حتى وقت قريب ومن سنوات كانت منابع التطرف وطرق غسل أدمغة الشباب متمثلة بصورة كبيرة فى كتيبات وأشرطة كاسيت وخطب ودروس لأئمة متشددين مصحوبة بلقاءات وحوارات غسل الأدمغة، وهذه طرق تقليدية الآن، فقد استفاد هؤلاء المتطرفون من مصادر أخرى حديثة فى الفضاء الإلكترونى، والغريب حقاً الآن أن نحصر تجفيف منابع التطرف فى تعديل المناهج الدراسية أو الاهتمام بخطبة الجمعة، وبرغم أنه لا يمكن إهمال أهمية مراجعة المناهج الدراسية، وكذلك لا يمكن التغافل عن تأهيل الإمام فى المساجد، ولكن يجب الاهتمام بقدر أكبر بالمنابع الحديثة والموجودة فى الفضاء الإلكترونى، فيجب إيجاد طرق قانونية وحاسمة للتعامل مع المصادر الخفية للفكر المتطرف وهى فيديوهات "اليوتيوب"، خصوصاً وكذلك لابد من وقفة حاسمة لمواقع التواصل الاجتماعى ومواقع الشيوخ المتشددين ففيها الازدراء من كل نوع وشكل، ففيها تكفير المخالف سواء مسلم أو غير مسلم، وازدراء غير المسلم واعتباره كافراً يباح أخذ ماله، والقول بأنه لا يجوز التعامل معه من إلقاء السلام عليه أو تهنئته فى أعياده، وكذلك الاعتقاد فى مشروعية هدم الكنائس، وتكفير من يعاون الحاكم فى وظائف معينة وهى الشرطة والجيش والضرائب وغيرها.
فهذه الوسائل الحديثة فيها سم قاتل وأضرار خفية والتصدى للفكر المتطرف فى وسائل الفضاء الإلكترونى يعد جهادا مشروعا ولا يقل عن الجهاد بالسلاح، فعلى الدولة إيجاد أى طرق لمنع ظهور الفيديوهات وصفحات التواصل الاجتماعى والمواقع والقنوات الفضائية الحاثة على نشر التطرف، ويجب ألا نحصر المسألة كلها فى تعديل المناهج الدراسية وخطبة الجمعة فتأثيرهما ضعيف جداً بالنسبة للمنابع الأخرى، فخطبة الجمعة حصتها الوقتية لا تتعدى ساعة فى الأسبوع.
أما المنابع الأخرى الحديثة متاحة بدون موعد ولا استئذان، وهذا الأمر قد تنبهت له دار الإفتاء المصرية منذ فترة طويلة، فقد اهتمت بالفضاء الإلكترونى فصفحتها الرسمية على الفيس بوك تخطت الــ 5 ملايين متابع، ومازالت تساير وتواكب الجديد، فقد أنشأت مؤخراً عدة صفحات باللغة الإنجليزية لكشف شبهات داعش سواء للمرأة أو لأخواتنا المسيحيين حتى قبل حادث الكنيسة البطرسية، فتحية عطرة لفضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، ولمستشاره الدكتور إبراهيم نجم على هذه الرؤية المتفتحة والمسايرة للتقدم.
حفظ الله مصر وشعبها وكل محب لها