أكرم القصاص - علا الشافعي

محمد خالد السباعى يكتب: شتاء المعز ديسمبر

السبت، 19 سبتمبر 2015 12:00 م
محمد خالد السباعى يكتب: شتاء المعز ديسمبر شارع المعز

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شتاء المعز ديسمبر.. أبت الشمس أن تنثر أشعتها على الأرض وآثرت الاختباء خلف غمام الشتاء، لا أعلم هل شعرت بعناء يوم طويل سيبدأ، أم لتجعل البعض يستمتع ببرودة الشتاء، فالشتاء متعة بكل ما يحمله من برد وعناق ومطر وروح تجعله مليئًا بالحياة عن غيره من الفصول الاستيقاظ مبكرًا ليس من اهتماماتى دومًا، فإنى أحترم قدسية النوم بل إنى فى بعض الأحيان أشعر أن إيقاظ شخص نائم شىء محرم أو عقوبة يخالف عليها القانون، لذا لا أستيقظ قبل الظهر وفى عدة محاولات من تجاهى لأدفع جسدى بعيدًا عن معشوقه السرير شعرت أننى حملت أطنانًا من الرمال ولكن نجحت أخيرًا أن أنهض، وبعد العادات البشرية التى يطلبها الجسم فور الاستيقاظ أبدأ فى التفتيش عن شىء آكله وعلى الرغم من أنى وحدى فى المنزل إلا أن الأمل لا ينقطع يوميًا أن أجد شيئًا جديدًا لم آتِ أنا به ولا أظن حينها أنه سيتملكنى الرعب فى تسائل من أتى بهذا أكثر من فرحتى بشىء جديد أجده، ولم أكن أحتاج لوقت كثير فى البحث فلم أجد الكثير لأختار من بينه ولكن أى شىء سيكون كافيًا فلا أملك ذوقًا معينًا فى الطعام عامة فالكل جيد .

لا أعلم ما الحافز الذى جعلنى أبدأ فى اختيار بعض الملابس للنزول إلى شارع المعز فللمعز مكانة فى التاريخ كبيرة أما مكانته عندى فإنها بمثابة الروح من الجسد، فهناك يلتقى حاضر مقيت بماض عريق وفى بعض الأوقات أشفق على هذا الشارع من بعض الناس الذين يتخذونه استوديو تصوير أو مكان للمرح والخروج، ولكن لا يمكننى الحجر على آراء الخلق فالمكان عندى مختلف فلم أجد أحدًا يلمس المكان مثلى ولا ينظر إليه فى شغف كأنها المرة الأولى ولكن كما قلت لكل نظرته.. اليوم المكان مختلف، أعلم أنه لم يتغير منذ عقود متلاحقة ولكن هناك شىء لا أعلم ماهيته ولكنى حتمًا سأجده أو سأشعر به مكانى معين داخل مسجد الحاكم بأمر الله وبرغم قدسية المكان للصلاة والعبادات إلا أنه يملك قدسية غير عادية بالنسبة إلى، أشعر دائمًا أنه يحادثنى وفى بعض الأحيان أشعر أننى تأخرت عليه، لا يسعنى القول سوى أننى أحب هذا المكان بكل ما فيه من روح وعبق وحضارة وفخر، وبمجرد دخولى المسجد علمت ما كان مختلفًا فى المكان وعلى الرغم من اتساع المسجد وأن المكان الذى اتخذه ليس بالمميز ليلفت الانتباه إلا أنى رأيت فتاة تتخذه مجلسًا، وكانت عيناها تنظر حيث أسرح كل مرة، أعلم أننى لن أجلس بجانبها بكل تأكيد لكن لم أتحكم بجسدى الذى سار تجاهها رغبة من مقلتى لتمعن ملامحها وتفقد كل التفاصيل، لم تكن بحجاب على الرأس ولكن لقدسية المكان اتخذت من وشاحها غطاء للرأس الذى لم يستطع أن يغطى سواد الشعر الذى يتناسب جيدًا مع شتاء ديسمبر ومع اليوم الذى رفضت فيه الشمس الخروج وأظن أننى عرفت السبب، وما إن وصلت لها توقفت أتفقدها لدقائق ثم تركت المسجد، لا أعلم بما كنت أفكر ولكن كنت على يقين أنها قد تخرج خلفى فلابد أن تتسائل "أعاقل هذا الذى يدخل مسجدًا لينظر لفتاة ويخرج؟" وبالفعل ما إن اختلست نظرة خلفى حـتى وجدتها تتبعنى.. "أعلم أنك تأتى هنا غالبًا وأعلم أيضًا أن هذا مكانك الذى تفضله كنت أنتظر بعيدًا لأراك قد تفعل شيئًا آخر ولكن تظل هكذا لبضع ساعات ثم تنصرف تنظر لمكان معين لا أعلم ماذا ترى فى خيالاتك ولكن كان يجب أن أعلم ما فى هذا المكان من المسجد يجعلك تترك أرضنا وتذهب داخل عقلك لمكان بعيد، لا أعلم سوى أنى كنت أشعر أنى سأراك اليوم، لا أعلم سوى أنى أريد أن أرى المكان بأكمله كما تراه"، كانت كلماتها غريبة كيف لفتاة لا تعلم عنى سوى جلستى فى مكان معين أن تطلب شيئًا كهذا ولكن لن أتصنع الذهول فمنذ بداية اليوم وأنا أعلم أن هناك شيئًا يجذبنى للمعز مختلف عن كل مرة، "موافق" صدرت من داخلى إلى فمى تدريجيًا وبدأت أن أريها كل قطعة فى المعز وأن أحكى لها عن تاريخ كل مسجد وقصر وحمام قديم وبيوت جميلة الصنع ولكن الغريب أن الأسامى قد اختفت فى كلامنا فلم أسألها عن اسمها ولم يكن يتملكها الفضول لأن تعرف اسم الشاب ذا المكان فى مسجد الحاكم بامر الله، لا تهم الأسماء فلو كانت "مهاد" لن يختلف كونها مع شخص لا تعرفه وتريد أن ترى مكانًا من خلال عينيه عن كونها "نور" أو "خديجة" أو "روان"، ومن ناحيتى هل يختلف أن اكون "آسر" أو "مازن" عن كونى فتى لا يملك سوى مكان يشعر بروحه بداخله ووجد فتاة فى بياض ثلج الشتاء وشعرها يمتلك سواد ليله، لا تهم الأسماء فأنا أؤمن أنها لا تملك أهمية سوى أن ننادى بعضنا البعض وأنا لا أحتاج أن أناديها فالغريب أنها تتمسك بيدى بشكل غريب لا تفكر من أكون وما شخصيتى ولكن فضولى كان أكبر لكى أوقفها وأسأل عن ماهيتها ليس اسمها..... "اليوم آخر يوم لى فى مصر لا أعلم إن كنت سأعود هنا من جديد أم ستكون هذه آخر ليالىَّ هنا، أردت أن أزور أكثر المكان حبًا لقلبى ولكنى لم أكن أعلم عن تفاصيله الكثير فهو وعلى الرغم من حبى له إلا أنه بعض الحجارة المميزة ليس إلا لذا أتيت اليوم وتمنيت أن أراك لقد شاهدتك مرارًا تمشى فى الشارع تجوب هنا وهناك تلمس الأبواب وتنظر للشىء من جهات عدة وكنت أتمنى أن أرى المكان من خلالك هذا كل شىء"، يا الله أهذا ما جعلنى أنزل اليوم، أهذا ما فصل جسدى عن منزلى لأرى شخصًا كهذا، بدون اسم ولا تفاصيل مجرد تفاصيل المكان تضفى إلى الكلام روح لا تقل قيمة عن روح المكان، لم أتمالك نفسى سوى وأنا أفك تميمتى من حول عنقى وأضعها فى يدها، نعم هى جميلة وعزيزة على ولكن لا تقل جمالا عن فتاة فكرت أن هذا المكان هو ما يستحق أن يرى قبل مغادرتها. كان موعد مغادرتها، وبمقابل التميمة أهدتنى عناقا كان بمثابة كلام كثير بداخلها ولكنى لم أستطع فهمه ولكن المهم أنه عناق.

إذا تسائلنا عن كل شىء يحدث لنا فى هذه الحياة ففى الغالب سنجد سببًا ما، نعم لكل شىء يحدث حكمة لكل خطوة نخطوها تقربنا من شىء ولكن ماذا لو كانت الأسباب هى مجرد تفسير من تجاهنا لنلقى بأنفسنا خارج حيرة الزمن ماذا لو كان السبب من كل هذا هو أن نجد أشخاصًا معينة تغير فى حياتنا شيئًا، عند خروج سيدنا موسى من مصر هربًا من قومه لم يكن يدرى أنه سيقابل ابنة سيدنا شعيب ويتخذها زوجة، لا يوجد سبب بعينه لكل ما يحدث ولكنى أرى أن تجد الشخص المنتظر هو أكبر الأسباب التى نجهلها جميعًا.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة