قرأت لك.. كتاب "عَودٌ على العود" : تحريم الغناء ليس لأسباب دينية

الجمعة، 16 ديسمبر 2016 07:00 ص
قرأت لك.. كتاب "عَودٌ على العود" : تحريم الغناء ليس لأسباب دينية غلاف كتاب "عَودٌ على العود"
قرأت لك ــ أحمد منصور

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

"أكثر الأسئلة إلحاحا فى الموسيقى العربية هى تلك الأسئلة التى ترجع ممارسة الموسيقى عزفا وغناء، وتقبلها عند العامة، إلى اعتبارات اجتماعية ودينية، فالنظرة التى تناقلها الرواة عن الإسلام حيال الموسيقى غير واضحة وفيها غلو وشطط فى فهم ما قد يكون مقتصرا على حدث بعينه فى سياق بعينه، من دون أن تنسحب النظرة والفكرة على الغناء ككل"، هذا ما يراه كتاب "عَودٌ على العود" للدكتور نبيل اللو.

ويستدل الكاتب على رأيه، بأن أول مؤذن فى الإسلام رفع الأذان فى أول مسجد بناه المسلمون فى المدينة هو سيدنا بلال، والذى اختاره الرسول الكريم"ص"، لحلاوة صوته وطلاوته، كما أشار إلى استقبال أهل المدينة للنبى الكريم محمد "ص"عندما جاءها مهاجرا من مكة هربا من بطش أهلها وكيدهم له، إذ استقبله أهل المدينة يضربون بالدفوف وهم ينشدون مقدمة "طلع البد علينا"، وقد أصبح إنشاد هذه الأبيات فى المناسبات الدينية أمرا مألوفا جدا يذكر بهذا الحدث الجليل الذى اعتمد بداية لتأريخ التقويم الإسلامى، ولم يذكر أحد من المؤرخين أن الرسول قد استهجن هذا أو أنه ألمح إلى شىء من هذا بل كان الاستقبال الحاشد الحافل الذى لقيه النبى بردا وسلاما على قلب محزون.

ويتابع المؤلف، كما أن هناك أمر ثالث أردا الكاتب أن يوضحه لخدمة السياق هو أن الكتاب الكريم كان يتلى منغَما يظهر حلاوة مبناه ومعناه عند المتلقى المؤمن، ومازال عندنا كذلك، وتشهد التسجيلا الكثيرة المتداولة المرخصة تفضيل بعض الناس بعض القراء على بعضهم الآخر، معيارهم كلهم فيه حلاوة الصوت والأداء وحده.

واستعرض الكاتب لما سبق ليبرهن على أهمية جمال الصوت والإنشاد فى الدين الحنيف، مؤكدا أ، النفور من الغناء الماجن فهذا أمر لم يختص به الإسلام وحده بل يرفضه كل دين وكل ذوق سليم ، ولا داعى لأن نجعل من نظرة الإسلام إليه رأيا ينسحب على الغناء فى حياتنا.

ويقول الكاتب لعل السياق الذى نتكلم عن يجعلنا نرجع كثيرا مما قيل فى الغناء إلى أسباب اجتماعية عناصرها أهل الصنعة ومادتهم والمكان الذى كانوا يظهرون فيه بضاعتهم على جمهورهم من الناس، ظهر الإسلام فى مطلع القرن التاسع فى بيئة صحراوية قبلية عشائرية تعتمد على التجارة والرعى والترحال، طابعها المدينى ضعيف قياسا إلى طابعها البدوى، وقتئذ لم يكن هناك عمران بالمعنى الخلدونى للمصطلح إذ إن العمران باستقرار بناه التحتية والاجتماعية والاقتصادية هو الذى يبعث على الفن ويروج له ويرعاه، وكان الغناء لصيقا بأماكن اللهو ومصحوبا بالشراب والرقص وصناعة القنينات المغنيات الراقصات، ولم يكن الطقس إذن طقسا فنيا بقدر ما كان طقسا ترفيهيا، فلا عجب أن ينظر إلى هذا كله بمجمله نظرة دونية.

وأكد الكاتب أن الغناء تاريخيا عند العرب كان فى أغلبه الأعم، خصوصا فى الفترة الأولى التى أرخ فيها الأصفهانى فى الأغانى، مرتبطا بسلوك اجتماعى، حيث اقترن الغناء بأماكن اللهو، وكان هذا من الناحية الاجتماعية، أما من الناحية الدينية، فقد نظر الإسلام على الأقل فى بداية انتشاره، إلى الغانء على أنه يلهى عن ذكر الله، فى وقت كان شغل الإسلام الشاغل تثبيت دعائم رسالته، كما أن موقف النبى "ص" فى الغناء غير جازم، إذ لا تحريم له صريحا ما دام لا يخرج من مضمون شعره عما يخالف أخلاق الدين الجديد.

ويرى الكاتب أن فكرة التحريم فيها مبالغة وشطط وأن للجانب الاجتماعى فيها نصيبا أكبر من جانبها الدينى الذى ظل فى إطار سياقاته التى يجب أن ينظر إليها منها، ولا شك عندنا فى أن العنعنة فعلت فعل كرة الثلج، وأن غياب الحوار الاجتماعى المفتوح لردح طويل من الزمن أدخل الموضوع فى دائرة المحرمات والبدع فأخرجه بذلك النقاش.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة