عمرو النحاس يكتب : فنجان قهوة

السبت، 26 نوفمبر 2016 12:00 م
عمرو النحاس يكتب : فنجان قهوة فنجان قهوة

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تجلس وحيدة على تلك المنضدة
منذ ما يقرب من عام !
أتى النادل الجديد يسألها
ماذا ترغبين سيدتى ؟
فلدينا أشهى أنواع الطعام
وكعاداتها لم تطلب سوى
قدحين من القهوة
رحل النادل وعلى وجهه
علامات التعجب والاستفهام !
وعاد يحمل القهوة
وضع قدحاً أمامها
والآخرُ أمام مقعدٌ
لا زال خالياً
كأنه ينتظر أحد الأنام
بدأت فى ارتشاف القهوة
وأخرجت من الحقيبة
كتابها المفضل
"دراسات فى القانون العام"
قبل أن يقتلنى الفضول
دفعتنى الجرأة للحديث معها
وفور أن أنهت كتابها
وجدتنى جالساً
على المقعد الخالى فى الأمام
وبكلمات متلعثمة سألتنى
يا هذا ؟ الم يخبروك
أن التدخل فى شئون الغير
يعد نوعاً من عدم الاحترام ؟
فقلت هونى على نفسك سيدتى
وتقبلى منى اعتذاراً
فالباحث عن الحقيقة
أحياناً يجب ألا يلام
دفعنى الفضول فقط لأعرف
سرُ فنجان القهوة
الذى لا يشربه أحدٌ
والمقعد الخالى منذ عام !
تنهدت الفتاة تنهيدةٌ
أشبه بتمثال ظل صامتاً
وقد سُمِحَ الآن له فقط بالكلام !
قالت والدموع بعينيها ...
لا يمنعها من الهطول
سوى كبرياء امرأة
ورغبة فى عدم الانهزام
منذ عام مضى ...
كان موعدنا على نفس الطاولة
جئتُ مبكراً على غير عادتى
وطلبت قدحين قهوة
وأوصيت إعدادها باهتمام
وانتظرته ...
فبالأمس قد اتفقنا 
على وضع نهاية لقصة
دامت لسنوات من الغرام
رأينا فى الابتعاد حلاً
لاثنين جمعهما قلبٌ واحدٌ
وأرادت الدنيا لهما الانقسام
لم يكن بوسعنا أن نفعل شىء
فالقدر حينما يأمر
يعلنُ الجميعُ الاستسلام
وفجأةً ...
هز دوى انفجارٍ أرجاء المكان
ثمة شىء ما حدث بالخارج
فخرجت أتفقد آثار الحطام
قالوا كعادتِهم إنها قنبلة
كان قد زرعها أحد اللئام
وتجمع الناس حول الضحية
وبالكاد وصلت إليه أخيراً
نظراً لشدة الازدحام
آه يا حزنى الدفين ..
كان الضحية هو من اُحِبُ
غارق فى دمائه
فى إحدى يديه خاتم عرس
منقوش اسمى عليه
مازال يمسكه بإحكام
وفى يديه الأخرى قصيدة
غطت الدماء كلماتها
ولم يبقى منها سوى جملة
هى أنى أحبك يا "وسام"
رحل حبيبى ...
ورحل معه قلبى
والفتاة أن فقدت قلبها
فقولوا على الدنيا السلام
ومنذ ذلك الحين ..
وأنا أجلس هنا فى كل يوم
تخليداً لذكرى رجلاً
ربما نسيته الدنيا !
وأنا لن أنساه
ولو بعد ألفُ عام
تلك سيدى هى قصة
مقعد فارغ
وفنجان قهوة
وفتاة أحبت رجلاً
كان ولا يزالُ بالنسبة لها
آخرُ الرجالِ العظام ! 






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة