بالصور.. "اليوم السابع" داخل قرية "وقفة عرفات الوهمية".. القرية فارغة طوال العام وفى العشر الأوائل من ذى الحجة يزورها قرابة المليون شخص.. مريدون ومحبون فى مقام قطب الصوفية أبو الحسن الشاذلى

قرية صغيرة فقيرة فى قلب الصحراء الشرقية أو كما أطلق عليها "صحراء عيذاب" لا يزيد عدد سكانها عن 10 آلاف نسمة سميت على اسم قضب الصوفية الشيخ أبو الحسن الشاذلى، الذى وافته المنية فى تلك البقعة، والتى يطلق عليها قاطنو الصحراء "وادى حميثرة" وقد توفى عند ذهابه لأداء مناسك الحج من ميناء عيذاب القديم.



تشهد تلك القرية العزلة الدائمة ولا أحد يصل إليها طيلة أيام السنة سواء أهلها الذين ينتمون لقبيلة العبابدة، إلا فى العشر الأوائل من شهر ذى الحجة حيث إحياء ذكرى وفاة قضب الصوفية الشيخ أبو الحسن الشاذلى المغربى الأصل، يصل إليها فى العشر الأيام الأولى من ذى الحجة مئات الآلاف من مريدين ومحبين من شتى أنحاء الجمهورية والدول العربية وخاصة المغرب العربى.



حرمت تلك القرية من الكثير من الخدمات التى تتمتع به أغلب قرى مصر، حيث لا يوجد مصدر دائم لمياه الشرب فى تلك القرية ويقوموا بشراء الماء، وطالبوا أكثر من مرة أن تأتيهم المياه من محافظة أسوان بدلاً من محافظة البحر الأحمر، حيث ان محافظة أسوان تبعد عنهم تحديداً 200 كيلو متر وتبعد عن مدينة مرسى علم 150 كيلو متر، إلا أن الطريق ممهد وأسهل لوصول المياه المتوفرة بأسوان والقاحلة وحسب الوصول بمدينة مرسى علم.



كما حرموا من أى وسيلة للاتصال وجميع خدمات الاتصال، وكذلك عجز ما فى العملية التعليمية وقلة المدرسين هناك، وكذلك نقص فى أغلب الأدوية والأمصال داخل الوحدة الطبية وكذلك الأطباء كونهم كون باقى قرى مدن جنوب البحر الأحمر التى تفتقر أغلب الخدمات، وينتظر أهالى قرية الشيخ الشاذلى ابو الحسن نظر المسئولين أهليهم كباقى مدن جنوب المحافظة.



يعمل أهالى قرية الشيخ ابو الحسن الشاذلي، فى الرعى سواء الابل أو الأغنام، وقد طالتهم مؤخراً هوجة ما سمى بالتنقيب عن الذهب، الذ أنتشرت فى مدن وقرى جنوب محافظة البحر الأحمر، والذى أثر بالسلب على مستقبل ابنائهم فى التعليم، حيث أعلن أحد مدرسى مدرسة الشيخ الشاذلى الإبتدائية أن طيلة العام الدراسي، يصطحب أولياء الأمور الطلاب لرحلات تستمر لأكثر من 15 يوماً للتنقيب والبحث عن الذهب فى الجبال المختلفة، ومؤكداً على أن المدة التى يقضيها الطالب طوال العام الدراسى بالحضور فى المدرسة لا تتجاوز 4 أشهر متصلة لا انهامتقطعة.



وعن مولد سيدى أبو الحسن الشاذلي، فقد طافت اليوم السابع داخل القرية التى لا يوجد بها سوى شارع واحد يصل من أول القرية وينتهى بعد مقام الشيح أبو الحسن الشاذلي، حيث مئات الالاف من الموردين ومحبيين يملئون المكان، منهم من هو هائماَ فى حب من يحب ومنهم من يبيع ويتاجر ومنهم من يصلى ويذكر الله، ومنهم من يأكل وغير ذلك.



تصادفنا أولاً بطفله تسمى أميرة سرور، تبيع طبلات وإلات موسيقية جلدية وخشبية، قالت أنها جاءت مع والدها من محافظة اسيوط لكى تبيع بضاعتها ف مولد الشيخ الشاذلي، وأن والدها يبيع نفس البضاعة ولها أخ كذلك جاء معهم لذلك الغرض.



قالت أميرة لـ اليوم السابع، أنها جاءت مع والدها من أول يوم فى المولد، لتبيع الطبلات أنها تطوف أغلب موالد محافظات الصعيد، وأنها تدرس فى الصف الرابع الإبتدائى ولا تصاحب والدها فى الموالد اذا كانت توافق أيام الدراسة.



أستمراراً فى التجول داخل مولد ابو الحسن الشاذلي، وبقريته التى سميت بأسمه، تقابلنا بأحد المحبين لقضب الصوفية الحاج حسن حامد، من محافظة الأقصر، يقول انه ياتى للزيارة المقام سنوياً مع أهالى قريته ويحضر معه ذبيحه ليضحى والماء والملبس ويقوم باطعام الزورا ويطعم منها الفقير وانه محب لاولياء الله الصالحين، مؤكداً على أن الدعاء والتقرب إلى الله بجوار أولياء الله الصالحين له مذاق أخر لا يتذوق إلا من أحب أولياء الله الصالحين وصار على نهجهم.

أضاف حامد لـ"اليوم السابع" أنه أتى إلى المقام منذ أول ايام المولد وسوف يغادر منه يوم وقفة عيد الأضحى المبارك.



وعند سؤاله عن عادات وتقاليد المحبين والموريدين فى مولد سيدى أبو الحسن الشاذلى وما رأيه فى ذلك قال أن جميع الحاضرين فور وصولهم يقومون بدخول المقام وقرأءة الفاتحة لصاحبة ويصلى بمسجده وأذا كان يستطيع أن يصعد على جبل حميثرة فاليصعد، مؤكدا على أن جبل حميثرة سمعنا منذ زمن أن يصعده يزور مرة اخرى المقام ويستبارك به كل الزائرين، مؤكدا على أن تلك الجبل سمى على أسم الوادى وادى حميثرة.

وبالتجول داخل مولد أبو الحسن الشاذلى وجدنا خيام كثيرة بداخلها الذاكر والنائم والذى يأكل وأخر يشرب ومخيمات أخرى بها مقاهى وغيره ذلك ومن ضمن تلك الخيام، أحدى الخيم التى بداخلها مطبخ كبير تطهى بداخلة كميات كبيرة من الطعام، وعندما اقتربنا منه أذا هو الحاج محمود أدم، يقوم بطهى الطعام لمن يريد فتلك الطعام لله ومن الله وأنهم يقوموا يوميا بذبح الذبائح لأطعام المحبين والموردين للشيخ يقصد" أبو الحسن الشاذلى.

من جانبه قال خليل عبد السلام أحد الموردين والمحبين الذين وصلوا من محافظة أسوان أن كل من يصل إلى هذا المقام فهو محب لقضب الصوفية، واولياء الله الصالحين، وان تلك المقام كان صاحبة من العلماء الذى وافته المنية فى تلك البقعة الطيبة خلال سلكة تلك الطريق لأقضاء فرائض الحج، والذى كان قديما يرحلون إلى مكه بحراً من ميناء عيذاب الذى يبعد من تلك البقعة قرابة 240 كيلو متراً تقريبا.

وأضاف عبد السلام أننا نتقرب ونستبارك يصاحب تلك المقام نظراً لأنه من اولياء الله الصالحين، وأنه له كرماته التى تدل على أنه كان قضباً وعالماً وتتلمذ على يد عدد كبير من العلماء وأنه من المغرب العربى وليس مصرياً، وان سيرته كتب بداخل مسجده.

وأوضح عبد السلام لـ اليوم السابع ان هناك الكثير من الناس أن يخلق عادات وتقليد ليس لها معني، كصعود جميثرة وما يقلدون فيه حجاج بيت الله الحرام، متمنين أن يستجيب الله لهم عند النظر أتجاه مكه بزيارتها حيث ان تعد المملكة العربية السعودية من الناحية الشرقية من سلسة جبال البحر الأحمر.

ومن ناحية أخرى، قال أحد المحبين القادم من محافظة سوهاج محسن أدم أنه له أبنته مريضه وأنه طاف بها على جميع الأطباء لكى يجد لها علاج ولكن خاب رجاءه، وهى دائما ما تصيبها حالة من التشنق والغيبوبة الدائمة وأن كثرة الأدوية تسببت فى ضمور فى خلايا المخ فمنعت من الكلام وفقد الأعصاب، وحضر إلى المقام داعين ومستباركاً بمقام الشيخ ابو الحسن الشاذلى ان يشفيها الله.

وقال الحاج عبد لصبور الفرجاحى الصوفى والسالك على حد قوله للطريقة الصوفية، ان تلك المكان من البقاع الغالية على قلبة وانه يستمتع كلما وصل إلى تلك المكان وأنه معلقاً به كونه يجاور ولى من أولياء الله الصالحين، مؤكداً على أن الصوفيه زهداً وحباً لله وان تهب نفسك لله وليس لشئ ولدنيا.

واوضح الفرجاحى لـ"اليوم السابع" أن تلك المقام يأتى له مئات الألاف من سائر بقاع مصر بل وخارجها، محبين ومريدين فى التقرب إلى أولياء الله ومن أخصهم الله فى دنياه بعلمه، حيث ان الدعاء بجواره يستجاب لأجلهم كما قال.

وأشار أن جبل حميثرة من أشهر الجبال حيث سميت نسبة لتلك الوادى الذى توفى فيه سيدى أبو الحسن الشاذلي، وأن صعوده تزامناً مع صعود حجاج بيت الله الحرام على جبل عرفات تمنياً وحباً فان نزور بيت الله الحرام وان نقف حقاً على جبل عرفات.

وأستطرد الفرجاحى فى حديثة أننا سمعنا كثيراً أن من يجمع الحصا فوق حميثرة يعود مرة أخرى لزيارة تلك الوادي، مؤكداً أنه جاء من محافظة سوهاج مع عدد من أصدقاءه، وأحضروا خيامهم وملابسهم وسوف يغادرون بعد يومين.

وداخل المقام وسط أنين وتقرب ودعاء وتضرع، ترى ملا تراه من قبل بكاء وصموت وكثرة الداعين والرافعين الأكفة ألى السماء، وكلاً يدعى كما يشاء، وهناك من يقرأ الفاتحة ويخرج سريعاً وكذلك النائم وكذلك الداعى بصوتاً مرتفاع، وكذلك هتافات مدد ياسيدى أبو الحسن، مدد يا أل البيت.

وبجانب من خارج المقام هناك عدد من الشباب الذين أتوا من محاقظات الصعيد وبجوارهم عدد من المشايخ يمدحون فى سيدى أبو الحسن الشاذلى مرددين "يا ساكن حميثرة فوقك قبه منورة".

وقال أحدهم لـ اليوم السابع أنه من محافظة قنا جاءوا إلى مولد أبو الحسن الشاذلى لأنه من أولياء الله الصالحين، وأنهم متعودون على زيارته سنوياً، ويصعدون حميثرة يومياً تباركاً بهذا المقام وتلك الجبل وسوف يغادرون نهاية المولد والرحيل يوم وقفة عيد الأضحى المبارك، حتى الوقوف على جبل حميثرة تزامناً مع وقوف الحجاج على عرفات داعين الله أن يرزقهم زيارة لبيته.

يذكر الشيخ أبو الحسن الشاذلى ينتهى نسبه إلى الإمام الحسين رضى الله عنهم جميعا، وهو صاحب الطريقة الشاذلية بشارتها الصفراء التى ترمز إلى علوم الأسماء الإلهية ولد سنة 593هـ بقرية شاذلة قرب تونس وتوفى سنة 656هـ أى عاش 63 عاما.



اشتغل بعلوم الشريعة حتى أتقنها وصار يُناظر عليه مع كونه ضريرا ثم انتهج التصوف واجتهد فيه حتى ظهر صلاحه وخيره ثم قدم الإسكندرية وظهرت طريقته الشاذلية وتتلمذ على يد شيخه الشيخ عبد السلام بن بشيش وممن أخذ عنه الشيخ العز بن عبد السلام.

ومن أقواله :ما ولى الله وليا الا وضع حبه فى قلبى قبل أن يوليه، ولا رفض عبدًا الا وألقى الله بغضه فى قلبى قبل أن يرفضه، حسب ما كتب داخل مقامه بوادى حميثرة .



كما كتب بداخل مقامه أنه قال عنه عبد الوهاب الشعرانى حاكيا عن الشيخ تاج الدين بن عطاء الله أن سيدى الشيخ أبا الحسن الشاذلى كان يقول: لا يكمل عالم فى مقام العلم حتى يبتلى بأربع شماتة الأعداء وملامة الأصدقاء وطعن الجهال وحسد العلماء.



وقال عنه الشيخ العارف بالله مكين الدين الأسمر حضرت فى المنصورة فى خيمة فيها الشيخ الإمام مفتى الأنام عز الدين بن عبد السلام والشيخ مجد الدين على بن وهب القشيرى المدرس والشيخ محيى الدين بن سراقة والشيخ مجد الدين الأخيمى والشيخ أبو الحسن الشاذلى ورسالة القشيرى تقرأ عليهم وهم يتكلمون والشيخ أبو الحسن صامت الى أن فرغ كلامهم، فقال: يا سيدى نريد أن نسمع منك، فقال: أنتم سادات الوقت وكبراؤه وقد تكلمتم، فقالوا لابد أن نسمع منك، قال فسكت الشيخ ساعة ثم تكلم بالأسرار العجيبة والعلوم الجليلة فقام الشيخ عز الدين وخرج من صدر الخيمة وفارق موضعه وقال اسمعوا هذا الكلام الغريب القريب العهد من الله.



كما قيل فى كتاب يحكى سيرته وحياته أن الرحالة ابن بطوطة فى رحلته قال أخبرنى الشيخ ياقوت العرش عن شيخه الشيخ أبى العباس المرسى رضى الله عنهم أن أبا الحسن الشاذلى كان يحج كل سنة فلما كان فى آخر سنة خرج فيها قال لخادمه اصطحب فأسا وقفة وحنوطا، فقال له الخادم: ولماذا ياسيدى؟ فقال: فى حميثرا سوف ترى، وحميثرا تقع جنوب غرب مرسى علم بالبحر الاحمر وسط الصحراء الشرقية ووالان هى احدى القرى البدوية لقبيلة العبابدة يوجد بها الضريح والمسجد فلما بلغ حميثرا اغتسل الشيخ أبو الحسن الشاذلى وصلى ركعتين وفى آخر سجدة من صلاته انتقل إلى جوار ربه ودفن هناك.



ومن المشهور أنه لما دفن بحميثرا وغُسل من مائها عذب الماء بعد أن كان ملحا وكثر حتى صار يكفى الركب اذا نزل عليه ولم يكن قبل ذلك يكفى.

وتوفى الشيخ الشاذلى سنة 656 للهجرة وعمره 63 سنة وهو فى طريقه إلى الحج , ففى إحدى الليالى جمع أصحابه وأوصاهم، وقال لهم إذا مت فعليكم بأبى العباس المرسى فإنه الخليفة من بعدى وسيكون له مقام عظيم.

يذكر أن تمت إاعادت بناء مسجد سيدى ابو الحسن الشاذلى على مساحه 7 الاف متر بتكلفة 15 مليون جنيه من الطرق الصوفية، ودعم مليون جنيه من الاوقاف.



ومن جانبه قال الشيخ رفعت ثابت مدير أوقاف البحر الأحمر، أن ان منطقة حميثرا قبلة المتصوفين فى مصر والعالم العربى وان الاحتفال بمولد سيدى ابوالحسن الشاذلى يبدا فى الاول من ذى الحجة حتى صباح يوم العيد ويقوم نحو مليون ونصف المليون بحضور الاحتفال سنويا.

كما يذكر أن انفردت اليوم السابع، بالطقوس والعادات التى يقوم بها زوار مقام سيدى أبو الحسن الشاذلي، من الوقوف على جبل حميثرة فى تزامناً مع وقفت حجاج بيت الله الحرام على جبل عرفات داعين الله أن يكرمهم بزيارة بيته.