عندما تولت ملكة بريطانيا اليزابيث الثانية العرش قبل أكثر من ستة عقود كان رئيس وزرائها الأول ونستون تشرشل الذى خدم فى جيش جدتها الكبرى الملكة فكتوريا.
وبحلول الوقت الذى ولد فيه رئيس الوزراء الحالى ديفيد كاميرون عام 1966 كان قد مر 14 عاما على جلوسها على العرش البريطانى.
وقال مؤرخ البلاط الملكى هوجو فيكرز لرويترز "المرة الأولى التى رأت فيها كاميرون كانت حين لعب دور أرنب فى مسرحية مدرسية شارك فيها أيضا ابنها الأمير إدوارد"، وأضاف "إنه الآن الرجل الذى تتلقى منه النصيحة الرسمية."
ويلخص التباين بين هاتين الشخصيتين التغيير الهائل الذى شهدته البلاد والملكية خلال عهد اليزابيث الذى سيصبح الأطول فى التاريخ البريطانى فى التاسع من سبتمبر عندما تتفوق على عهد الملكة فكتوريا الذى دام 63 عاما.
وتجلس اليزابيث (89 عاما) على العرش منذ عام 1952 مع أفول نجم الإمبراطورية البريطانية وبينما كانت تنفض عنها رويدا رويدا ويلات الحرب العالمية الثانية.
فى ذلك الوقت كانت الملكية مؤسسة بعيدة عن الناس على رأس بلد لا يزال الشعب فيه يتلقى حصصا غذائية والفوارق بين الطبقات واضحة.
لكن فى العقود القليلة التالية تحولت العائلة المالكة من أشخاص يلمحهم العامة فقط فى نشرات الأخبار والمناسبات الرسمية إلى نشر الصور على تويتر والظهور عن غير قصد فى صور "سيلفى" يلتقطها أشخاص آخرون.
وقال كاتب المذكرات الملكية روبرت لايسى "لم تكن تستطيع التخيل فى بداية عهد الملكة اليزابيث أن الملكة ستشارك فى خدعة سينمائية تبدو فيها وهى تقفز من طائرة هليكوبتر برفقة جيمس بوند" فى إشارة إلى أدائها فى المراسم الافتتاحية للألعاب الأولمبية فى لندن عام 2012.
التغيرات بحد ذاتها كانت تصب فى خانة التطور لا الثورة لكنها لم تأت بسلاسة دائما.
وقال سايمون لويس الذى كان سكرتير الإعلام للملكة بين عامى 1998 و2000 إن آل وندسور فهموا أنه يتعين عليهم التأقلم باستمرار.
وأضاف: "ما فكرت فيه هو أنه فى جوهر الأمر كانت المؤسسة (الملكية) صلبة كالصخرة لكنها تحتاج إلى التطور."
وفتح قصر بكنجهام للعامة وحضر نحو مليونى شخص حفلات الحدائق التى تستضيفها الملكة هناك كما بات هناك شفافية كبيرة بشأن التمويل والجوانب التى تنفق عليها أموال العامة.
تغير الأشخاص المحيطون بالملكة أيضا، ويمثل لويس أحد الأمثلة على ذلك إذ أنه تلقى تعليمه فى مدرسة حكومية فى شمال لندن ولديه خلفية فى العمل فى القطاع الخاص.
وقال لويس "أعتقد أن هذه الأمور كانت فعلا تغيرات ملحوظة بتنا نتقبلها حاليا لكنها فى ذلك الوقت كانت وثبات كبيرة للغاية."
واعتبر لايسى أن مهارة الملكة الشديدة فى تغيير الملكية تجسدت فى إدراكها متى تقدم التنازلات.
وقال "حتى المآسى والأخطاء مثل (ما حصل مع الأميرة) ديانا صب فى صالح الملكية."
وتابع بالقول: "الملكية كانت دوما جيدة بقدر الأشخاص الذين يقومون بالمهام، لم يقم أحد من العائلة بمهامه بطريقة جيدة حتى أواخر التسعينيات، انظر إلى المستويات التى انحدرت إليها (شعبيتهم) والثمن الذى دفعوه مثل تسديد الضرائب والاستغناء عن اليخت الملكى وأسلوب الحياة البسيط، لكنهم نجحوا فى ذلك."
من التقيد بالرسميات إلى "السيلفى".. ملكة بريطانيا تحاول مجاراة العصر
الأحد، 06 سبتمبر 2015 12:27 م