فى أواخر القرن الماضى كانت لأمريكا شعبية جيدة فى الشرق الأوسط، ترتكز هى عليها، وكان لهذه الشعبية تأثير كبير فى صُلب قرارات المنطقة، فكان رد الفعل الأمريكى حول قضايا الشرق الأوسط هو الصانع الأول لتوجه الساسة فى الشرق الأوسط نحو تحرك بعينه دون غيره، حتى عام 2000 م، وكان مصطلح "ماما أمريكا" هو السائد، ولنكن أكثر إنصافاً أن الشعبية الأمريكية فى هذه الفترة كانت تعنى "التبعية".
بعد عام 2000م أحس الساسة فى الشرق الأوسط أن التبعية هذه تضر أكثر ما تنفع، فمصالح بلادهم تُضار نتيجة لسلك الدرب الأمريكى، وكانت الشعبية فى هذه الفترة تُوصف بأن الساسة سيسيرون فى طريق الأشواك أملاً أن يجدوا فى نهايته حِزمة مصالح تُفاد بها شعوبهم، أى أن الشعبية هنا كانت "تبعية بلا رضا".
واستمرت هذه التبعية بلا رضا حتى عام 2004 م، وتحديداً بعد غزو العراق، أحس الساسة فى الشرق الأوسط أن هذه التبعية "مُهلكة"، وأنه لا حِزمة من المصالح ستتوفر لاحقاً، وبدأ الحذر من الشعبية الأمريكية وبدا مصطلح معارضة القرار الأمريكى يتخلل الشرق الأوسط.
وظل الأمر هكذا حتى أتت ما تسمى بحروب الجيل الرابع وتحديداً فى أواخر 2010 م، وانتشار مصطلح الربيع العربى، وهنا ضاعت الشعبية الأمريكية من المنطقة برمتها، وبات مصطلح البقاء هو المُسيطر على فكرة الساسة دون النظر لرد الفعل الأمريكى.
فى يوليو 2013 م حدثت المفاجأة فى الشرق الأوسط، فثورة المصريين الكبرى صنعت "كابينة قيادة" جديدة للمركب السياسى فى الشرق الأوسط بعدما عطلت كابينة الأمريكان فى القيادة، وبات الأمريكان يرون أنه لا تأثير لقراراتهم فى الشرق الأوسط إلا باستخدام وسائل ضغط قاسية .
أقول هذه المقدمة الطويلة حتى يعرف "ترامب وإدارته" أن الشعبية لا تُبنى على مصالح طرف فقط وإنما تُبنى على مصالح الجميع، وأنه مهما كان سلطان القوة جليّا فهو لا يقهر بقاء الناس وحقهم فى الحياة.
ومع كل هذا فحظ أمريكا كبير فى بناء شعبية كبيرة فى الولاية الجديدة قائمة على احترام مصالح الدول فى الشرق الأوسط، وإلا فلا شعبية ولا تبعية آتية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة