قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أن صحبة النبي- صلى الله عليه وسلم- لها فضلٌ كبير، وهى تقتضى أن عدالة الصحابة- رضوان الله عليهم، التى لم تكن من اختراع أهل السنة والجماعة ولا من استنباط عقولهم، وإنما أخذًا من نصوص القرآن الكريم ومن الأحاديث النبوية الصحيحة، قال الله تعالى فى حقهم: "وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِى اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"- سورة التوبة 100.
واكد شيخ الازهر، أن الصحابة اكتسبوا هذا الفضل والتعديل بتعديل الله تعالى لهم وثنائه عليهم، وكذلك ثناء رسوله -صلى الله عليه وسلم، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ: "لا تَسُبُّوا أَصْحَابِى، فَوَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَوْ أن أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أحد ذَهَبًا مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلا نَصِيفَهُ"، وكان ابن عمرَ -رضى الله عنه- يَقُولُ: "لا تَسبُّوا أَصحابَ مُحَمَّدٍ فَلمقَامُ أَحَدِهِم سَاعَةً خَيْرٌ مِن عمل أحدكم عُمرَه "، وفى رواية: "خيرٌ مِنْ عِبَادَةِ أَحَدِكُمْ أَرْبَعِينَ سَنَة"؛ أى: أن ساعة إلى جوار النبى- صلى الله عليه وسلم- أفضل من عبادة أى واحد آخر لم يجلس مع النبي- صلى الله عليه وسلم- أو يصحبه من التابعين أو من تابعى التابعين حتى لو عمل أعمال الخير طول العمر، وكان الإمام أحمد بن حنبل – رضى الله عنه- يقول: (إن أدناهم صحبة هو أفضل من القرن الذين لم يروه ولو لَقُوا الله بجميع الأعمال)، ويقول الإمام النووى: (وفضيلة الصحبة ولو للحظة لا يوازيها عمل، ولا تنال درجتها بشىء، والفضائل لا تنال بالقياس، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء)؛ فهذه الصحبة لا تنال بعمل، وإنما فقط تنال بالجلوس إلى جوار النبي- صلى الله عليه وسلم- ولو للحظات.
وأضاف الإمام الأكبر فى حديثه اليومى، الذى يذاع اليوم على الفضائية المصرية قبيل الإفطار، أن الفضائل لا تؤخذ بالقياس، مثلًا لا أقول: أن هناك من بعض المسلمين مَن جاء بعد صحابة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وطال عمره وحسن عمله فهو أفضل من بعض الصحابة الذين قصرت أعمارهم وقلت أعمالهم، فالعقل والقياس يقول: إن صاحب هذا العمل الكبير من حيث الفضل والخير، هو الأفضل، لكن الأمر ليس كذلك، فعمل الصحابى الذى صاحب النبي- صلى الله عليه وسلم- ساعة هو أفضل من أى عمل آخر، ولا يخضع للقياس، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
وأكد الإمام الأكبر أن البعض قد جانبه الصواب فى فهم حديث اشتياق الرسول -صلى الله عليه وسلم- لإخوانه الذين لم يأتوا بعد، ويقيس أن الصحابة كان بينهم النبي- صلى الله عليه وسلم- يأمرهم ويهديهم، ونحن الآن بمفردنا، ولذا فإن عملنا قد يعادل عمل الصحابة أو يفوقهم فى الدرجة، مطالبًا الذين يقولون هذا الكلام أن يتنبهوا إلى أن الأفضلية- كما سبق- لا تأتى بكثرة العمل ولا تؤخذ بالقياس، وإنما هناك أفضلية خاصة بالصحابة يفضلون بها غيرهم، فهم -كما نص القرآن الكريم- الذين رضى الله عنهم، وتاب عليهم ليتوبوا، وهم الذين كانوا يبذلون أرواحهم وأموالهم وأهليهم فى سبيل الله ونصرة محمد- صلى الله عليه وسلم، فمن أين تصح المقارنة بيننا وبين الصحابة رضوان الله عليهم؟!، فهذا كلام غير منطقى وغير علمى.
وأوضح أن الأفضلية لا تؤخذ بالقياس؛ كما قال الإمام أحمد بن حنبل، والخصوصية لا تقتضى الأفضلية، مثلًا: أول مَن يُكسى يوم القيامة إبراهيم -عليه السلام؛ لأنه جُلد وألُقى فى النار، لكن هذا لا يقتضى أنه أفضل من باقى الأنبياء جميعًا، فقد كان شيوخنا يضربون لنا مثلا بأن الطير عنده خصوصية الطيران وهى غير موجودة فى باقى الحيوانات، فهل يعنى هذا أن الطير أفضل من الغزال أو الأسد؟ هذا لا يمكن، وبالتالى فإن الخصوصية لا تقتضى الأفضلية، والأفضلية لا تؤخذ بالقياس، ولابد من حفظ هاتين القاعدتين؛ للرد على مَن يقول خطأً: إننا الآن أفضل من الصحابة؛ لأنه يتجاهل كل هذه القواعد الثابتة فى تراثنا الأصولى والحديثى.
في حديثه اليومى على الفضائية المصرية..
شيخ الأزهر: مفهوم عدالة الصحابة الكرام لم يكن من اختراع أهل السنة
الأربعاء، 24 يونيو 2015 10:56 ص
الدكتور أحمد الطيب - شيخ الأزهر
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة