كلما عرجت على الحى القديم، أتذكر هذا الرجل، كان أشدّنا بؤسا وأكثرنا تفاؤلا وإقبالا على الحياة، ولم نعرف سببا يدعوه لهذا، ما زاد من حنقنا عليه وغيظنا منه، فتقاربنا معه لمعرفة سبب سعادته المفرطة رغم فقره المدقع وديونه التى يئن من حملها العصبة من الرجال.
وسألناه فكان يبتسم لنا ثم تنقلب الابتسامة إلى ضحكة عالية تجلجل فترتج لها أبواب ونوافذ البيوت المتهالكة بالشارع، ويتركنا وينصرف مترنّما بأغنية أو ملقيا علينا ببعض أبيات شعرية سخيفة .