إسماعيل الخيط يكتب: البيانات الضخمة..ومفردات التنمية

الإثنين، 17 أكتوبر 2016 12:00 ص
 إسماعيل الخيط يكتب: البيانات الضخمة..ومفردات التنمية مؤشر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ إعلان بان كى مون الأمين العام للأمم المتحدة - دائم القلق - أواسط عام 2015 عن ثورة البيانات الضخمة والفقر فى البيانات وتضمين تلك المفاهيم أجندة ما بعد 2015 استكمالًا للأهداف الإنمائية للألفية، وعليه، دعونا نحاول الإجابة عن السؤال المحورى التالى: ما هى الأهمية الفعلية للبيانات وجدواها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية؟ البيانات هى المادة الخام للمعرفة عبر وسيط تراكم المعلومات، وفى حالة عدم القدرة على إنتاج البيانات بالقدر الذى يسمح بإنتاج المعرفة يتحقق ما يسمى (الفقر فى البيانات) ويترتب عليه تراجع فى مستويات المعيشة وتدنى الرفاهية...كما هو موجود بحوالى 77 دولة من العالم الثالث بناء على دراسات حديثه أعدتها الأمم المتحدة وتوابعها.
 
فعندما نسمع ونشاهد فى نشرات الأخبار"ارتفع/انخفض مؤشر البورصة الرئيسى إلى كذا"...تكون تلك إشارة لتغيير القناة المشَاهَدة أو إغلاق الصوت مؤقتًا لدى الغالبية؛ انتظارًا لفقرة الأخبار الرياضية فى النشرة، وفى ذلك دلالة بالغة الوضوح على تشكيل ثقافتنا المعكوس فى عدم الاكتراث لقيمة البيانات؛ خاصة عندما يتم معالجتها منهجيًا فى صورة حزم من المؤشرات المركبة المهمة – المفهومة - التى تعطى وتغطى ... وتُقرِب وتقترب من مواطِن الخلل والعِلة التى تصيب آلة الحياة البشرية فى أحد تروسها اجتماعيًا كان أو سياسيًا أو فى الأغلب اقتصاديًا (دائم الحضور) المكون الأساسى فى أى عَطَب.
 
والمؤشر المركب ببساطة هو مقياس يتم اشتقاقه من سلسلة من الحقائق المشاهدة التى تعكس وضع الظاهرة محل الدراسة، حيث يتم تكوين المؤشر المركب عن طريق دمج - صهر - بعض المؤشرات المنفصلة فى مؤشر واحد بالاستناد على نموذج معين، ولذلك نجد أن المؤشر المركب لابد أن يقيس المفاهيم متعددة الأبعاد بطريقة مثالية والتى لا يمكن التوصل إليها من خلال مؤشر فردى وحيد، فمثلاً مؤشر التنمية البشرية HDI هو مؤشر تأليفى لثلاث مؤشرات فرعية (التعليم، الصحة، الدخل).
 
وتُعد المؤشرات المركبة التعبير الأمثل والأكثر دقة وتسويقًا عن مفهوم البيانات الضخمة Big data التى تعبر الآن عن فلسفة واتجاه العالم، لاسيما المتقدم منه. فهى الوليد الأحدث والأسرع نموًا والأكثر تشعبًا للعلوم بصفة عامة، ويمكن تعريف تحديات نمو البيانات كعنصر ثلاثى الأبعاد فيما يُعرف بـ 3V Model، وهذه الأبعاد هى:الحجم Volume، السرعة Velocity، التنوع Variety، وهذا الكم الهائل من البيانات أفرز أدوات حديثة للتعبير عنها وتلخيصها وتعظيم الاستفادة منها، وأهم تلك الأدوات هى المؤشرات المركبة.
 
والدولة أو الإقليم أو المؤسسة التى سوف تتبع هذا المنحى العلمى للتعامل مع ثورة البيانات وترشيد وتقنين استخدامها فى صورة حزم من المؤشرات المركبة تخدم القطاعات المختلفة الإنتاجى والخدمى والفكرى أيضًا، سوف يكون لها اليد العليا فى إعادة ترسيم الحدود المعرفية لهذه الكيانات وما يتبعها من تداعيات اقتصادية، واجتماعية، وديموجرافية، وإعادة صياغة مفاهيمية لأطُر قديمة على المستويات آنفة الذكر، قد تخلق واقعًا جديدًا مستندًا على قوة المعرفة واقتصادها وجغرافيتها.
 
وبدء التزايد فى الوقت الحالى حول تدارس المؤشرات المركبة كونها أداة هامة ومفيدة لاتخاذ القرارات وتقييم أداء الدول المختلفة من الناحية الاقتصادية، والاجتماعية، والتكنولوجية؛ بالإضافة إلى تقييم أداء الدولة الواحدة عبر الأزمنة المختلفة. ولقد قامت العديد من المنظمات الدولية - مثل الأمم المتحدة UN والبنك الدولى WB وصندوق النقد الدولى IMF ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية OECD التى تعتبر بمثابة نادى الدول الغنية وغيرها – بإنتاج واستخدام المؤشرات المركبة كوسيلة سهلة للمقارنة بين أداء الدول وبعضها وفقًا لبعض المعايير التى يتم تمثيلها بالمؤشرات الفرعية الأساسية. ومن الأهمية الكبيرة لمفهوم المؤشر المركب أنه يُسهل على الجمهور تفسير نتائجه بدلاً من محاولة إيجاد اتجاه عام مشترك للعديد من المؤشرات المنفصلة، وبذلك فهو يعتبر أداة مفيدة لتحديد الاتجاهات والأولويات السياسية، وأيضًا يؤخذ بها كمسوغات للمَنَح أو المَنَع من قِبل بعض المؤسسات المانحة أعلاه لبعض الدول خلال أزماتها.
 
مما سبق يتضح لنا الفلسفة الإطارية لضرورة، بل حتمية بناء المؤشرات المركبة؛ لتلخيص لحالة الزَخَم والزيادة الهائلة فى حجم البيانات المُنتَجَة والمتداولة عبر أقطار كوكب الأرض فى أصغر وحدة زمنية؛ مما يؤكد لنا أنه فى حالة استثمار أمثل لهذه المؤشرات تحت شرط جودتها أمكن حينها لصُناع القرار ومُتخذه اتخاذ قرار على درجة مقبولة من الرُشد والاستدامة وتقليل مساحة عدم التأكد فى بيئة حاضنة لقرارها وغير مقاومة له لاتساقه مع الواقع – قرار مبنى على بيانات حقيقية - هذا هو جوهر البيانات الضخمة وأمثلية استخدامها فى صورة منتجات منهجية ومعرفية هى المؤشرات المركبة.
 
وتأتى الرفاهية بمثابة الوليد الأحدث ضمن مفردات التنمية البشرية، فالرفاهية ليست كما يتصورها عموم الناس كلمة مطاطة تتمثل فى امتلاك (يخت وتدخين سيجار كوبى فاخر واقتناء السيارات الفارهة...إلخ)، إنما هى فى جوهرها وفلسفتها العامة أشبه (بمسطرة: أداة قياس كمية تسمح بتحديد درجات الفقر فى حَدِه الأدنى ذهابًا إلى المدقع، وصعودًا فى حَدِه الأقصى إلى الثراء، وما بينهما طبقة تتأرجح فى قلق كبندول ساعة)، فبناء مؤشر مركب للرفاهية قابل للتطوير المستمر أصبح ضرورة مُلِحة؛ ليشرَح ويُشرِح حركة البندول صعودًا وهبوطًا وتجمُدًا فى حالة عطب أو خلل ما فى ديناميكيته وتلك الضرورة تستمد تبريرها من الآتى: 
 
1. تحديد الفئات الأولّى بالرعاية فى المجتمع على سبيل المثال ( الأطفال، المرأة، المعاقين، المسنين، ذوى الدخول المنخفضة...إلخ).
2. تحديد وتخطيط السياسات العامة للدولة وأوجه الإنفاق الحكومى وأولوياته.
3. الاستفادة من المخرجات المعرفية – بعض المؤشرات (بسيطة/ مركبة) – للقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدنى.
وأخيرًا... المؤشرات المركبة لايتم بناءها فى الدول الورقية ( التى تعتمد فى إدارة شئونها على الورق) 
" واستلمت الأصل والمرفقات " تشهد، وتأبى على نفسها الدخول فى قلب التكنولوجيا ... إذًا فالفجوة قائمة بيننا وبين الأعداء القريبين جدًا والأشقاء القريبين بالجغرافيا فقط...حتى اشعار آخر!
 
الخلاصة: لست متفاجئًا عندما أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة عن وزارة السعادة...لقد أدركوا مفهوم الرفاهية مبكرًا...ونحن لا نزال فى جدل حول التعريف...مجرد التعريف؟!









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة