أليس غريبًا علينا، أنه كل من ينجح ويتميز فى مجال، ويحقق فيه ذاته، أن يبحث له عن موطن آخر يعيش فيه، ويثبت فيه ذاته، والواقع أن البعض قد يأتى بهذه السلوكيات نتيجة تعرضه لظلم بَيِّن فى وطنه، أو لعدم قدرته على إثبات ذاته وقدراته فيه، وحينما يُعرض عليه العروض المغرية، لا يتوانى عن الهرولة إليه؛ حتى يجد ذاته المسلوبة منه، وهذا بلا شك فيه لا غبار عليه؛ لأنه يرفض أن يظل مهمشًا فى الحياة، ولكن المشكلة هى، لماذا نحن لا نعرف قيمة مواردنا وقدراتنا، إلا حينما تهرب منا، وتذهب لغيرنا، لماذا لا نحتضن كل قيمة لدينا ونُثريها ونساعدها على الابتكار، ولماذا نُصر على الغشاوة التى تُعيق نظرنا عن رؤية ثرواتنا، وهل نسينا المثل القائل: "جُحَا أولى بلحم ثوره"، فهل كان جحا أذكى منا فى سلوكه؟.
فهذا المثل يحكى عن أنه فى أحد نوادر جحا قام باستدعاء جيرانه ليطُعمهم من لحم ثوره، وطلب منهم الجلوس فى صفوف منتظمة، ثم مر عليهم يقول للشيخ إنه لن يتمكن من هضم لحم الثور، وللمريض أن لحم الثور سيمرضه، وللسمين أنه ليس بحاجة للحم، وللشاب أنه قوى ويمكنه الانتظار بعد توزيع اللحم على الفقراء، وفى نهاية اليوم طلب من المدعِّوين الانصراف، قائلاً: "جُحَا أولى بلحم ثوره".
ليتنا نشعر بذات الأحاسيس تجاه كل ما نملكه ونغار عليه، ونسعى بشتى الطرق للاستحواذ على ميزاته وقدراته، بدلاً من أن نتركها وندعها تذهب لغيرنا ويستفيدوا منها، ثم نشعر بقيمتهم ونعود ونبحث عنهم من جديد، أليس من الأفضل أن نكون أولى بلحم ثوره.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة