محمد أبو هرجة يكتب: داخل المنطقة الرمادية

الثلاثاء، 18 أكتوبر 2016 04:22 م
محمد أبو هرجة يكتب: داخل المنطقة الرمادية صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

توجد فى مراحل العمر مرحلة تسمى المرحلة الرمادية وهى المرحلة الأخطر والأهم لأسباب عديدة وكما يقال إنها مرحلة مُحيرة . فعندما تقترب من الأربعين عاما يحتدم هذا الصراع الداخلى داخل الشخص الذى قد يكون تزوج وتحمل المسئولية أو لم يتزوج بعد فيعيش أيضا صراعا من نوع آخر فى البحث عن الطرف الآخر. مرحلة غريبة ومليئة بالتناقضات. تختلف أحيانا فى بعض تفاصيلها من الذكر للأنثى ولكن هناك نقاط اتفاق عديدة تنبع من السمات الأساسية لهذه المرحلة فهى تمتلئ بالنضج الفكرى والخبرات التى تراكمت خلال سنوات العمل الممتدة وما بها من صراعات وشد وجذب مع الجميع وتقل هذه الخبرات فى حالة الفتاة التى لم تدخل الحياة العملية فهى إذن مرحلة وسطية بين المراهقة والشباب من ناحية وبين الشباب وتقدم العمر من ناحية أخرى.

 

مرحلة ذات لون رمادى بين الأبيض ويمثله عدم الخبرة والسن الصغير والتسرع وبين الأسود بعد أن تراكمت الصراعات والخبرات والضغوط القاسية أحيانا والتى قد تكون أكبر من قدرة البعض على التحمل.

 

يصاب أصحاب هذه المرحلة كثيرا بالقلق والتوتر، حيث يُقَيم نفسه خلال هذه السنوات التى مرت سريعا دون أن يدرى وهل أصاب أم اخطأ فى الاختبارات التى تعرض لها .

وأيضا لديه رغبة كبيرة فى التغيير وهذه الرغبة قد تصطدم بالظروف والمسئوليات فأحيانا محاولة التغيير قد يكون لها بعض الخسائر والسؤال المهم هل سيكون لديه القدرة على تحمل هذه الخسائر أم لا خصوصا فى هذا التوقيت .

فكريا يميلون إلى العزلة قليلا فالحياة أعطتهم دروسا وعِبَّر وانكشفت أمامهم الحقائق وسقطت الأقنعة فأصبحوا أقل بهجة فقد تغيرت الشخصية كثيرا وذلك لأنه كلما زادت الأسرار التى يحملونها أصبحوا أكثر صمتا .

 

قليل من أصحاب هذه المنطقة يستطيع التمرد على هذه القيود فيخرج من نطاقها المحدود وينجح فى العودة إلى المنطقة البيضاء حيث القدرة على التغيير والتجديد و الهروب من هذا القالب المتجمد .

 

يحاول أصحاب هذه المنطقة إمساك العصا من المنتصف من أجل أن تصبح الأمور أكثر إتزانا وهدوءا وخلال ذلك قد يقع إلى أحد جانبى العصا فيتهور أحيانا ويعيش كل تفاصيل المرحلة السابقة كالتهور والإندفاع والهروب من المسئوليات أو ينزلق للجانب الآخر فيعيش فى خصائص المرحلة التالية فيزيد من الشعور بالعزلة والاحساس بعدم وجود فرص متاحة أمامه .

 

وأخيرا لا تعتبر خصائص هذه المرحلة مقياسا عاما، فكثير ما وجدنا نجاحات كبيرة ومُلفتة للنظر وهناك نماذج نجحت وملأت الدنيا ضجيجا مثل الفنان بيومى فؤاد فقد لمع نجمه فى هذه المرحلة ووجدنا تألقه وحماسه أكبر من زملائه من هم فى بداية المشوار الفنى ورأيناه فى عدد كبير من المسلسلات والأفلام وأيضا اللاعب عصام الحضرى حيث تفوق على نفسه فى المباراة الأخيرة مع المنتخب ولعب أساسيا فى عامه الأربعه والأربعون والأستاذ أحمد أمين مقدم البرامج الكوميدية حيث حقق النجاح الهائل مؤخرا فى هذه السن أيضا فهؤلاء امتلكوا الإرادة وغيروا من مفاهيم السن تماما فعندما نجد هذه النماذج فإننا نستطيع أن ننجح فى تغيير طريقة تفكيرنا ونظرتنا للأمور .

 










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

سوزان بدوي

تحياتي الكاتب الفليسوف

تحياتي الكاتب الفليسوف المتميز الأستاذ محمد أبو هرجة لمقالك الفلسفي النفسي الإنساني ، والذي عرض بوعيٍ لمرحلة من أخطر وأهم مراحل عمر الإنسان وأرى أنه بإيدينا أن نحولها من منطقة رمادية إلى وردية كما ذكرت سيادتكم بتغيير طريقة تفكيرنا ونظرتنا للأمور لتصبح أسعد مراحل حياتنا

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد أبوهرجة

الاستاذة سوزان

اشكرك استاذة سوزان بدوى الشاعرة والكاتبة المتميزة على تعليقكم الجميل الرقيق على المقال الذى يزداد قيمة بقراءتكم للمقال واتمنى يكون اضاف جديدا حتى لو كان بسيطا

عدد الردود 0

بواسطة:

صابر حسين خليل

ابدعت كعادتك صديقي

صديقي محمد ابو هرجة ابدعت كعادتك ننتظر مقالاتك بفارغ الصبر .

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد أبوهرجة

الاستاذ صابر

اشكرك استاذ صابر على هذه الكلمات الرقيقة الجميلة من شخصية جميلة محترمة مبدعة مثل الاستاذ صابر خليل صديقى ربنا يبارك فيك

عدد الردود 0

بواسطة:

وائل عبد الودود

استاذ محمد أبو هرجة

الاستاذ الحبيب محمد أبو هرجة أشتقنا الى كتاباتك الجميلة انت طرقت موضوع في غاية الحساسية يمر به بعض الناس خلال فترة زمنية معينة وكنت سوف اكتب مقاله عنه ولكن لي الشرف انك تطرقت له وهو أزمة منتصف العمر ما بين يأس ورجاء ونجاح وتفوق ما بين رمادي غامق ووردي فاتح وان النجاحات كبيرة والمُلفتة للنظر التي استشهدت بها رسمت لنا بارقة أمل انها الامل والإرادة والقدرة على العطاء والصبر هي التي تستطيع أن تغير طريقة تفكيرنا ونظرتنا للأمور أشكرك لانك رسمت لنا بادرة امل وتفاؤل ....مع تمنياتي بالصحة والستر والسعادة منتظرين اعمالك القادمة ولا تطيل علينا

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد أبوهرجة

شكر واجب

اشكرك استاذ وائل على كلماتك الرقيقة المهذبة واشكر شخصكم الكريم على قراءة المقال الصغير عن ازمة منتصف العمر والتى تعصف بالرجال كثيرا وتحبط من معنوياتهم على الرغم ان للعمر ده مزايا كتير جدا ولكن للاسف المجتمع لدينا له مقاييس ظالمة جدا و انتظر من حضرتك بعض ابيات لاصحاب هذه المرحلة تعينهم على تحمل صعابها واشكرك مرة اخرى استاذ وائل عبد الودود

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة