محمود حمدون يكتب : ما زلت أنتظر عودته

السبت، 24 ديسمبر 2016 06:00 م
محمود حمدون يكتب : ما زلت أنتظر عودته أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

بينما كان الليل يقترب فاردا أشرعته على الكون، إذا بصوت جرس الباب قطع علينا الصمت، صوت متصل كأنما صاحبه يُصرّ أن يقض مضجع السكون .

أسرعت إلى الباب لأستطلع من القادم، فوجدت طفلا صغيرا دون السادسة من العمر، يرتدى جلبابا أبيض طويلا يغطى أقدامه وأكمامه تغطى يديه فلا تظهر أطرافه، أسمر البشرة واسع العينين، تدور فى محجريها فى حيرة لا أدرى لها سببا، ويعتمر طاقية بيضاء من نفس قماش الجلباب، تغطى رأسه بالكامل حتى أذنيه .

خُيّل أننى أعرفه منذ قديم، هيئته الغريبة، ثم صعوبة الوصول لجرس الباب لمن فى مثل سنه وطول قامته الصغيرة، دفعنى هذا لسؤاله عمّن يكون؟ ومن أرسله إلينا فى مثل هذا الوقت؟ وكيف طاوعه قلبه أن يُرسل طفلا حدثا صغيرا كى يعبر المدخل المظلم للبيت صاعدا سُلّمه الخشبى العتيق؟

لم يمهلنى الطفل كى أستغرق فى تساؤلاتى كثيرا، فأتانى صوته من بعيد كأنما يأتى من بئر عميق وانسابت الكلمات من فمه مفسّرة كثيرا مما غمُض على من أمور، على غرابة حديثه ومنطقه فى الكلام فلم يفتح فمه بكلمة واحدة، فقط عيناه التى تدور فى محجريهما ذات اليمين والشمال والحيرة البادية عليه، ومع هذا كنت قادر على الإلمام بما يقول والإصغاء جيدا لما ينطق . مر الوقت حتى نادى من الداخل أحدهم مستفسرا، فرجوته التريث برهة حتى أعود، التفاتة قصيرة لا تتعدى ثانية من الوقت، وعدت برأسى للطفل فلم أجده، تبخّر كأنما لم يكن، هبطت سريعا فى الظلام حتى وصلت للباب الخشبى الخارجى للبيت فوجدته موصدا من الداخل بالمزلاج القديم الموجود بأعلاه، جاهدت حتى فتحته وعبرت للشارع فلم أجد سوى ظلام وهواء بارد، وما زلت أنتظر عودته.

 

 







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة