ادعو معنا بالشفاء العاجل للكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل، الذى يعانى حالة صحية خطيرة، لم يدر بها أحد إلا من خلال ما كتبه الأستاذ صلاح منتصر فى مقاله، أمس الأول، بالأهرام، هل لم ينتبه المجتمع الصحفى والإعلامى وحتى السياسى لغياب ومرض الأستاذ والاطمئنان عليه وعلى صحته؟ أين أصدقاؤه المقربين وتلامذته الذين احتفلوا معه فى سبتمبر الماضى بعيد ميلاه الـ92؟ أين نقابة الصحفيين التى ينتمى لها الأستاذ هيكل؟ هل مرضه أمر عادى وخبر لا ينبغى الاهتمام به إلى هذه الدرجة؟ هل انشغلت الصحف والفضائيات المصرية عن صحة الأستاذ بما هو أكثر أهمية؟ ما هى المعايير الصحفية التى تتعامل بها وسائل الإعلام المصرية فى تجاهلها لخبر مرض رجل بوزن وقيمة وقامة محمد حسنين هيكل؟ هل آثر «الأستاذ» ألا يذاع الخبر فى مصر، وهو يعانى المرض منذ ثلاثة أسابيع، كما أشار صلاح منتصر، وفضل «الغياب الإجبارى» والاستئذان بمرضه عن قرائه ومشاهديه وتلامذته وأصدقائه، حتى لا يسبب لهم أى قلق أو إزعاج؟
الأستاذ هيكل ليس فردا لذاته، ولكنه يجسد فى شخصه ومكانته وقيمته وتاريخه وأفكاره وآرائه وكتاباته، أمة وجماعة ومؤسسة صحفية منذ أكثر من 70 عاما، هى عمر مشواره الصحفى فى بلاط صاحبة الجلالة. وليس مجرد صحفى يكتب فى مصر ويتابعه المصريون فقط، وإنما كاتب له وزنه وقيمته فى العالم العربى والعالم الخارجى، مهما تتفق أو تختلف معه أو تؤيده أو تنتقده، فيبقى هو الأستاذ واحدا من علامات الصحافة والكتابة المصرية منذ نشأتها، حتى صار مرادفا لها مع عدد آخر من كبار الصحفيين المصريين.
ونحن نؤيد ما دعا له الأستاذ صلاح منتصر فى مناشدة النائب العام المستشار نبيل صادق، للسماح لحسن هيكل الابن الأوسط للأستاذ هيكل والموجود خارج مصر، ربما فى دبى، لزيارة والده والاطمئنان عليه مع شقيقيه الدكتور على هيكل، وأحمد هيكل، فحسن هيكل من المطلوبين فى قضية التلاعب فى البورصة بعد ثورة يناير 2011.
ونحن بدورنا نناشد السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى بالسماح لابن الأستاذ بالقدوم لمصر وزيارته، فكما ذكر الأستاذ صلاح منتصر أن صحة هيكل تدعو للانزعاج والقلق، فهو يعانى من فشل كلوى، ومياه على الرئة، ولم يعد يذهب إلى مكتبه المجاور لشقته فى عمارة جوهرة النيل بالجيزة، وزادت آلامه فى الأيام الأخيرة حتى توقف عن تناول الطعام.
مهما تختلف مع هيكل وآرائه وتحليلاته وكتاباته، فلا يمنعك أن تقرأه وتتابعه وتقدره كقيمة فكرية أولا وصحفية ثانيا، وكل الذين انتقدوه ذهبوا مع الريح ولم يذكرهم أحد، وبقى هو «الأستاذ» شامخا كبيرا يرميه منتقدوه بحجر، فيلقى هو بأطيب الأفكار والكتابات، مهما كان حجم الخلاف حولها أو الخلاف معه.
وأتذكر أننى قابلته مرة بالمصادفة فى جمعية التشريع بميدان الإسعاف وكان الكاتب سمير رجب يهاجمه بشدة فى عموده اليومى بالجمهورية، وأيضا الراحل الدكتور عبدالعظيم رمضان، فسألته لماذا لا ترد يا أستاذ، فرد: «لست منشغلا بالرد، دع من يكتب كثيرا لعله يتعلم أكثر». وعند بلوغه الثمانين أعلن ما سماه فى صحيفة الأهرام بـ«الاستئذان فى الانصراف» للتوقف عن الكتابة، بعد مشوار صحفى امتد 60 سنة، بدأ فى صحيفة إيجيبشيان جازيت عام 1942 ثم روزاليوسف، وأخبار اليوم، وآخر ساعة التى رأس تحريرها عام 1951 فى سن 28 سنة، ثم الأهرام عام 1957. لم يقنع الرأى العام فى مصر والعالم العربى بمسألة الاستئذان، فالكاتب لا يستأذن عن الكتابة ولا يقرر فجأة حرمان قرائه من المعارضين والمؤيدين له من كتاباته وأفكاره، ويبقى كالأشجار لا تموت إلا واقفة.
ندعو الله أن يمن على الأستاذ هيكل بالشفاء العاجل، ونسأله أن يمتعه بالصحة والعفو والعافية.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
يارب تكون مصر اعظم دولة
دراويش النكسة