أرسلت (ع) إلى افتح قلبك تقول:
أنا صيدلانية شابة عمرى 26 سنة، تقدم لى أكثر من عريس سابقا، ولكنى لم أكن أشعر بقبول نحو أى منهم، وكان لى معياران أساسيان لاختيار شريك حياتى، وهما المهنة والمواصفات الشكلية، فهما أمران فى غاية الأهمية بالنسبة لى.
ثم تقدم لى شاب منذ حوالى سنة بشكل تقليدى، ولكنى شعرت نحوه بالراحة والقبول، ولأول مرة أشعر أنى وجدت من يصلح لأكمل معه حياتى، هو شاب ممتاز خلقا، وشكلا، ومستواه المادى مقارب لمستوانا.. وكل هذا رائع، لكن الأمر الذى لم يعجبنى فيه أنه خريج كلية العلوم، وأنا طالما حلمت أن أتزوج طبيبا أو صيدلى مثلى، فهكذا جرت العادة، الدكتوره يتزوجها دكتور، وليس أقل.
لا أعرف كيف تغاضيت عن هذه النقطة وقبلت بهذا الشاب، وتمت الخطوبة فعلا منذ 8 شهور تقريبا، لكنى فى عذاب منذ ذلك الوقت، ففجأة أصبحت محطا للسخرية واللوم والشماتة ممن حولى، لأني ى تنازلت) ولم أرتبط بدكتور، فمرة أجد عمتى تقول لى (ربنا يعوض عليكى)، ومرة أجد صديقتى تقول لى ( إيه اللى يضطرك لكده؟)، ومرة أجد قريبتى - والتى كانت تغار منى طوال عمرها - تقول لى (بقى بعد كل ده تاخدى واحد علوم؟؟!!).. حتى وجدت نفسى أختنق من مجرد التلميح لهذا الموضوع، وأشعر بالنقص تجاهه، وأشعر بالندم الشديد على اختيارى، وعلى أنى فرطت فى حقى الذى أستحقه، ولم أعد أهتم سوى بمقارنة خطيبى بخطاب وأزواج صديقاتى (الصيدلانيات)، فأجدهم إما طبيب، أو مهندس، أو ضابط.. ولا أحد غيرى رضى بخريج علوم، ما عدا زميلة واحدة فقط، زوجها خريج كلية التجارة، لهذا كنت أعتبرها مثالا وقدوة، ولكنى عندما سألتها قالت لى لا تعتبرينى مثالا ، لأنى تزوجت زوجى عن حب، لهذا ضحيت بذلك من أجل حبى له.. إذا فهى الأخرى تعتبرها تضحية!!.
خطيبى يشعر بما يدور فى داخلى، لهذا وجدته يعدنى بأنه سيبذل كل جهده ليدرس دراسات عليا تحسن من مستواه العلمى والمهنى، وأنه سيكون سعيدا لو ساعدته على التحسين من وضعه، وبالفعل توجه إلى جامعته، وأخذ خطوات جدية، لكن الأمر توقف مؤقتا لظروف تخص الجامعة نفسها، لكنه طمأننى أنه لن يتراجع، وسينفذ ما وعدنى به، حتى وإن تعطل لبعض الوقت.
خطيبى يعمل بإحدى الدول العربية، وحدد موعد نزوله لمصر من أجل كتب الكتاب، وكلما اقترب الموعد أكثر كلما شعرت بشىء يجثم على صدرى أكثر وأكثر، أعرف أن خطيبى شخصية جيدة جدا، وأنه يريد إسعادى بكل قدرته، ولكنى فى نفس الوقت أخشى أن أندم على قبولى به، وأنا من تقدم لى الطبيب والمهندس والمعيد.. لا أريد أن أشعر أن زوجى قليل فى نظرى، أو فى نظر الآخرين، ولا أريد أن يشمت بى القريب والغريب بسبب هذا الأمر.. فماذا تقولين لى؟
ولك أقول:
بداية أنا أفهم ما تفكرين فيه جيدا، لأنى أنا نفسى تعرضت له عندما كنت فى سنك، فأنا أيضا خريجة كلية الصيدلة، وأعرف تماما التفكير - العنصرى - الذى يسود هذا النوع من الكليات، التى يطلقون عليها كليات القمة، حيث تجدين أنك أمام قواعد (غير معلنة) ما أنزل الله بها من سلطان، وإنما هى فقط من صنع طلاب وأساتذة هذه الكليات، مثل أن الأطباء والصيادلة أحسن من غيرهم، وأن الدكتور لا يتزوج غير دكتورة، وأنه لو حدث وارتبط أحدهم بآخر من مهنة أخرى يعد ذلك تنازلا وتراجعا وتأخرا.. وغيرهم من الأفكار (اللى متأكلش عيش) نهائيا على أرض الواقع.. ويوم بعد يوم تجدين نفسك حبيسة هذه الدائرة من الأفكار، فتجدين نفسك تفكرين طبقا لها، وتحكمين على أساسها بشكل لا واعى، ودون أن تحكمى عقلك فعلا.
يزداد الأمر سوءا فى المجتمعات التى تهتم بالمظاهر كأولوية قصوى، حيث الدكترة تزيد من البرستيج والشياكة، أو فى المجتمعات الريفية بعض الشىء، حيث تجدين لقب (دكتور) يرفع من شأن صاحبه بشكل مبالغ فيه، وكأنه صك من صكوك الجنة، مع أن هناك الدكتور الغشاش، والحرامى، والمنحرف و و و.. كبقية البشر (عادى يعنى)، ولم تمنعه (الدكترة) من كل هذه الآفات.
لكن ومع مرور السنين ستخرجين للحياة فى المجتمع المفتوح، بعيدا عن هذه الدائرة المحدودة التفكير والمعايير، فستفهمين أن الشخصية الجيدة هى الأساس، هى التى تفرض نفسها على خريطة الواقع، وليست المهنة الجيدة، أو الشهادة الجيدة، فأيهما أفضل فى اعتقادك.. خريج علوم ناجح وطموح ومتطور، يصنع لنفسه مستقبلا لم يتوقعه أحد، أم دكتور قليل الحيلة والعزيمة، يقضى عمره كله بجوار الحائط، وأنتِ معه، لأنه إنسان فاشل وغير كفء فى عمله؟..
تقولين إن خطيبك شخص جيد خلقا، ومجتهد وطموح، ويعمل بالخارج، إذا فهناك مبشرات تقول لك إن هذا الإنسان الذى تستقلين به سيكون شخصا آخر فى خلال 10 سنوات فقط من الآن، وحينها أؤكد لك أن كل من حاولت الشماتة فيكى أو السخرية منك ستعض على أناملها غيظا من وضعك، وغيرة من زوجك الناجح الذى صنع نفسه بنفسه.
أمرا آخر.. من قال إن كل خريجى هذه الكليات التى تتمنيها أشخاص يصلحون للارتباط؟، أو للارتباط بك أنت تحديدا؟، ألم يكن لك زملاء فى الكلية، و(دكاترة) كما تريدين، ومع ذلك تعرفين أنه يستحيل الارتباط بأمثالهم؟.. إما لسوء خلقهم، أو لضعف إمكانياتهم، أو لتدنى مستواهم الاجتماعى.. أو غير ذلك؟، إذا هناك دكاترة لا يصلحون، و لم يشفع لهم كون أنهم دكاترة، أليس كذلك؟
أمرا ثالث.. من قال لك إن كل زميلاتك اللاتى ارتبطن بأطباء أو صيادلة مثلهن سيكونون سعداء وبلا مشاكل؟، ألا يمكن أن يخون أحدهم زوجته؟، أو يمنعها عن أهلها؟، أو يبخل ويقتر عليها؟، أويطعمها من حرام هى و أولادها؟.. ألا يمكن أن تكون حياتهم لا تطاق بأى صورة من الصور؟.. بالرغم من أنهن تزوجن من هم بنفس شهاداتهن، ولم (يضحين) كما تقولين؟..
صديقتى.. النجاح والسعادة فى الحياة عموما، وفى الزواج خصوصا ليس لهما أى علاقة بـ(تنسيق الثانوية العامة)، ولا دخل للشهادات بهما على الإطلاق، فهما رزق من الله أولا، ثم اجتهاد وبذل من الإنسان ثانيا.. فلا تضيعى هذا الإنسان من يدك بسبب هذه الأفكار التافهة، و(العقد) الفارغة.
لكن وأخيرا أحب أن أؤكد لك أنك أبدا لن تكونى سعيدة ولا راضية عن زواجك إلا إذا اقتنعتى بصدق بما أقول، لأنك قد تتأثرين به لحظيا، وتجدين فى نفسك دفعة حماس مؤقتة، لكنها ستنتهى سريعا، ويعود الندم، والشك، والقلق إذا لم يدخل هذا الكلام فى أعماقك فعلا، لهذا خذى وقتك وفكرى جيدا، حتى وإن تطلب الأمر تأجيل كتب الكتاب، وإن لم تجدِ فى نفسك قبولا حقيقيا بهذا الكلام فلا تتممى هذه الزيجة، لأنك ستظلين حزينة نادمة طوال الوقت، وستظلين تتأثرين بكل كلمة تقال لك بقصد أو دون قصد، لأنها حينها ستكون جاءت (عالوجيعة) التى لم تعالجيها قبل زواجك.
الصفحة الرسمية للدكتورة هبة يس على "فيس بوك": Dr. Heba Yassin
عدد الردود 0
بواسطة:
emy
محدش بيحب الخير لحد
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو القاسم
نتمنى لكى الاستنارة
عدد الردود 0
بواسطة:
emy
يأستاذ / أبو القاسم
عدد الردود 0
بواسطة:
أبو القاسم
بكل احترام
عدد الردود 0
بواسطة:
ممدوح
الاستخاره
عدد الردود 0
بواسطة:
مروه
للتعليق رقم 2
عدد الردود 0
بواسطة:
مواطن مصرى
خسارة فيكى
عدد الردود 0
بواسطة:
شخص
بلد شهادات علي رأي عادل امام
عدد الردود 0
بواسطة:
ام كريم
يا شيخه حرام عليكى