أكرم القصاص - علا الشافعي

تناقض الإنسان وتغيرات المكان فى "أن تحبك جيهان" لمكاوى سعيد

الأربعاء، 15 يوليو 2015 04:00 ص
تناقض الإنسان وتغيرات  المكان فى "أن تحبك جيهان" لمكاوى سعيد غلاف الرواية
كتب أحمد إبراهيم الشريف

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عن الدار المصرية اللبنانية صدرت مؤخرًا رواية "أن تحبك جيهان" للكاتب والروائى مكاوى سعيد، والرواية تدور فى أجواء ما يحدث بالوطن فى سنواته الأخيرة من خلال شخوصها النابضة بالحياة، ومن خلال الإبحار بداخل العوالم المختلفة الثرية بين "ريم مطر" و"جيهان العرابى" اللتين يتشكل منهما عالم الرواية المتدفق، ليس لكونهما امرأتين وحسب، بل باعتبارهما مثالين لتقلبات واختلافات النفس الإنسانية فى تجلياتها المتباينة، ونافذتين كاشفتين لأحوال مجتمعهما، وتشابكاتهما معآخرين بالمحيط الذى تعيشان فيه.

هما امرأتان من طبقة متوسطة تهرَّأت خلال العقود الفائتة، وانفرطت معها بالضرورة نظم مهمة كانت تنتظم، عاداتهما وتقاليدتهما، وأكثر ما تأثر بالسلب الاتجاهات السياسية التى كانت تشغل أغلبية الطبقة المتوسطة، فبدا المجتمع من خلالهما مفككًا، تسوده الفردية، والانغماس فى الهموم، والانكفاء على الذات، ولا تظهر فى حياتهما ولا حياة الشخصيات المحيطة بهما أية قضايا مشتركة، ولا اهتمامات جمعية، فكل منهم يبحث عن خلاصه الفردي، وطموحاته، وربما ملذاته الخاصة.

"ريم" فتاة مزاجية ذات تكوين نزق، نشأت فى وسط مترف، هيأ لها كل سبل التعليم الراقى والثقافة، والتحقت بمعهد المسرح، لكنها لم تكمل دراستها وتزوجت من أستاذ فى المعهد على وعد أن يساعدها فى التمثيل، وزج بها فى أدوار هزيلة أحبطت طموحها تدريجيًّا، وسافرت معه إلى دولة خليجية، وأنجبا بنتًا تعانى مرض التوحد، ثم انفصلت عنه بالطلاق وعادت لتبحث عن مشروعها الخاص، وتحاول تأسيس معهد للتمثيل، وتمارس حريتها مع "أحمد الضوى".
و"جيهان العرابى" خريجة معهد السينما، وبدلًا من العمل بالتصوير السينمائى، اختارت التصوير الفوتوغرافى، الذى كان سببًا فى تعرفها على "تميم" الفنان التشكيلى الواعد، وتزوجا عن حب، وبقدر طموحه الإبداعى، وجموحه، كان انهياره، فلم تحتمل روحه لهفته الجامحة على تنفيذ مشاريع فنية هائلة، وسرعان ما انهار جسده ومات، وبقيت "جيهان" منكفأة على ذاتها، تتعامل مع الرجال بصدود، وريبة مفرطة، وتدور هى وصديقتان لها من سنوات الدراسة، فى فراغ الحياة الذى يتسع عليهن بلا راتق، لكنها تظل شخصية محيرة، لايستطيع أحد الإمساك بملامحها، وربما لاتستطيع هى شخصيًّا تحديد أهدافها فى الحياة بشكل واضح.

وبالمقابل لـ "ريم وجيهان"، هناك "أحمد الضوى" بطل الرواية الرئيسى، المهندس المقاول المطحون بين عوالمهم وعالمه الخاص الفقير فى أحداثه، فهو الذى نشأ فى حى عابدين، يتجنب السياسة، لكنه اتصل بالثقافة عبر خاله "حسام"، المناضل وشاعر العامية المثالى الذى مات فى سن مبكرة، وتشاء الظروف أن يحل "شريف" وهو مناضل ومثقف تعرض للاعتقال أكثر من مرة - محل خاله حسام فى الشقة الملاصقة، وفى المكانة الأدبية عند "أحمد الضوى" وصديقه "عماد" ضابط الشرطة الشرس الذى لا يتورع عن فعل أى شىء، لكنه بقى صديقًا مخلصًا لأحمد، يؤنسان بعضهما ضد وحشة حياتهما الخالية.

خطوط كل هذه الشخصيات، وغيرها أيضًا، تتداخل وتتباعد، لتشكل حياة ملأى بالتفاصيل المتباينة، من الجموح والطموح، إلى الآلام والمتعة، بين حب الحياة والموت المباغت، ما يوحى بأن الحياة أصعب كثيرًا من كل نظرات التبسيط الساذجة، خاصة حين تبدو أنها تعطى وجهها لأحد، وحين يقترب منها يتضح أنها توليه الأدبار بجفاء.


موضوعات متعلقة..


المصرية اللبنانية تصدر رواية "أن تحبك جيهان" لمكاوى سعيد








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة