اختيار الصديق العزيز حلمى النمنم لحقيبة وزارة الثقافة كان اختيارا موفقا، ورحب به عدد كبير من المثقفين لأنه واحد من الشخصيات الوطنية المثقفة المؤمنة دائما بدور الثقافة فى التغيير الحقيقى فى بنية المجتمع وفى نشر الوعى والتنوير فى مواجهة أفكار العنف والظلام الفكرى التى انتشرت كالسرطان فى جسد المجتمع المصرى، بعد أن تخلت الدولة منذ السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات عن دورها فى تنوير المجتمع وفى استمرار مسيرة الثورة الثقافية لكل فئات الشعب التى بدأت فى الخمسينيات والستينيات فى القرى والنجوع، فأفرزت وعيا شعبيا عاما منفتحا على ثقافات العالم شرقا وغربا.
ورغم سعادتى الشخصية باختيار حلمى النمنم لمنصب وزير الثقافة، فإننى مشفق عليه من المسؤولية الصعبة المقبل عليها ومن التحديات الجسيمة التى تواجهه، فهو الوزير المسؤول عن عقل مصر ووجدانها، وعليه وقعت مسؤولية كبيرة لإصلاح الخلل فى الجسد الثقافى المصرى الذى أصابه «العطن» طوال 40 عاما وتدهورت حالة الفعاليات والأماكن الثقافية وتحولت إلى خرابات، وأصبحت الثقافة سلعة للتجارة وليست دورا ورسالة ومسؤولية دولة عن حماية وصون وعى ووجدان شعبها.
لكنى كلى ثقة فى وزير الثقافة الجديد، لأنه رجل يحمل مشروعا ثقافيا وطنيا ولديه رؤية واضحة وشاملة لكيفية إحداث ثورة تنوير جديدة فى مصر، من خلال إعادة الحياة مرة أخرى إلى مسارح وقصور ثقافة ومكتبات الدولة، ولديه من الأفكار والأحلام الكثير.
وأثناء اتصالى به لتهنئته بالمنصب قلت له، إن إمامه تحديا كبيرا ومسؤولية صعبة لكنها ليست مستحيلة لتحقيق نهضة ثقافية تبدأ من قاع الهرم الثقافى أولا، ثم تنتهى إلى القمة، وعليه أن يحدد مشروعا أو مشروعين للإنجاز، ولتكن البداية بإعادة الحياة إلى بيوت وقصور الثقافة التى كانت فى زمن مضى منارات للتنوير وللإشعاع الفنى بكل مشتملاته من مسرح وشعر وأدب ورسم وندوات وأخرجت آلاف الموهوبين والمبدعين من أقاليم مصر المترامية.
فلدينا حوالى 530 بيتا وقصر ثقافة هى الآن خرابات بمعنى الكلمة تحتاج إلى إعادة ترميم وبناء ودعم لتصبح من جديد منارات حقيقية للإشعاع الثقافى فى قرى ومدن مصر، وأنصح الصديق حلمى بجولات تفقدية لهذه القصور ليقف على الحالة المزرية التى تعيشها الآن، والمشروع الثانى هو دور السينما، والتى يمكن لبيوت وقصور الثقافة أن تساهم فى إعادة الناس لمشاهدة السينما مرة أخرى وتشجيع السينما المستقلة، والبدء فى بناء وترميم دور العرض القديمة فى مدن مصر التى أصبح عدد كبير منها بلا سينما.
أثق فى قدرة وزير الثقافة الجديد فى بعث الأمل مرة أخرى فى الجسد الثقافى وإنجاز بعض أحلامه وتحقيق مشروعه التنويرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة