فى زمنٍ ليس بالبعيد كان يتباهى السياسيون ذوو التخضرم بمدى قدرتهم على توفير الاحتياجات الأساسية لمواطنيهم مُحقيقين ما يُسمى بالاكتفاء الذاتى لشعوبهم، والدولة التى كانت تمتلك اكتفائها الذاتى كنت تجد حكومتها تتفاخر فى المحافل الدولية بتجاربها مُقدمةً هذه التجارب كنموذج عملى لغيرها من الدول حتى تحذو حذوها.
فى العقود القادمة لن تُطالب الشعوبُ حكوماتها بتوفير الاحتياجات الأساسية فقط، فهذا المصطلح عفى عليه الزمن، العالم والشعوب يُدخلان أنفسهما الآن فى عصر الرفاهيات، والسياسيون الذين سوف يُمارسوا السياسية على شعوبهم ليرضى المواطن بوضع الدولة الراهن أى ما كان وقتها.. سيَضيع هؤلاء السياسيون هباءً وربما يندموا على الدخول إلى ساحة السياسة كمهنة احترافية، فالشعوب أصبح ينظر بعضها إلى البعض، ومَن لا يجد الرفاهية فى دولته تجده يُهاجر إلى دولة بها مؤشر الرفاهية كبير والباقٍ فى أرض دولته تجد حالة من الضجر تنتابه تجاه سياسيى دولته.
تعال الآن لنُتطبق حالة مؤشر الرفاهية تلك على وطننا مصر، ومن حُسن حظ الحكومة الحالية أنها الآن فى أمان ولن يُطالبُها أحدٌ بأى مستوى من مستويات الرفاهية، ولكن فى العقود القادمة ستُصبح الرفاهية مطلب أساسى ثابت ولن يكفى الحكومات فى العقود القادمة ملء الأرض تعليلاً أو كلاماً معسولاً فى خُطب رنانة هدفها عبور المراحل القادمة.
مصر الآن هى الدولة رقم 110 على مؤشر الرفاهية العالمى، والمواطن الآن يُطالب الحكومة بالأساسيات ولن يطلب غير ذالك فى الوقت الراهن، لكن هناك دول تتقدم فى هذا العالم بسرعات جبارة ودُخول الأفراد بها فى تزايد مُستمر، لذا من هنا وحتى العقود القادمة يجب أن نبدأ من الآن، فأنا أرى أن المأزق القادم لن يكون مأزق حكومة ولكن سيكون مأزق دولة بأكملها وهناك قوى مُتربصة بهذا الوطن ستنفخ وقتها فى الكير، وهذا "إنذار مُبكر" أضعه بين أيدى الحكومة الحالية لتبدأ فى إنقاذ حكومات قادمة، ولنتذكر سوياً أن الرفاهية لاحقاً ستُصبح حقاً أصيلاً ثابتٍ لكل مواطن.
محمد صبرى درويش
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة