو»، ولم ينس عكاشة أن يبادل «الكرم الصهيونى» بكرم منه فقال بـ«فنجرة» للسفير: «لو حليتوا أزمة سد النهضة هنديكم مليار متر مكعب من المياه».

وعملاً بالمثل القائل: «إذا كان اللى بيتكلم مجنون فيبقى المستمع عاقل»، فلنستقبل كلام «العكش» على موجة أخرى غير التى تحدث بها، لأن جراب الحاوى مازال يخفى أسرار ما وراء هذه الزيارة الملعونة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة