سألتها عن سبب تأخرها فقالت أنها كان عليها قضاء بعض المشاوير الضرورية، فبعد أيام قليلة سوف ينتهي دورها وتصبح ذكرى في قلوب من أحبوها.
عرفت 2016 قبل أن يعرفها بقية البشر، تنبأت بها ولا أدعي أن نبوءتي كانت صحيحة.كانت أذكى مني بكثير، وعدتني بتحقيق الأحلام و المفاجئات السعيدة والأخبار السارة، حتى إطمأن قلبي واستراح عقلي من التفكير وصدقت كل ما قالته لي عن السعادة التي تحملها لي الأيام المقبلة. وكيف لا أصدقها وهي التي تخبئ في جعبتها كل الأسرار التي لا نعرف عنها شئ!.
وبالفعل جلست شاردة الذهن في صباح اليوم الأول من يناير أتخيل أجمل الأيام وأسعد اللحظات وأرى نفسي سعيدة هانئة، أعيش أجمل لحظات حياتي.
حلمت وحلمت حتى اختلط الواقع بالحلم فلم أعد أعرف هل أنا أحلم أم أن ما أعيشه الآن هو الواقع. لم أفق إلا عندما رأيت 2016 مرة أخرى أمامي تسأل عن أحوالي فقلت لها أنني بأحسن حال مادامت هي راضية عني وعازمة علي الوفاء بوعودها. تركتني وذهبت بعد أن طمأنتني أن القادم أجمل.
مر الشهر الأول وكان به من الأحداث السعيدة ما جعلني أتفائل بصديقتي الجديدة 2016 وأحمد الله على أنه جعلنا أصدقاء منذ الثانية الأولي من ولادتها.
مرت الأشهر التاليه وأنا في حالة ترقب، أنتظر ما وعدتني به صديقتي ، أنتظر تحقيق الأحلام والمفاجئات السعيدة حتى انتبهت أننا مازلنا بالربع الأول من العام ومن غير المعقول أن تتحقق كل الأحلام في هذا الوقت القصير، فرحت أواسي نفسي بالصبر وأردد دائماً مقولة صديقتي، أن الأشياء الجيدة تأتي لمن يصبرون.
وها نحن اقتربنا من النصف الأول من العام وحالتي تزداد سوءاً، عاصفة رعدية ألقت بظلالها على حياتي، لا ليست عاصفة، للإنصاف أنها مجموعة عواصف. صرت لا أدري ماذا أفعل، تحطمت أحلامي وتملكني اليأس. شبح الإكتئاب يطاردني، أحاول أن أهرب منه، أنجح أحياناً وأفشل أحيان أخرى. أصبحت كمن فقد سيارتة في منتصف صحراء موحشة، لا زرع ولا ماء ولا مفر سوى الإستسلام.
استسلمت وخارت قواى ولم أعد أقوى على المواصلة. أما تلك اللعينة التي ظننتها صديقتي فكأنها لم تكن موجودة، لا حس ولا خبر، لم أرها ولم تعد تأتيني بالبشارة كما تعودنا. تركتني واختفت.
عزمت أمري على أن أنهض مرة أخرى واستجمع قواي وأواجه هذا العالم الذي ظننت أنه سوف يحنو علي. وضعت خطة محكمة للقضاء علي أى وحش مفترس يفكر في الدخول إلى قلاعي المحصنة. اليأس والإحباط والإكتئاب، ثلاثي الدمار الشامل، لن يستطيعوا النيل مني مهما حاولوا. وبالفعل بدأت في تنفيذ خطتي.
ولكن باءت محاولاتي بالفشل وسرعان ما وقعت فريسة للإحباط والإكتئاب مرة أخرى، أقضي اياماً في سريري عاجزة عن الحركة حتى ظننت أن الحياة قد انتهت وأن صديقتي المدعوة 2016 قد خدعتني وألقت بي في بحار اليأس.
تمر الأيام وتمضي بخطى ثابتة نحو الربع الأخير من العام ولا أرى سوى سحابة حالكة السواد تعصف بحياتي. جاءتني 2016 لأول مرة منذ أكثر من تسعة أشهر، وبختها ونعتتها بأبشع الصفات ، لا أذكر بالتحديد ماذا قلت، ولكني لم أترك شيئاً بداخلي لم أقله. كانت مندهشة إلى أبعد حد ، حاولت أن تهدأ من إنفعالي ولو قليلاُ ولكنها لم تفلح . مرت دقائق وأنا منفعلة حتى أنتهت نوبة الغضب التى اجتاحتني ورأيتها تبتسم وكأنها لم تفعل شيئاً.
لماذا تضحكين؟ سألتها. قالت : ما الذي أخبرك أن كل ما أقوله يتحقق. أنا مثلي مثلك. أتوقع الخير فإن أتى فالحمد لله علي كل شئ وإن لم يأت فالحمد لله أيضاً.
بدأت تتحدث وأنا واقفة في ذهول أراقب ما تقول وأنصت جيداً لعلي أفهم شيئاً ولكن هيهات، لم أفهم كلمة مما تقول. ألستِ انتي من وعدتيني بجنة الله على الأرض!
قالت في هدوء: ما لم اخبرك به هو ألا تصدقي كل ما تسمعين. إننا لا نكافئ أحداً والجنة لا تأتى لمن ينتظرها بل لمن يعمل من أجلها. السعادة ليست إختيار كما يقولون، ولكنها حرب شرسة يخوضها من يسعى إليها ولا يهدأ إلا بعد أن ينتزع لحظات أو دقائق قليلة من السعادة التي تشفي غليله وتعوضه عن سنوات الحزن والكآبة. إنتزعي السعادة من الدنيا ولا تنتظري أن تأتيك من دون جهد. ولا تغضبي إن كانت لحظاتها معدودة فهذا هو ما يجعلها غالية أما الحزن فهو متوفر، تجدينه في كل مكان لذلك لا يبحث الناس عنه. عامك القادم ليس سوى إنعكاس للجهد الذي تبذلينه لتحقيق ما تتمني وكلما كان جهدك أكبر كلما كافأتك الدنيا بسعادة لا يضاهيها شئ.
ولماذا لم تقولي لي هذا من قبل؟ سألتها. قالت: ظننتك ستفهمين هذا وحدك وعندما وجدتك غارقة في الكآبة والحزن تأكدت أن الوقت قد تأخر لمساعدتك فقررت أن أتركك تواجهين مصيرك في ما تبقى من العام.
شكرتها وانصرفت أنا إلى ما كنت أفعل وعندما فكرت أدركت أن ما قالته صحيح ولذلك لن أطلب من العام القادم أن يكون سعيداً بل سوف أخلق أنا السعادة التى أرتضيها. ربما أنجح!.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة