تخيل أن حياتك هى مجرد لعبة إلكترونية أنت بطلها، يحركك صاحب اللعبة كما يشاء وما عليك إلا تنفيذ الأوامر فقط، ليس لديك أى حرية للاختيار أو التجربة بنفسك، فأنت لا تعرف أى شىء عن الحياة وصعوباتها ومشاكلها، وكيف تعرف وأنت دمية إلكترونية فى نظر الجميع، لا داعى للدهشة فأنت من جعل المجتمع والناس يمسك بدرع اللعبة ويتحكمون فى حياتك.
المستوى الأول: مازلت صغيرا لا تعرف شيئا عن الحياة، عليك اختيار هذه الكلية لتضمن مستقبلك، وتكسب الكثير من الأموال من وراء عملك فى هذا المجال، وتحقق مركز اجتماعى مرموق، وتثلج قلب العائلة بأكملها، وتفسد كيد الحاقدين والشامتين، فقد سافر ابن خالتك إلى دبى، وعملت بنت عمك فى بنك أجنبى، حتى ابن جارك اشترى سيارة فخمة بعد عمله بسنتين فقط، لا تخيب أملنا أرجوك، وبضغطة زر تصعد درجات سلم الجامعة، وتبدأ سنوات الدراسة التى تعايشها أنت وليس غيرك بما فيها من مناهج وتفاصيل كثيرة قد لا تستمتع بها، المهم أن ترضى الجميع وتحقق أحلامهم فيك، لينتهى المستوى الأول وتسمع أصوات التصفيق والتهليل والفرح.
المستوى الثانى: هذه هى عروسة المستقبل وهذا هو فارس الأحلام، لا تفكر كثيرا، فحياتك مع هذا الشخص هى الأسعد والأجمل على الإطلاق، وسيكون لديك أسرة صغيرة سعيدة من حولك، دعنا نفرح ونرد كيد الأعادي، لا تعترض لتحزن قلوبنا ونموت قبل أن نرى هذا اليوم، لعلك الآن تخاف أن تظل وحيدا فى هذه الدنيا، ولن تجد من يناولك كوب الماء بعد أن تتقدم فى العمر، هيا لتتزوج، الورود تتناثر من حولك والزغاريد والرقصات تحاصرك، نعم.. لقد اجتزت المستوى الثانى بنجاح
المستوى الثالث: الآن هنيئا لك انتقالك إلى المستوى الثالث من اللعبة ومقابلة "التنين" المنتظر، أبنائك يسألونك النصح والتوجيه والإرشاد، وأنت لا تزال تتلقى الأوامر وتحترم قواعد وقوانين اللعبة المدرجة تحت عنوان "الأصول" و"كلام الناس"، ولا تعرف من أنت؟ وماذا فعلت؟ وماذا تريد؟ لا تعرف شيئا عن نفسك، لا تعرف كيف تصر على هدف أو حلم وتحققه بالفعل؟ فكيف تصبح مسئولا عن غيرك وأنت المطيع الخائف الذى لم يفعل أى مغامرة أو يدلى برأيه فى أى شىء؟
إذا أردت نهاية أخرى لهذه اللعبة فشد أيادى من يحركك الآن.. اخرج من شاشة اللعبة واصنع أنت لعبة حياتك... لا تتزوج لمجرد أن الزواج أمر حتمى، فقد تصبح أسرتك هشة غير مستقرة، لا تلتحق بكلية لا تناسب طموحك، ولا تعمل فى أى وظيفة تسعد الآخرين بينما لا تحقق سعادتك أنت، اخلق الحياة التى تتمناه فلن تعيش سوى مرة واحدة فقط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة