أسامة عبد الحميد يكتب: وشكيت للنيل أحزانى

السبت، 27 فبراير 2016 08:13 ص
أسامة عبد الحميد يكتب: وشكيت للنيل أحزانى نهر النيل

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وقفت على كورنيش النيل أتأمله وأتأمل ما حوله، فوجدت نفسى وسط زحامه غريباً حتى عن نفسى، وأشفقت على قلبى الذى امتلأ بالأحزان، فشكيت للنيل أحزانى لأخفف عما فى قلبى وأنفث أهاتى فى مياهه، لكنه أعرض عنى ولم يشأ أن يسمعنى، فطويت الآهة فى صدرى وأعدت اللوعة لقلبى وأثرت السكوت.

جلست أتأمل اللوحة الساحرة إلى أقامها الخالق حول ضفتيه، تلك اللوحة التى تجمعت فيها كل ما تملكه الطبيعة من مظاهر السحر والجمال، الأشجار التى تكاثفت بين أحضانه، والخضرة الفاتنة التى تتمايل مع مياهه، إن كل عاشق يرى هذه اللوحة يتخد منها نجوات أشواقه.

سبحانك ربى متعت أعين العشاق بالزهور وأنطقتها لهم بلغة الحب، وأنعشتهم بعبقها ليغسلوا قلوبهم من غبار الغريزة، وجعلت من هذا النهر جليساً لكل العشاق يؤنسهم ويناجيهم ويتأثر لأناتهم ويبعث فيهم الأمل، الأمل الذى أسمعه من تمايل الأغصان وحفيف أوراقها، يامن خلق الأمل واليأس وقدر الموت مع الحياة، يا باعث النور بعد الظلام ومخرج الفرح من الأحزان، يا من سر لطفك إحسانك، كيف أيأس وأنت ربى، كيف لا ينعشنى الأمل وأنت حسبى.

بعد قليل أحسست بأن النيل يصغى إلى ويسمعنى، فسمعت فى صمته العميق أرق ألحان الحب والحنان يصبه فى أذناى، فأحسست بسحره وسمعت فى هذا الصمت خفقات قلبى، أه من هذا القلب يخفق ويحس ويحن ويئن، سبحان من أودع فيه الحب، كل جاه الدنيا ومالها لا يساوى شيئاً مقابل خفقة من خفقات قلب محب، ونعيم الدنيا لا يساوى شيئاً أمام خفقة فرح فى قلب حزين.

إن الحب الذى يأتى به القلب ربما يذهب مع صحوة من العقل، فهذا سهل، والحب الذى يأتى به العقل ربما يذهب مع عاطفة من القلب، فهذا سهل أيضاً، اما الحب الذى يأتى به القلب والعقل معاً، فهو داء لا يذهب إلا بجنون أو موت، ورحمة الله لمن كان يعانى مثل هذا الداء.

بعد قليل رأيت صفحة النيل وكأنها تقول لى وقتك انتهى ودع غيرك يحدثنى، ووجدت نفسى مرة ثانية وسط ضباب الوحدة، لكنى اكتشفت أن صديقى الوحيد الذى لا يتحدث، بل يسمع ويكتم ولا يبوح، والوحيد الذى كبرت معه ولم يرحل.. النيل.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة