يُلخص "فيرغسون" مسار البشرية، فهو يلاحظ أن التقدم والأحداث الكبرى المشهورة فى التاريخ يفسرها النشاط الاقتصادي والمالى، وكما يقول "جاكونبرونوفسكى": "صعود المال كان ضرورياً لصعود الإنسان؛ فبالإضافة إلى كونه مشابهاً لعمل "العلقة" التى تمتص دماء الحياة من العائلات المدينة والمقامرة ومدخرات الأرامل والأيتام فإن التجديد المالى كان عاملاً لا غنى عنه فى تقدم الإنسان من مجرد الكفاف شديد الفقر إلى علياء الرخاء المادى الذى يعرفه كثير من الناس اليوم.
ولقد كان المال هو السر وراء كل ظاهرة تاريخية عظيمة؛ فقد أوجد عصر النهضة ازدهاراً كبيراً فى سوق الفن والهندسة المعمارية لأن المصرفيين الإيطاليين جمعوا ثروات من خلال تطبيق الرياضيات الشرقية على المعاملات المالية، وتفوق الهولنديون على إمبراطورية "هابسبرغ" بامتلاك أول بورصة عالمية، كانت أفضل من مناجم الفضة.
وتطرق إلى "النقود والمعاملات البنكية"، فالنقود بالنسبة إليه هى مسألة اعتقاد، حيث الإيمان بالشخص الذى يدفع لنا، ومن يصدرها لنستخدمها، والمؤسسة التى تقبل الشيكات والتحويلات الصادرة عنها، المال ليس معدناً، ولكنه الثقة منقوشة، سواء كان هذا النقش على الذهب والفضة أو الورق أو الصلصال (بابل) أو الكريستال السائل أو الصدف (المالديف) أو الأقراص الحجرية المستخدمة في جزر المحيط الهندى، وفى العصر الإلكترونى يمكن أن يكون اللاشيء نقودًا (34–35)، وليس مصادفة أن أصل كلمة credit "ائتمان" هو كلمة credo وتعني فى اللاتينية "أنا أصدِّق".
كما تناول " فيرغسون" فى كتابه مفهوم الشركات، باعتبارها أكثر الاختراعات أهمية فى العصر الحديث؛ ذلك أنها تسمح لآلاف الأفراد بأن يجمعوا مواردهم للقيام بمشروعات طويلة الأجل تتسم بالمخاطرة وتتطلب استثمارات بمبالغ ضخمة من رأس المال قبل أن تحقق أرباحاً.
وفيما يتصل بالأزمات وكيفية تفاديها، فيشير "فيرغسون" إلى أن دروس التاريخ أثبتت خلال تجارب عملية على أن سوء الإدارة يبدد الموارد، فهذا ما حدث لإسبانيا فى القرن السابع عشر عندما لم تفدها الكميات الهائلة من الفضة التى حصلت عليها من القارة الجديدة وما حدث للأرجنتين عندما حول سوء الإدارة قصة النجاح إلى قصة فشل.
موضوعات متعلقة..
متحف هولندى يعرض "160 مليون يورو" لشراء لوحتين لـ" رامبرانت"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة