اختفى فجأة، وبالأحرى لاحظنا ذات يوم أنه غير موجود بيننا، وذهبنا إليه فى حانوته الصغير على ناصية الشارع، نبحث عنه فوجدناه مغلقا ويعلو بابه التراب دليل أنه لم يُفتح منذ فترة .كان يعيش بيننا وحيدا فى حانوته إذ كان محل عمله وإقامته فى ذات الوقت رغم صغر مساحته .
لم نراه يوما عابسا أو ساخطا، لم تفارق الابتسامة شفتيه، لم نسأل ماذا يبيع فى حانوته، ولم نرى أحدا يشترى منه شيئا، كان هادئا حتى رأيناه وُجد بالمكان الخطأ فهو كان الاستثناء فى حيّنا، كما اعتبرناه لا ينتمى لعالمنا، إذ كان بيننا وبين الفقر والسخط علاقة وثيقة تقترب من علاقة الدم أو النسب، على عكس حالته، وقد عاش بيننا سنوات كثيرة، حتى جاء يوم لا نعرفه، تنبّهنا لغيابه، فبحثنا عنه فلم نجده، كما وجدنا حانوته مغلقا يعلوه التراب ونسيج عنكبوت .
وقد تطوّع أحدنا لسؤال الجيران بالشوارع الجانبية، فأنكروا جميعا معرفتهم بالرجل أو بحانوته، ومنهم من سخر من وجوده أصلا، ومنهم من أكد وهو يقسم بأغلظ الأيمان بأن هذا الحانوت مغلق منذ عشرات السنين ولا أحد يقطن به، وقد نعتنا سكان الحوارى والشوارع المجاورة بالجنون وأننا نبحث عن سراب ووهم من صنيعة مخيّلتنا .