د. عماد الدين إبراهيم عبد الرازق يكتب: الهجرة النبوية ودرس "الأخذ بالأسباب"

الأحد، 02 أكتوبر 2016 10:00 م
د. عماد الدين إبراهيم عبد الرازق يكتب: الهجرة النبوية ودرس "الأخذ بالأسباب" أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمثل الهجرة النبوية حدثًا تاريخيًا فى حياة المسلمين بل وفى حياة الإنسانية بصفة عامة. كما أنها تمثل ذكرى لا تنسى فى وجدان كل مسلم.
 
 لقد كانت الهجرة النبوية علامة فارقة فى تاريخ الإسلام، وحًدا فاصلًا بين مرحلتين فى تاريخ الدعوة المرحلة المكية بما فيها من إيذاء وعنت وظلم للمسلمين، والمرحلة المدنية بما فيها من استقرار وبناء للدولة الإسلامية. وليس هناك دليل أنصع وأوضح على أهمية الهجرة النبوية من اتخاذ عمر ابن الخطاب لها كبداية للتقويم الهجرى.
 
ولقد تجلت دروس وعبر كثيرة فى الهجرة النبوية الشريفة. وضربت لنا أمثلة مشرقة على معنى التضحية والفداء، ومعانى إنكار الذات وتحمل الصعاب فى سبيل نشر الدعوة. لقد تحمل المسلمون الكثير من الإيذاء من كفار مكة، وتحملوا المشقة والعنت والظلم، كل ذلك من أجل الدعوة ونشر الدين، وعندما زاد الإيذاء أمر الرسول أصحابه بالهجرة إلى دار أمن وأمان وهى يثرب فى ذلك الوقت. لأن الدعوة بوجه عام لابد لها من مكان مستقر آمن يستطيع الإنسان أن يوجه جهوده للدعوة و لنشرها. 
 
ومن أهم الدروس والعبر التى نستخلصها من الهجرة: ضرورة الجمع بين الأخذ بالأسباب والتوكل على الله، ويتجلى ذلك من خلال إبقاء النبى صلى الله عليه وسلم لعلى بن أبى طالب لينام فى فراشه ويرد الأمانات إلى أهلها، واصطحابه لأبى بكر الصديق معه فى الهجرة. كذلك استعانة الرسول بعبد الله ابن أريقط الليثى لخبرته فى معرفة دروب الطرق ومسالك الصحراء رغم أنه ليس على دين الإسلام . كل هذا يوضح ضرورة الأخذ بالأسباب المادية حتى لو كنا نعلم تماما أن النصر من عند الله، فلا يجب أن نتواكل بل نأخذ بالأسباب والنصر سيكون حليفنا فى النهاية.
 
 كما أن من الدروس الجلية والعبر الواضحة فى الهجرة الاعتدال فى حال السراء والضراء، فيوم خرج النبى من مكة لم يخنع ولم يذل بل كان يثق فى ربه ومولاه، ويوم فتح الله عليه مكة لم يتكبر ولم يتجبر بل دخل مكة على ناقته ورأسه منخفضة دليل على التواضع وهذه صفاته صلى الله عليه وسلم. كذلك من أهم الدروس فى الهجرة ثبات أهل الإيمان فى المواقف الحرجة وثقتهم فى الله، وهذا يتضح عندما قال أبو بكر للرسول فى الغار لو نظر أحدهم تحت قدميه لأبصرنا، فكان رد الرسول الواثق فى نصر الله ما ظنك يا أبى بكر باثنين الله ثالثهما.
 
 أيضا من الدروس والعبر فى الهجرة، أن من حفظ الله حفظه الله. لأنه عندما التف المشركون حول بيت رسول الله يريدون أن يقتلوه، وتآمر أهل الشرك أخرجه الله من بينهم بعنايته وحفظه وهو يحثو التراب على وجوههم . كذلك كان للمرأة دور بارز فى الهجرة متمثلا فى دور أسماء بنت أبى بكر ذات النطاقين التى كانت بمثابة قوة إمداد بالزاد والطعام والشراب للرسول وأبيها.
 
 أيضا لعب الشباب دورا محوريا متمثلا فى على ابن أبى طالب وهو ما زال فتى غضًا ينام فى فراش النبى بدون خوف رغم معرفته بما سيحدث، كذلك دور عبد الله بن أبى بكر فى نقل الأخبار من مكة إلى الرسول فى غار ثور. أن للهجرة دروس كثيرة وعبر جليلة ما أحوجنا فى هذه الأيام أن نتمثلها، حتى وإن لم تكن هجرة مادية من الانتقال من مكان إلى آخر، فبالهجرة المعنوية هجرة الذنوب و المعاصى والسير على الطريق المستقيم وهدى رسول الله.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة