"اليوم السابع" فى أكبر تحقيق استقصائى عن جريمة تدمير البنات.. أخطر مافيا ختان الإناث بمستشفيات وعيادات ومنازل الصعيد.. داية تعترف: أجريت أكثر من 200 عملية.. وطبيب شهير يستعين بممرضات لإجرائها

السبت، 22 أغسطس 2015 10:17 ص
"اليوم السابع" فى أكبر تحقيق استقصائى عن جريمة تدمير البنات.. أخطر مافيا ختان الإناث بمستشفيات وعيادات ومنازل الصعيد.. داية تعترف: أجريت أكثر من 200 عملية.. وطبيب شهير يستعين بممرضات لإجرائها ختان الإناث
كتبت : ضحا صالح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نقلا عن العدد اليومى...


إجراء تحقيق صحفى عن هذه العادة المتأصلة فى الثقافة المصرية، والتى تتوارثها الأجيال جيلاً بعد الآخر، على الرغم من كل التقدم التكنولوجى والمعيشى الذى تشهده البلاد، لم يكن بالأمر السهل، فمواجهة مثل تلك العادات والتقاليد لا تزال تمثل تحديًا كبيرًا، خاصة فى ريف مصر، وبالتحديد فى الصعيد منه، فعلى الرغم من تجريم عمليات الختان فى مصر، فإن تلك العمليات مازالت تشكل عرضًا مستمرًا تجرى أحداثه بشكل يومى فى البيوت وداخل المستشفيات الحكومية.


اليوم السابع -8 -2015

حملات إعلامية تم إطلاقها لسنوات، كان عنوانها الدعوة لوقف عمليات الختان، لكن التجربة أثبتت أن جهود الحكومة فى هذا الملف لم تتجاوز حدود المقرات الحكومية، بل لم تصل هذه الدعوات إلى المستشفيات التابعة للحكومة نفسها، خاصة فى محافظات الصعيد، وفى محافظة أسيوط وحدها يرصد التحقيق التالى واقع عمليات الختان فى 3 أماكن مختلفة، تؤكد استمرار عمليات الختان فى المراكز الخاصة ومستشفيات حكومية، وفقًا لتسعيرة إجبارية لكل منها.

اثنتان من الأمهات، كانت لكل واحدة منهما تجربتها المختلفة عن الأخرى، الأولى وجدت فيها الأم نفسها مضطرة أن تجرى عملية الختان لابنتها، فقط من أجل ضغط الأب، رغم محاولات الأم أن تجنب ابنتها ما مرت به هى من آلام خلال سنوات زواجها، وهو ما دفعها لقبول خوض تلك التجربة المريرة، فيما كانت التجربة الثانية لأم فقيرة مغلوبة على أمرها لجأت إلينا بعد أن ضاقت بها السبل فى تدبير المبالغ الطائلة التى تطلبها عيادات القطاع الخاص، وحتى المستشفيات الحكومية، فضلًا على ذلك فإن الحوارات مع خمس من أشهر «الدايات» فى أسيوط والصعيد تكشف كيف يتم إجراء تلك العمليات، والأدوات التى تستخدمها الدايات فى عملية الختان، بداية من تجهيز الفتاة، حتى الانتهاء من العلاج، والمواد التى يستخدمنها كبدائل للمضادات الحيوية، ومنها الثوم، و«تراب الفرن»، و«المسة الزرقاء»، كما تكشف اختلاف الأجور بين إجراء العملية فى منزل الطفلة، أو فى منزل الداية، وطرق العلاج فى حال حدوث مضاعفات.

اليوم السابع -8 -2015

كارثة فى مستشفى حكومى


«أ» تعمل خادمة فى المنازل، لتساعد زوجها الذى يقوم بمسح السيارات على مواجهة الفقر والجوع، ولديها طفل 3 أعوام، وطفلة 8 أشهر، ومنذ أن تجاوز عمر الطفلة الشهر بدأت تبحث عن طريقة لإجراء عملية الختان لابنتها، ولكن بعد أن ضاقت بها السبل لجأت إلينا للتوسط لدى أحد الأطباء لإجراء العملية بسعر مناسب لها، وهو ما رفضنا التدخل من أجله، حتى فاجأتنا فى أحد الأيام بأنها ستقوم بإجراء العملية بعد الاتفاق مع إحدى «التمرجيات» التى تعمل فى مستشفى حكومى، وأن العملية سيتم إجراؤها داخل المستشفى دون أن يشعر أحد، وأضافت أن طبيبًا بعينه من النواب هو من سيقوم بإجراء العملية، مقابل 300 جنيه.

وبإلحاح من الأم اصطحبتها وطفلتها «و» ذات الـ 8 أشهر لمستشفى «ص» المركزى، حيث كان مقررًا إجراء العملية، وهناك كانت المفاجأة الصادمة، أن من سيقوم بإجراء العملية هو مجرد ممرض بالمستشفى وليس طبيبًا من الأساس كما كان الاتفاق، ويقوم الممرض الذى يناديه طاقم التمريض فى المستشفى بلقب «الدكتور م» باستقبال حالات الختان تحت عمر السنة بالمستشفى، فيما يقوم بإجراء عمليات الختان خارج المستشفى، وفى المنازل للأعمار الأكبر من عام، حرصًا على عدم لفت الأنظار داخل المستشفى.

اليوم السابع -8 -2015

فى اليوم المحدد أخبرت «س» وهى «تمرجية» بالمستشفى والدة الطفلة بأن تأتى إلى المستشفى فى تمام الساعة الحادية عشرة، وهو موعد انتهاء العيادات الخارجية، حتى تتأكد من مغادرة جميع الأطباء للمستشفى، وتم الاتفاق على حيلة الدخول، بحيث تخبرهم «أ» أن ابنتها تعانى من «خُراج»، وتحتاج إلى تدخل أحد الممرضين لفتحه والغيار عليه، وبناء عليه دخلنا بالفعل، وأشارت لها «التمرجية» بأن الدكتور م «الممرض» فى انتظارها، وكنت قد طلبت من «س» التقاط بعض الصور من حجرة العمليات دون أن يشعر «م»، ولكن «أ» والدة الطفلة أخبرتنى بأنه من الصعب عليها أن تقوم بمثل هذه العملية، ولكنها أكدت لى أن الدكتور م سيوافق على التصوير لو عرضت عليه مبلغًا ماليًا، ولكن بشرط ألا يظهر وجهه فى الصور، وبالفعل أخبرته بأننى أعد رسالة ماجستير عن ختان الإناث، وأننى فى حاجة لبعض الصور، وقبل أن يرد أخبرته بأن وجهه لن يظهر إطلاقًا فى الصور، وأخبرنى بأنه سيرى جميع الصور وأخبرته بأننى خالة الطفلة.

على الفور بدأ «م» يشمر عن ساعديه، وأخرج المقصات والمشارط وأدوات الجراحة، وقام بوضع الطفلة على سرير العمليات الموجود فى جانب الغرفة، وبدأت «س» فى إتمام عملها بعد أن خلعت ملابس الطفلة، وأمسكت بيدها حتى يستطيع رش المخدر، فيما انزوت الأم جانبًا، وفى أثناء إجراء الجراحة حدث ما لم يكن متوقعًا.. نادى أحد العاملين بالمستشفى على الممرض «م» فجأة، فارتبك بشدة ولم يكن أمامه إلا أن قام بإلقاء ملاءة على الطفلة، وعندما دخل العامل فجأة وسأل ما الذى يجرى هنا، أخبرته «التمرجية» بأن الطفلة تعانى من «خُراج» و«م» يقوم بفتحه والغيار عليه.

اليوم السابع -8 -2015

واستأذن العامل بعد أن اقتنع وخرج من الغرفة بحديث «س» واستكمل «م» عمله بسرعة البرق حتى أنهى العملية سريعًا، ووضع الطفلة داخل «الكوفرتة» الخاصة بها، وطلب حسابه فى عجلة، فأعطيته 300 جنيه، أخفاها على الفور داخل ملابسه دون عدها، وقال للأم إن «س» ستأتى غدًا إلى المنزل عندك لتقوم بالغيار عن الجرح، ونصحها بالبعد عن الأتربة والغبار، وكتب لها بعض المراهم والمضادات الحيوية، وخرجنا مثلما دخلنا دون أن يشعر أحد.

استمرت الطفلة تنازع الألم بالصراخ والبكاء طوال اليوم، ولم تسكن آلامها تلك المسكنات التى ظلت أمها تعطيها إياها طوال الليل، حتى جاء اليوم الثانى، وتوجهت لزيارتها، وبالصدفة تقابلت أنا و«التمرجية» «س»، وفى أثناء غيارها على الجرح أخبرتنا بأن الجرح كان أعمق من اللازم، وأضافت أنه عند دخول العامل إلى الغرفة ارتبك «الدكتور م» وزاد بين مشرطه ومقصه الجرح، سألتها إذا كانت هناك أى خطورة على حياة الطفلة، ولكنها أخبرتنى بأنها لم تكن المرة الأولى ولكن سيأخذ العلاج وقتًا، وبالفعل بدأت بعدها الطفلة «و» تسترد صحتها يومًا بعد الآخر حتى تم علاج الجرح بالكامل.

«س».. ختان على أيدى الممرضة


عمليات الختان غير موجودة فقط فى القرى، ولا تجرى فقط على أيدى «الدايات»، إنما هناك مستشفيات حكومية ومراكز خاصة وعيادات تقوم بإجراء تلك العمليات، هذا ما تؤكده أيضًا تجربة الطفلة «س».

اليوم السابع -8 -2015

«م» والدة «س» تصف نفسها بأنها من أكثر النساء اللاتى عانين طوال فترة الزواج من الآثار السلبية المترتبة على الختان.. قادتنا الصدفة وحدها إلى «م» التى اشتكت من إصرار زوجها وحماتها على ختان الطفله التى لم تبلغ من العمر سوى 6 أشهر، وحاولت هى مرارًا وتكرارًا مع زوجها حتى لا تدفع الابنة الثمن مثلما دفعته هى من استقرارها فى حياتها الزوجية التى باتت تعج بالمشاكل، إلا أن إصرار الزوج والحماة تصدى لكل محاولاتها فى منع حدوث تلك الجريمة.. اتفقت مع «م» على رصد مراحل تلك العملية، ولم توافق هى بسهولة، وفى النهاية وافقت من منطلق أن تلك الجرائم التى تحدث بحق الفتيات لابد أن يتم إيقافها، وأن يتكاتف الجميع من أجل إيقاف تلك الممارسات غير الإنسانية.

توجهت «م» وشقيقتها وشقيقة زوجها إلى أحد المراكز الخاصة، وكان هناك اتفاق مسبق بيننا على أن نتقابل فى العيادة بطريق الصدفة، وأن أدعى أننى صديقتها التى لم ترها من قبل الزواج، وكان الاتفاق بيننا أيضًا على تصوير العملية فقط دون إظهار الوجه خوفًا من زوجها، وأكدت على ذلك فى اتفاقها، وهاتفتنى قبل إجراء العملية بيوم واحد لتخبرنى بأن شقيقة زوجها سوف تأتى معها، وهذا سيجعل الأمر صعبًا، إلا أننى أقنعتها بأن تقوم هى بتصوير العملية فى حالة عدم دخولى.

وفى اليوم المحدد لإجراء العملية توجهت إلى المركز الطبى، ووجدتها بالفعل بصحبة شقيقتها وشقيقة زوجها، وأقنعنا الجميع بطريقتنا فى تبادل السلام أننا تقابلنا صدفة لأول مرة منذ سنوات، وسألتها عن سبب قدومها إلى المركز فى ذلك اليوم فأخبرتنى أمام الحاضرين من ذويها أنها أتت لإجراء عملية ختان لصغيرتها التى تبلغ من العمر 6 أشهر، وعن سبب قدومى أنا، أخبرتها بأن هناك «خُراجًا» يؤلمنى بالرأس، وأتيت لإجراء جراحة به، وأن المركز متخصص فى الجراحات، لكنها استعطفتنى أن أكون بجانبها لأنها خائفة وترتجف قليلًا، فربتّ على كتفها، وأقنعتها بأنه يمكننى الدخول معها إلى العمليات فى حال إحساسها بعدم القدرة على الصمود أمام ذلك الموقف، فأبدت الموافقة بتردد، حتى لا تلفت الأنظار، وواصلت إقناعى لها، وحدث ما لم يكن متوقعًا، فبادرت شقيقة زوجها وأخبرتها بأنه من الأولى أن تصطحبنى معها إلى حجرة العمليات لأنها لا تستطيع أن ترى ابنة شقيقها وهى تصرخ من الألم، طمأنتهن بأن الأمور عادية، وليس هناك أى قلق، وأن الأطفال الإناث تجرى لهم تلك الجراحة فى ذلك السن بدون قلق.

جاء دورها فى الدخول.. كانت الحجرة التى من المفترض أن تكون حجرة العمليات ضيقة، وليس بها من أدوات العمليات سوى سرير تمت تغطيته بملاءة بيضاء، وكانت تقف ممرضة تبدو فى الأربعين من عمرها تقوم بترتيب أدوات الجراحة وتجهيز قطن، خلعنا للطفلة ملابسها فى انتظار إجراء الجراحة.

أصيبت الأم بحالة من الدوار والتشنج خوفًا على صغيرتها، وحاولت إفاقتها وتهدئتها أكثر من مرة، إلا أنها خارت قواها، ولم تستطع الوقوف، ساعدتها مرة أخرى مؤكدة لها أنها لابد أن تتماسك أكثر من ذلك، لكن خوفها على الصغيرة كان أقوى منها، سألت الممرضة متى سيأتى الطبيب حتى ننهى تلك الجراحة، وجاء رد الممرضة كالصاعقة، وأخبرتنى بأنها هى من ستقوم بإجراء عملية الختان للطفلة، مضيفة أن أطباء المركز لا يقومون بإجراء مثل هذه العمليات الصغيرة، وأن تلك العمليات من اختصاص التمريض، ولا يتدخل الطبيب إلا فى حالة حدوث نزيف أو جرح غائر، وفيما عدا ذلك تجرى الطفلة العملية وتخرج فى الوقت نفسه دون حدوث أى مضاعفات.

اليوم السابع -8 -2015

وبالفعل بدأت الممرضة تجهيز الصغيرة، وقامت «م» بإمساك طفلتها بعد أن قامت الممرضة برش مخدر موضعى، وأخرجت الهاتف المحمول فى محاوله لالتقاط صورة، ولكن تصدت لى الممرضة، وأخبرتنى بأن ما أفعله ممنوع، وأنها سوف تقوم باستدعاء الأمن، أخبرتها بأن الطفلة ابنة شقيقتى، وأننى أقوم بتصويرها بناء على رغبة شقيقتى، فردت قائلة بأن هناك تعليمات لديها بذلك حتى لو كانت الأم نفسها هى من تقوم بعملية التصوير.

سألتها كما تتقاضى على إجراء عملية الختان، أجابت بأن ذلك لا يهمنى، فأعدت تكرار السؤال من باب العلم بالشىء، وأجابت هذه المرة بأن المركز يتقاضى 300 جنيه عن كل طفلة، وأنها تتقاضى 50 جنيهًا فقط على كل طفلة تقوم بختانها فى المركز، وأن هذا ليس له علاقة براتبها الشهرى، فأخرجت من حقيبتى 150 جنيهًا، وقلت لها لنعتبر أنك قمت بإجراء 3 عمليات مرة واحدة، قامت الممرضة بإخفاء النقود سريعًا وأخبرتنى بأنه ليس هناك وقت، وفى حالة دخول أحد العاملين إلى حجرة العمليات وملاحظته قيامى بالتصوير سيكون الأمر محرجًا للغاية، وستتعرض إلى مساءلة، أكدت لها أيضًا أننى لا أملك كثيرًا من الوقت، بدأت الممرضة فى إجراء العملية بعد أن قامت برش المخدر الموضعى بدقائق، وفى لحظات كانت قد أنهت عملية الجراحة، ووضعت القطن والشاش ومضادًا حيويًا «اسبراى»، وقامت بتغطية الطفلة جيدًا، وأخبرت الأم أنها ستقوم برش المضاد الحيوى نفسه، والذى كانت قد أحضرته الأم قبيل العملية، وستقوم فى الصباح بوضعها فى مياه ساخنة بها بضع نقاط من المطهر، ومن ثم التغيير على الجرح لمدة يومين بالمضاد الحيوى الرش وآخر للدهان.

قبل خروجنا من الحجرة أخذتنى الممرضة جانبًا وطالبتنى بألا أخبر أحدًا بما حدث، ابتسمت لها وأخبرتها بأن الطفلة ابنة أختى، ومن الصعب أن اقوم بإيذائها.. خرجنا من المركز، ودموع الأم لم تجف، أخبرتنى بأنها لم تعلم إن كانت ما فعلته صحيحًا أم خطأ، ورددت من بين دموعها: «الله يعلم ما تكنه القلوب».

الداية «ز»: أجريت أكثر من 200 عملية ختان


اسمها ذائع الصيت فى مركز الغنايم بأسيوط، ولذا توصف «ز» بأنها الأشهر فى قرى مركز الغنايم فى الولادة، وعمليات الختان، ومعالجة الجروح وخلافه، وتوصف بـ «صاحبة القلب الميت».

روت لنا «ز» التى تناهز السبعين من عمرها بداية عملها كداية، وكان عمرها وقتها 30 عامًا، حينما طلبت منها إحدى جاراتها مساعدتها فى إتمام عملية الولادة، وبعد أن رزق الله جارتها بالولد حصلت وقتها «ز» على مبلغ مالى 50 جنيهًا، وكان ذلك المبلغ كبيرًا فى ذلك الوقت، مما دفعها لأن تتدرب على عمليات الولادة، وتطور الأمر معها إلى عمليات الختان شيئًا فشيئًا، حتى أصبحت الأشهر بين قريناتها، وسبقتهن بمراحل، وساعدتها خبرتها فى الختان والولادة على الحصول على شهادة «داية»، والحصول على الشنطة الخاصة بهن، والتى كانت تسلم من الوحدات الصحية، وتحتوى هذه الشنط على مقصات ومشارط وأحواض صغيرة للتعقيم.

تقول «ز» إنها أجرت ما يقارب الـ 200 عملية ختان طوال الفترة السابقة، وإنها رغم التحذيرات التى كانت تملى عليهن كدايات، فإنها كانت تنطلق من إيمان بأن «الفتاة فى النهاية لا تملك إلا شرفها، ونحن بذلك نحافظ عليها».

شهرة «ز» امتدت إلى المراكز المجاورة من محافظة أسيوط، ومحافظة سوهاج، حيث بدأ يتردد عليها سكان مركز طما بسوهاج، الأمر الذى دفع أحد الأطباء المشهورين فى تخصص النساء والتوليد بالمركز إلى أن يطلبها كمساعدة له فى إجراء عمليات الختان، وكانت تعمل أمام الأهالى كمساعدة طبيب، ولكن عملها الأصلى كان إجراء عمليات الختان داخل العيادة مقابل حصول الطبيب على نصف الأجر، خاصة بعد أن صدر التجريم لعمليات الختان، وأصبحت تجرى مقابل أسعار مرتفعة، وكان من الصعب على الطبيب إعلان قيامه بمثل هذه العمليات أمام الجميع.

وعلى الرغم من حصولها على مبالغ كبيرة نظير عملها مع ذلك الطبيب، فإن الأمر لم يدم طويلًا، وتقول «ز» إنه فى إحدى المرات قامت بإجراء عملية ختان لفتاة تبلغ من العمر 12 عامًا بمساعدة الطبيب، ونظرًا لأن الطبيب كان يقوم بتخدير الفتاة بـ«بنج كلى» فإن «البنج» لم يكن متوفرًا وقتها، واقترحت هى عليه أن تقوم بمساعدته، وعمل العملية بدون «بنج» ووقتها تعرضت الفتاة لنزيف حاد، ودخلت فى مشاكل صحية خطيرة، وأخبر الطبيب أهلها بأنه فى حالة قيامهم بالإبلاغ سينكر هو ذلك تمامًا، وفى النهاية لن يستطيعوا الحصول على شىء لأنه يعمل طبيب نساء، وتولى الطبيب معالجة الفتاة، حتى تماثلت للشفاء بعد عدة أسابيع.

لم يستمر عملها مع هذا الطبيب كثيرًا بعد هذه العملية- هكذا تواصل «ز»- وقررت العودة إلى ما كانت عليه، خوفًا من أن يستغلها الطبيب لاحقًا فى حالة حدوث شىء لأى فتاة، وحققت أموالًا من وراء عملها كداية، واكتسبت خبرة كبيرة، وكانت تجرى العملية فى منزلها بمبلغ مادى يتراوح بين 50 و100 جنيه، ولكنها تأخذ أجرًا إضافيًا فى حال انتقالها إلى منزل الفتاة التى ستقوم بختانها يتراوح بين 20 و50 جنيهًا حسب الإمكانيات وبعد المسافة.

«المسة الزرقاء» هى مادة تصفها «ز» بأنها «سر المهنة»، فكانت لا تجرى عملية ختان لأى طفلة فى أى سن إلا وتستخدم هذه المادة التى تمارس بعدها الفتاة حياتها بشكل طبيعى.

الداية «ن»: الختان السبب الأول فى مشاكل الأزواج


تبلغ الداية «ن» من العمر 73 سنة، تزوجت وكان عمرها 16 عامًا، وتوفى زوجها بعد أن أنجبت ابنها الوحيد، ولم تتزوج بعد ذلك مرة ثانية، بدأت العمل كداية منذ أن كان عمرها 30 عامًا، وأجرت خلال تلك الفترة ما لا يقل عن 300 عملية وضع، ولم تتذكر عدد عمليات الختان التى أجرتها، وتقول إن أكبر مبلغ تقاضته كان 100 جنيه فى إحدى المرات حينما كانت الولادة لطفل ذكر، وظلت «ن» تواصل عملها كداية إلى أن حصلت على الشهادة الصحية بعملها كداية، وقامت بتسلّم شنطة المعدات الخاصة بها بعد أن تلقت عدة دورات تدريبية، وظلت تواصل عملها طوال فترة كبيرة فى ختان الإناث، وكانت تتقاضى فى بادئ الأمر أجرًا قدره 5 جنيهات وأحيانًا 10 جنيهات.

اليوم السابع -8 -2015

ورثت «ن» عملها كداية من والدتها التى كانت سببًا فى اكتسابها خبرة جيدة أضيفت إلى عملها، فكانت تساعدها وترى ما تقوم والدتها بعمله منذ أن كانت صغيرة، ولكنها لم تستطع استكمال مسيرة العمل إلا بعد أن حصلت على شهادة رسمية من الصحة، وبعد عملها لفترة توقفت تمامًا عن القيام بعمليات الختان بعد أن تلقت عدة ندوات توعية عن خطورة وأضرار عمليات الختان للإناث، وهى ترى أن المجتمع عليه أن يحارب تلك العادات والتقاليد، فهى ورغم رفضها تلك العمليات فإنها لم تستطع أن تمنع ابنها وزوجته من القيام بذلك الأمر طبقًا للعادات والتقاليد التى يسير المجتمع وفقًا لها طوال الوقت، وحينما طلبا منها لم يكن أمامها سوى أن قامت بإرسالهما إلى داية أخرى تثق فيها، خوفًا على الفتاتين.

الداية «ف» ودرس أحد شيوخ الأزهر عن الختان


عمر الداية «ف» 80 عامًا، وهى أرملة توفى زوجها منذ سنوات عديدة لا تتذكرها، ولديها 2 من الأبناء الذكور، وعملت كداية منذ أكثر من 40 عامًا، وتقول إنها أجرت خلال تلك الفترة حوالى 200 عملية ولادة و40 عملية ختان.

ترى «ف» التى اعتزلت مهنتها كداية منذ عامين أن الأمر اختلف تمامًا بين العمل فى الماضى والوقت الحالى، فكانت تتقاضى أجرًا لا يزيد على 5 جنيهات، وفيما تذكر أن آخر عملية أجرتها كانت منذ عامين تقاضت عليها أجرًا قيمته 250 جنيهَا، بعد أن تم تجريم العمليات فى العيادات والمستشفيات وأصبحت تجريها سرًا، مشيرة إلى أنها خلال عملها كداية كانت لا تلجأ إطلاقًا إلى التخدير، وإنما كانت تعتمد على سن الطفلة الصغيرة منذ عمر 15 يومًا، حيث ينعدم فى ذلك العمر الإحساس لدى الطفلة، أو يقل بنسبة كبيرة، ولذلك لا تشعر الطفلة الرضيعة بأى جرح.

تقول «ف» إنه على الرغم من أن ختان الولد أسهل من ختان البنت، فإنها لم تقم أبدًا بعملية ختان لأى طفل ذكر، كما أنها كانت تستخدم «الموس» دائمًا فى العمليات بعد تعقيمه، ولم تلجأ للمقص حيث كان لديها من الخبرة الكافية ما يجعلها تستغنى عن تلك الأداة.

وأضافت أنه فى إحدى المرات قام أحد شيوخ الأزهر الشريف بإلقاء عدة محاضرات عليهن، حثهن خلالها على عدم إجراء عمليات الختان للأنثى بجرح عميق، وقال إنه يستحسن أن يكون الجرح سطحيًا حتى لا يؤثر على الفتاة فيما بعد، مشيرة إلى أنها على أثر ذلك كانت تقوم بإجراء عمليات الختان ولكن بشكل سطحى، مؤكدة أنها بعد الانتهاء من إجراء الجراحة كانت تضع على كامل الجرح الملح والليمون والبصل لمدة يومين، وبعدها ترى الأم أن الجرح لم يعد موجودًا وتختفى آثاره تمامًا.

وتشير «ف» إلى أنها لم تتلق أى مقابل من الصحة، إنما كان مصدر دخلها الوحيد الأجر الذى كانت تتقاضاه من عمليات الختان والولادة.

«س».. أقدم دايات البدارى توقفت عن الختان بسبب ضعف نظرها


«س» من أقدم دايات مركز البدارى بمحافظة أسيوط، وتقول إنها توقفت عن إجراء عمليات الختان منذ 4 سنوات لعدة أسباب، أهمها ضعف النظر، وتدهور حالتها الصحية، مشيرة إلى أنها كانت تقوم بإجراء عمليات الختان بمفردها، أو بمساعدة أحد الأطباء بالوحدات الصحية بالمركز والقرية.

وتقول «س»: كنت أختن البنات حتى يتمتعن بالنظافة والصبا والجمال ويكبرن سريعًا، موضحة أنها فى ذلك الوقت لم تكن هى وحدها من تجرى عمليات الختان، بل كانت هى والممرضات والطبيبات بالمركز وفى الوحدات الصحية والمستشفى.

وأشارت «س» إلى أنها طيلة فترة عملها كداية لم تصادف أبدًا وأن حدثت أى مضاعفات لأى طفلة كانت تختنها، وكانت الصحة أيضًا تساعدهن بالمضادات الحيوية والعلاج، موضحة أنها تلقت العديد من الدورات التدريبية هى وزميلاتها فى بعض المستشفيات والوحدات الصحية، وقالت إن عددهن وقتها كان 40 داية، مؤكدة أنها لم تتقاض أى أجر أو مقابل مادى من الصحة إطلاقًا، إنما كانت تتقاضى أجرًا بسيطًا من الأهالى، وقالت إن أكبر مبلغ حصلت عليه بعد إجرائها عملية ختان كان 50 جنيهًا.

وتواصل «س»: رفضت توريث المهنة لبناتى أو بنات أقاربى، لأننى أخشى أن أساعدهن على ارتكاب جريمة يحاربها القانون.

«ح»: آلام الختان أفضل من آلام الشرف


تختلف «ح.م» أو «ح»، 60 عامًا، عن بقية الدايات، فهى لا تزال تمارس مهنتها كداية، وتعتمد قرية النواميس بالبدارى عليها بشكل كلى فى كل ما يخص أى إجراء طبى بالقرية، من ختان ومعالجة جروح وحروق، فضلًا على مصاحبة العروس ليلة زفافها.

اليوم السابع -8 -2015

بدأت «ح» عملها كداية بمحض الصدفة بعد أن قامت بمساعدة شقيقتها فى عملية الوضع، خاصة أن الطفل كان فى وضع غير طبيعى، وأذاعت نسوة القرية كيف استطاعت «ح» السيطرة على الموقف ومساعدة شقيقتها على الوضع بسلام، لتبدأ بعدها رحلتها كداية فى عمليات الولادة، ومن ثم اتجهت لعمل عمليات الختان، فيما لم تحصل على شنطة طبية مثل بقية الدايات، وكانت تستخدم أدواتها الخاصة التى لا تزيد على «الموس» والليمون والثوم و«تراب الفرن»، لافتة إلى أنها لم تعمل تحت إشراف طبى.

«تراب الفرن» بالنسبة لـ«ح» هو «كلمة السر» فى كل عملية ختان، فتقوم «ح» كل مرة باستخدام «موس» جديد تشتريه خصيصًا من أجل تلك العملية تحديدًا، ولا تقوم باستخدام أى مواد تخدير، لأنها ترفض ختان الفتاة بعد إتمامها 6 أشهر من عمرها، وما أن تنتهى من العملية حتى تكتم الجرح بتراب الفرن، ثم تضع قطرة من الليمون ممزوجة بالثوم، مؤكدة أن الثوم قادر على قتل أى جراثيم أو بكتيريا وفطريات قد تؤدى إلى التهاب الجرح.

وترى «ح» أن الختان أمر واجب، وهو سنة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكذلك عفة للفتاة، ويحميها من شرور الدنيا وشرور النفس.

لا تزال «ح» تمارس مهنتها بشكل طبيعى، وتعتبرها مصدر الرزق الوحيد لها ولأسرتها المكونة من 6 أفراد، منهم ابنتاها اللتان قامت هى نفسها بختانهما قبل أن تتم إحداهما شهرها الأول، مضيفة أنها لم تشعر على الإطلاق بأى آلام فى أثناء قيامها بإجراء العملية لابنتيها، ومن وجهة نظرها أن آلام الجرح أفضل كثيرًا من آلام الشرف.

اليوم السابع -8 -2015






مشاركة




التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

عمرو الحمامى

نفكر صح

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد المصرى

لا لختان البنات

عدد الردود 0

بواسطة:

شريف

والقاهره اكبر بكتير

عدد الردود 0

بواسطة:

نور العالم

جريمه بشعه ولابد ان يحاكم كل من يقوم بها وايضا اهل الطفله

عدد الردود 0

بواسطة:

محى

الختان

عدد الردود 0

بواسطة:

مسلم

من قال ان الختان حرام انكم تريدون ان تتشبهون ببنات الغرب ولهفتهم علي الجنس وعدم العفة

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى

العقل زينة

الجهل الوان

عدد الردود 0

بواسطة:

مسلم

مصري

الختان حرام ومن يفعله لبناته فهو مجرم

عدد الردود 0

بواسطة:

مسلم

مصري

الختان حرام ومن يفعله لبناته فهو مجرم

عدد الردود 0

بواسطة:

مسلم

مصري

الختان حرام ومن يفعله لبناته فهو مجرم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة