بدأت الكتابة عن «أبناء 30 يونيو الغاضبين» وأواصل:
كتبت أمس عن «الخصوصيات القاسمة» التى استحضرتها جماعة الإخوان أثناء فترة حكم محمد مرسى، وأعيد التذكير بأن تعبير «الخصوصيات القاسمة» هو لعالم الاجتماع الدكتور سعيد الدين إبراهيم، وذكره فى سياق الأسباب التى أدت إلى «كاريزما جمال عبدالناصر»، ومنها أن «عبدالناصر» تعامل على قاعدة «الموحدات الحضارية» للمصريين، وابتعد عن «الخصوصيات القاسمة»، أى اللعب بورقة الدين والعرق والطائفة، قال سعد الدين إبراهيم ذلك فى ثمانينيات القرن الماضى، وحين نراجع فترة حكم مرسى، سنجده نموذجا صارخا على هندسة البيئة السياسية والاجتماعية لبث نبض الحياة فى «الخصوصيات القاسمة».
المدهش أننا سنجد هذا النهج أصيلا فى فكر الإخوان، وحتى لا يتصور البعض أننا نتحامل، أدعو إلى قراءة مذكرات «الدعوة والداعية» لمؤسس الجماعة ومرشدها الأول والتاريخى «حسن البنا»، وهى المذكرات التى تعد من الوثائق الفكرية التاريخية للجماعة، ويقيسون عليها ويستدعون منها الأمثلة، وفيها على سبيل المثال سنقرأ وقائع أول اجتماع لمجلس شورى الجماعة، وعقد فى الإسماعيلية يوم 15 يونيو 1933، أى بعد تأسيس الجماعة بخمس سنوات.
حضر الاجتماع مندوبون عن الجماعة من محافظات مصر المختلفة التى تواجدت فيها الجماعة طوال السنوات الخمس التى بدأت من التأسيس عام 1928، والملاحظ أن كلهم من محافظات الدلتا والقناة، وبدأ الاجتماع يوم جمعة، بعد أن قام كل نائب من المشاركين فى الاجتماع بالخطبة فى مسجد من مساجد الإسماعيلية.
كانت مصر وقتئذ تقع تحت الاحتلال الإنجليزى، وكانت الحركة الوطنية تشتعل فى مواجهة هذا الاحتلال مصممة على طرده من مصر، وبنفس القدر كان الغضب ضد أعوان الاحتلال فى الداخل، ومن تراخى الأحزاب السياسية وحكم الملك فؤاد، وبينما كانت الأجواء ملتهبة على هذا النحو، كان أول اجتماع لـ«شورى الإخوان» يتناول قضية «التبشير» حيث رأى أن هناك نشاطا فى عملية «تنصير المسلمين» ولابد من مواجهته بكل الوسائل.
قرر المجتمعون رفع عرائض عن هذه القضية إلى الملك فؤاد، ورئيس الوزراء، ووزير الداخلية، وتشكيل لجنة من الجماعة للمتابعة، وفى تفاصيل الحدث أشياء تستحق التوقف عندها.. ونتابع.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد توفيق
عادي