أكرم القصاص - علا الشافعي

قياتى عاشور يكتب: الكليات بين القمة والقاع

الأحد، 27 نوفمبر 2016 12:00 ص
قياتى عاشور يكتب: الكليات بين القمة والقاع جامعة القاهرة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الموضوعات الهامة والجديرة بالنقاش لتحقيق المساهمة فى تغير الثقافة التقليدية التى تظهر آثارها بشكل سلبى فى كل نواحى الحياة، والتى سيطرت على تفكير المصريين، من جميع طبقات المجتمع، كليات القمة وكليات القاع!
شيء مفزع حقاً أن نرى من يتشدق بمثل هذه المفهومات المغلوطة، وكأن مجالات الدراسة تنحصر فى إطار معين، وأن ما عداها لا يمثل أهمية ولا يظهر له أى معالم مستقبلية.
 
فنرى المجتمع يطلق على كليات ( الطب، الصيدلة، الهندسة ) كليات القمة ؟! وغيرها من ( الحقوق والتجارة والآداب) كليات القاع ! لماذا يسعى الكل لتلك الكليات ويعتقدون أن بقية الكليات جهنم وبئس المصير ؟
 
فى موقف جمعنى بأبى فى مرحلة الثانوية وكان النقاش فى نفس ذات القضية عن المستقبل وعن دخول كليات القمة، والغريب فى الامر انتهى الحوار أنى لو لم ادخل إحدى تلك الكليات فإنه ليس لتعليمى نفع !
 
رأيت كمّ العبث الفكرى الذى يسيطر على فئة ليست بالقليلة من المصريين، لقد صدأت العقول من التراكمات التى تعرضت لها من خبرات حياتية تشوبها النظرة المستقبلية الظاهرة للحكم على الأشياء، وحدث ولا حرج عن المواقف التى تحدث مع الطلاب اثناء فترة التنسيق، فنجد تزاحم شديد من الطلاب ناحية تلك الكليات دون غيرها، للدرجة التى يُرغم الاهل فيها أبنائهم لدخولها وان لم يدخلها فليس له وجود، وانه يسقط من نظرهم وربما لا يكمل تعليمية بحجة انه سيكون عديم الفائدة .
 
إنه أب مسكين تربى على مفهوم خاطئ انتشر حوله دون أن يدرى أو يفرق بين الصواب والخطأ، وبمثل هذه الطرق تقتل المواهب والتطلعات لدى معظم الطلاب الذين هم النواة الحقيقة للتقدم بالمجتمع، والنتيجة ترونها كل يوم أمام اعينكم من خريجين كليات القمة ؟! فترى المهندس الذى يتسبب فى قتل الآلاف من الأبرياء لأنه أخطأ فى وضع أساس دقيق للمبنى ونرى المريض الذى يموت على أيدى الطبيب الفاشل غير راغب فى المهنة والذى يمارسها على أنها لقمة عيش، مثل هذه النوعيات التى ظلمت من البداية فى اختيار تعليمها ورغابتها دائما ما تنتهى بالفشل.
 
فمفهوم كليات القمة لا يعتمد على قدرات الشخص فى تحديد مجال عمله، والدليل على ذلك أغلب المشاهير والبارزين أبدعوا فى غير مجالاتهم أو كلياتهم، فهذه المفاهيم العقيمة أدت إلى حدوث كوارث فكرية للمجتمع، فنجد التزاحم والتعالى لدخول هذه الكليات ظاهر بشكل ملفت للنظر، ولم يكن نظرهم ليرى الحقيقة المؤلمة أن الكل يتساوى بعد التخرج .
 
ومن الجدير بالذكر أن المشاهير الذين حصلوا على أبرز الجوائز العلمية العالمية المرموقة هم خريجو كليات ليست القمة ؟! ففى مصر حصل أحمد زويل على جائزة نوبل فى الكيمياء خريج كلية العلوم، وحصل نجيب محفوظ على نوبل فى الأدب خريج كلية الآداب، بينما البرادعى حصل على الجائزة فى مجال السلام وهو خريج كلية الحقوق.
 
وأنه ليس من المنطقى أن يكون الطبيب والمهندس والصيدلى، أكثر أهمية وأعلا شأنا من المحاسب والمهندس الزراعى والاخصائى الإجتماعى، وغيرهم من المهن المختلفة التى لها دور عظيم فى المؤسسات والقطاعات الخدمية المختلفة.
 
ووجب التنويه أنه يجب اعتبار ثلاث كليات هى كليات القمة أولها كلية الزراعة حيث دائما يشار إلى مصر بأنها بلد زراعية ولكن نجد اهمال شديد جدا فى كليات الزراعة او الاقبال عليها وجودة الخريج لا تترقى بانها تصنع تقدما يذكر، وكلية التجارة لأنها كلية تبنى الاقتصاد الذى يتحكم فى التقدم ويساعد فى تحويل المنتجات الزراعية إلى تجارة عالمية بأحدث الطرق فى التسويق وغيرها، وكليات الآداب لأنها تضم جميع الأقسام المختلفة التى تساعد بشكل كبير على الارتقاء بالثقافة ونشر الوعى بالمسائل المتعلقة بالوجود.
 
وفى النهاية نحن لا نقلل ابدا من أى كلية لان جميع العلوم متساوية فى الأهمية، ولكن لفتنا النظر أن التغيير المنشود والتقدم فى العلوم لا يتحقق الا من خلال تغيير ودحض هذه الثقافة المتوغلة فى كل أطراف الحياة، حتى لا تكون الرؤية المستقبلية ضبابية، نحن نريد شباب واعيا مثقفا وفاعلا فى مجال تخصصه الذى اختاره بعناية حتى ننتظر منه الابداع والابتكار للعمل على تقدم ونهضة مصرنا فى الفترة الحالية.
 
لهذا إن أحببت كلية دون غيرها فتمسك بحلمك وطموحك ولا تختر سواها، لأنك ببساطة لا ولن تنجح إلا فى سواها حتى ولو أجبرك المحيط على كلية معينة فلتقف صلبا وتدافع عن قدراتك فلن ينفعك سوء قدراتك ولن يفيدك المجتمع القاصر بشىء، اكسر كل القيود والأعراف ودافع عن نفسك، واختار ما يناسب مؤهلاتك وأبدع وساهم بشكل مختلف بمجالك وابداعك، فنحن بحاجة إلى امثالك فى الأيام المقبلة، حاول تحقق نجاح فى أى مجال تحبه وترغبه.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

د.محمود سطوحي

ظاهرة حقيقية مدمرة

حقا إنها ظاهرة حقيقية ولكنها لم تأخذ أي نصيب من الإهتمام علي مستوي الدراسات الإجتماعية أوالإقتصادية أو الأدبية..أو حتي علي مستوي القرار السياسي والخططي للمجتمع,, هذا الظاهرة تقف وراء كثير من الظاهر السلبية المدمرة للمجتمع والإقتصاد مثل ظاهرة الدروس الخصوصية التي تهدر مليارات الجنيهات.. ظاهرة الدروس الخصوصية والفشل للكثيرين في معركة التزاحم علي وهم كليات القمة يحدث شرخا سلبيا في نفوس هؤلاء يؤثر سلبيا علي فاعليتهم طوال الحياة .. أنا أحيي شجاعة الكاتب الذي لمس مشكلة يخاف الكثيرون الإقتراب منها..

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة