أرسلت (ى) إلى (افتح قلبك) تقول:
أنا زوجة فى أوائل الأربعينات من عمرى، ولكنى أبدو أصغر من ذلك بكثير، فدائمًا ما يندهش الآخرون عند معرفتهم بعمرى الحقيقى، تزوجت من قريب لى بعد قصة حب طويلة، امتدت منذ بداية مراهقتى وحتى أنهيت دراستى الجامعية، زوجى كان هو الطرف البادئ فى هذه العلاقة، فقد كان يحبنى جدًا، وكان دائمًا يحاول أن يوصل لى مشاعره بكل طريقة ممكنة.
عندما تزوجت كنت ربة بيت، وأنجبت سريعًا بعد زواجى، لهذا فقد ظللت ربة بيت لقرابة 8 سنوات من عمرى، كنت لا أفعل شيئًا سوى تربية أولادى، والاهتمام بزوجى وبيتى، لكنى كنت أحترق من داخلى، فقد كنت أتخيل لنفسى مستقبلاً مختلفًا تمامًا عن هذا الذى أعيشه، فأنا كنت متفوقة طوال حياتى الدراسية، وكنت من الأوائل على دفعتى، وكان الجميع يتوقع لى نجاحًا عمليًا كبيرًا فى مجالى، لكنه لم يحدث بالطبع.
ثم جاءت لى فرصة عمل مثالية لم أكن أحلم بها بعد هذه السنوات الثمانية، أحد معارفى كان يؤسس مشروعه الخاص، وكان يحتاج إلى شخص فى المجال ليتابعه ويديره له، ولم أصدق نفسى من الفرحة عندما وقع اختياره على، بالرغم من أنى لم أعمل منذ بداية تخرجى، وبالرغم من أنى ليس لدى أى خبرة عملية، لكنه وثق فى ذكائى وأمانتى واجتهادى، لهذا أوكل المشروع إلىَّ.
فى البداية خفت من ألا أكون قدر المسئولية، لكنى قررت أن أتحدى نفسى، وأثبت له ولنفسى أنى أستطيع، وبالفعل اندمجت فى العمل سريعًا، وأظهر المشروع تقدمًا واضحًا فى وقت قصير جدًا، حتى إنه وبعد 3 سنوات فقط أصبح لنا اسمًا فى سوق العمل يضاهى أسماء الشركات القديمة فى مجالنا... كان هذا بفضل الله أولاً، ثم بفضل تركيزى الشديد فى كل صغيرة وكبيرة، فقد كنت كمن وهبت نفسها لإنجاح هذا المشروع، لأن نجاحه كان مسألة حياة أو موت بالنسبة لى.
فى خلال الثلاث سنوات تلك كنت أزداد بعدًا عن زوجى وأولادى يومًا بعد يوم، لا أنكر ذلك، ولكنى كنت أعتمد على أن زوجى كان يفهمنى جيدًا، ويقدر مدى أهمية هذا المشروع بالنسبة لى، لهذا فقد تخيلت أنه سيتقبل انشغالى هذا على أنه حالة مؤقتة وستنتهى حتمًا، بعد أن تقف الشركة على قدميها، ويصبح لديها ثقل بين منافسيها، لكنه ومن الواضح أنى أثقلت عليه الحمل أكثر من اللازم، فقد أفقت من فرحة نجاح شركتى على صدمة أن زوجى الحبيب على علاقة بإحدى زميلاته فى العمل، وهو الشىء الذى لم أكن أشك فيه ولو للحظة من قبل، فأنا متأكدة من أن زوجى يحبنى، حتى بقدر أكبر مما أحبه به، لكن هذا ما حدث بكل أسف.
لن أعفى نفسى من المسئولية عما حدث، فقد كان يقول لى دائمًا أنى أفقده بالتدريج، وأنه يحتاجنى أكثر من الشركة، وأن علاقتنا فى تدهور مستمر، لكنى لم أكن أصدقه فعلاً، فقد كان هناك شىء ما بداخلى يخبرنى بأن شيئًا لن يحدث، وأنه سيصبر ويتحمل انشغالى عنه هذه الفترة العصيبة من حياتى، لهذا لم أتخيل قط أن يحدث هذا معنا، وأن يصدر هذا الأمر من زوجى الذى طالما أقسم لى أنه لا يرى نساء غيرى فى هذه الدنيا.
بعد مواجهتى له بالأمر تشاجرنا بالطبع، وتركت له البيت لأمنحه مهلة للاختيار بيننا، ولم يمر أكثر من يومين إلا وعاد إلى يرجونى كى أعود معه، لأنه لا شىء عنده أهم من بيته وأولاده وحياتنا معًا، وقطع علاقته بهذه الأخرى بعد ذلك بشكل نهائى، أو هكذا يقول لى، مر على هذا الموقف أكثر من شهرين، ولكنى أشعر أنه لم يعد معى كما كان، وكأن شيئًا قد انكسر بيننا، فأنا نادمة حقًا على تقصيرى معه، وإهمالى له، لكنى فى نفس الوقت مجروحة منه، وأشعر بألم رهيب مما فعله معى، فلا أنا قادرة على معاملته كما يريد، ولا هو قادر على التقرب منى من جديد كما كنا فى الماضى، أصبح بيننا حاجز لا أفهمه ولا أعرف حدوده، ولا أعرف اذا كان سيختفى أم لا.
وسؤالى لك هل تعتقدين أنه من الممكن أن نتجاوز هذه الأزمة؟، هل من الممكن أن يعود زوجى لى كما كان؟، والأهم هل من الممكن أن يعود لزميلته تلك مجددًا؟.
وإليكِ أقول:
حالتك تعتبر من الحالات النادرة التى أتعاطف فيها مع خيانة الرجل لزوجته، فأنا أؤيد مبدأ أن الخيانة لا تبرر، وأن من يخون هو فى الغالب شخص خائن بطبعه، ولا علاقة للظروف بخيانته، لكن كلامك أنت، واعترافك بنفسك بتقصيرك معه جعلنى أشعر بأنه جاهد حتى لا يفعل، وحاول لفت انتباهك مرارًا وتكرارًا إلى اتساع الفجوة بينكما دون فائدة، لهذا فأنا لا أعتقد أن زوجك رجل سىء، أو أنه غير مؤتمن، لكنه مر بلحظة ضعف قد يمر بها أى إنسان فى مثل وضعه، فإهمال 3 سنوات ليس بالشىء البسيط يا عزيزتى.
وقبل أن أرد على سؤالك، وأخبرك برأيى، دعينى أطلعك على أنواع الخيانة:
1) خيانة العلاقة الميتة: عندما يكون الزواج علاقة باهتة باردة، لا توفر شيئا للطرفين، أو لأحدهما على الأقل، وقد يجبن الزوج على المصارحة، أو ييأس من تغيير الواقع، فيلجأ إلى الخيانة، وأحيانا إلى تعدد العلاقات، وقد يرغب فى إنهاء الزواج بعد فترة.
2) خيانة الطرف المضغوط: عندما لا تتوازن المسئوليات والأعباء على الزوجين، نجد أن الطرف المثقل بالأعباء قد يسقط من كثرة الضغوط، ويضعف مع أول يد تمد له لتخفف عنه ولو معنويًا، والخطورة أنه قد لا يكون الطرف الثانى شاعرًا بأى ذنب أو تقصير، فلا يحاول التغيير أو التحسين، لهذا فقد يخون الشخص ويستخدم العلاقة الجديدة كمهرب أو كمسكن يساعده على الاستمرار فى حياته الزوجية المثقلة بالأعباء والضغوط التى لا أمل فى التخلص منها.
3) خيانة الانتقام: رغبة فى رد الطعنة بطعنة، والألم بألم، هذه الخيانة عمرها قصير، وغالبا ما يشعر فيها الخائن بالندم والدونية سريعًا، فيتراجع من تلقاء نفسه.
4) خيانة لفت الانتباه: وهى بمثابة الإنذار الأخير لشريك الحياة كى يراجع نفسه وينتبه إلى وجود شريك حياته، وإلى وجود احتياجات ورغبات غير مشبعة أو ملباة له، وهنا قد لا يحتاط الخائن بشكل لا شعورى، ولا يخفى خيانته جيدًا، حتى يكتشفها شريك حياته وتصله الرسالة.
5) خيانة التجربة: هنا يريد الخائن أن يجرب شكلاً جديدًا للعلاقة، خاصة الجانب الحميم منها، وقد يعجبه الأمر فيكرره مرة بعد مرة، أو قد تنتهى التجربة بالشعور بالندم والذنب والخزى.
6) خيانة الظرف الخاص: والتى تقع نتيجة لمرور الخائن بظروف استثنائية، كفقدان شخص عزيز، أو بعد خسارة فادحة، حينها يفكر الشخص فى أن العمر قصير، وأنه عليه البحث عن سعادته بأى شكل، فيتخذ العلاقة الجديدة كـ(ضمادة للجرح)، لكنها غالبًا ما تكون خيانة عابرة وتنتهى بسرعة بعدما يمر الشخص من الصدمة.
عرضت عليكِ كل هذه الأنواع حتى أجعلك تعرفين الفرق بين نفسية الرجل فى كل حالة من هذه الحالات، فكلها خيانة، لكن ليست كلها سيان، فمنها ما هو وسيلة للتعبير عن شىء ما لا يستطيع الشخص التعبير عنه، ومنها ما هو غاية فى حد ذاته، وهو الوضع الأسوأ بالطبع.
فى اعتقادى المتواضع أن زوجك هو الحالة الرابعة، فعلاقته بزميلته لم تكن إلا صرخة ألم يحاول إفاقتك بها، وحتى إن فعل ذلك بشكل لا واعٍ، ولم يكن ذلك حبًا فى هذه الزميلة، أو رغبة فى العلاقة نفسها، الأمر كله كان وسيلة للوصول إلى هدف ما، وهو لفت انتباهك إليه بشكل اضطرارى وقوي، بعد أن فشلت الطرق الهادئة المسالمة.
لهذا أرجح أن زوجك سيعود لك قريبا، لكن مع بعض المجهود منك، فهو بحاجة إلى أن يطمئن إلى أنك استوعبتى الدرس، وإلى أنك لن تبتعدى من جديد، لهذا فهو لم يعد طبيعيا كسابق عهده معك، لأنه فى حالة ترقب واختبار لك، بينما أنا أؤكد لك أنه فى قراره نفسه يتمنى اللحظة التى تقتربين فيها أنت منه، والتى تطمئنيه فيها أنك لن تضحى به من جديد.
أرجوك تنازلى عن كبريائك الأنثوى هذا قليلا، وتغاضى عن فكرة أنه جرح كرامتك بخيانته لك، فأنا وأنت نعلم أن الخطأ كان منك فى البداية، لهذا عليكى أنت أيضا البدء بالإصلاح والاقتراب ولم الشمل ، وإلا فلا تلومى إلا نفسك لو عاد لزميلته أو لغيرها بعد الآن.
عدد الردود 0
بواسطة:
حنان
جميل جدا
الموضوع رائع كالعادة و مفيد جدا