النموذج التركى الحالى يعد بداية عصر الإسلامية المعلمنة، ويمكننا أن نسميها أيضاً انحصار عصر الإسلام السياسى، ومن لحظه فوز حزب العدالة والتنمية فى الانتخابات التشريعية عام 2002 وتجربته الحكومية الأولى عام 2002 وعام 2007م، حاول الحزب تثبيت نفسه على أنه حزب حكومى بامتياز، وأنه يسعى لتحقيق النجاح.
وقد حاولت السياسة التركية الخارجية لعب دور مهم ومحورى فى سياسة الشرق الأوسط عن طريق دبلوماسيتها الناعمة، فقد لعبت دور الوسيط بين إسرائيل وسوريا، وكذلك فى حرب إسرائيل على غزة، فبعد الانفتاح الاقتصادى الذى قامت به تركيا عام 1980م استمرت تركيا فى تأكيد الانتماء إلى العالم الغربى، وخاصةً طلبها بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبى، وقد رفضت تركيا مساعدة الولايات المتحدة فى حربها ضد العراق عام 2003 م وكان هذا الأمر هو الكشف عن السياسة الجديدة التى تتبعها تركيا استناداً إلى نظرية العمق الاستراتيجى التى وضعها أحمد داوود أوغلو، وهى تفترض رؤية العثمانية الجديدة لحزب العدالة والتنمية، فالعثمانية الجديدة هى استحضار إرث "القوة العظمى" العثمانية وإعادة تعريف مصالح البلاد القومية والاستراتيجية، فهى تحاول عودة تركيا وريثة الإمبراطورية العثمانية إلى حاضنتها التاريخية، للتموضع فى عمقها الاستراتيجى والتمحور حول محيطها الجيوسياسى والجيو ثقافى، كمقدمة لإعادة هندسة العلاقات الإقليمية.
فبعد انهيار الاتحاد السوفيتى وتنفيذ الرئيس الروسى ميخائيل غورباتشوف سياسته الإصلاحية رأت تركيا أن عليها التوجه لحليفها الأقرب الولايات المتحدة الأمريكية، فبعد انتهاء الصراع بين الشرق والغرب، فقد رأت أن أهميتها دورها تقل شيئاً فشيئاً كشريط أطلسى، هذا الأمر لوجود دول أوروبية شرقية يمكنها لعب هذا الدور، لذى رأت بأن تتخذ خطوات واضحة محافظةً على البقاء، فكل ما يهم السياسة الخارجية التركية الحالية هى عودة السيطرة على دول الشرق الأوسط، كما كانت تسيطر الدولة العثمانية على هذه المنطقة الحيوية فى وسط العالم، وبعد الحرب الأمريكية على العراق والموقف التركى منها، حاولت تركيا التقرب إلى العالم العربى هذا الأمر كان نتيجة للديناميات التى أسفرت عنها ظروف الحرب على العراق وحاولت تركيا جاهدة الانخراط فى شئون المنطقة العربية، وهى أيضاً تحاول أن تلعب دوراً محورياً فى المنطقة العربية بسبب التحديات التى تواجهها تركيا وتضع فى حسبانها وخاصةً مع كونها دولة ملحقة بحلف شمال الأطلسى، وهذا الانخراط التركى فى سياسة المنطقة العربية جعلها تستدعى العثمانية الجديدة رغبة منها فى أن تصبح قوة إقليمية فاعلة فى المنطقة، فهذا الاهتمام التركى بالمنطقة العربية يرجع إلى أهمية المنطقة فى استقرار الأمن العالمى ولا سيماً فى مجال الطاقة، وهو يمثل المركز الأساسى لتطور النظام العالمى الجديد، فالعثمانية الجديدة تستغل مشاكل منطقة الشرق الأوسط من أجل التدخل فى سياسة المنطقة العربية وتحديد اتجاهاتها على حسب الرؤية العثمانية الجديدة.
فما يقوم به الآن أردوغان من سياسة خارجية إنما هى تنم عن السياسة الخارجية للعثمانية الجديدة، ومحاولة السيطرة على الشرق الأوسط، خاصةً مع وجود قوى سياسية تؤمن بهذه الأفكار للعثمانية الجديدة، فلقد أظهر أردوغان قبولاً لسياسة الإخوان المسلمين فى مصر وكذلك حزب النهضة فى تونس، ويستند أدورغان فى سياسته الخارجية على مبدأ أن حكومته الإسلامية هى المبعث الروحى للشرق الأوسط، والغريب فى الأمر هو التأكيدات التركية بالتزامها التاريخى نحو قضية فلسطين، كما إلتزم بها سلاطينهم الأتراك، لكن ألم يقرأ أردوغان التاريخ وخصوصاً تاريخ تركيا السابق فى منطقة الشرق الأوسط، والذى يعتبر تاريخ دموى وفصل أسود فى تاريخ منطقة الشرق الأوسط، فلقد كانت تركيا تستعمل السيف والترهيب من السلطة التركية، ألم يقرأ أردوغان هذا التاريخ.
عبد الحميد سرحان عبده يكتب: مشكلة أردوغان أنه لم يقرأ التاريخ جيدا
الأحد، 17 يناير 2016 08:18 م
أردوغان
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
شريف
يمكن مبعرفش يقرأ