حـســـــن زايــــــــد يكتب: إعادة النظر فى القناعات للخروج من الأزمة السورية

الخميس، 02 أبريل 2015 08:06 م
حـســـــن زايــــــــد يكتب: إعادة النظر فى القناعات للخروج من الأزمة السورية الأحداث فى سوريا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى مؤتمر القمة العربية فى شرم الشيخ، والذى انعقد مؤخرا، تلاحظ وجود مقعد خال، مرفوع عليه العلم السورى بنجمتيه، وهذا يعنى وجود الدولة السورية الرسمية بمقعدها، وإن كان شاغراً، وفى ذلك دلالة على عدم توجيه مصر ـ الدولة المنظمة ـ الدعوة إلى نظام الأسد، وفى ذات الوقت عدم توجيه الدعوة لقوى المعارضة، لتحل بديلاً عن الأسد.

ووجود العلم السورى بنجمتيه فيه دلالة واضحة على الامتداد التاريخى للجمهورية العربية المتحدة بكل عبق الماضى وزخمه، وفى ذات الوقت استشراف لحلم المستقبل فى الاتحاد، ورغم أن الملف السورى لا يقل أهمية عن ملف اليمن، إلا أنه لم يجر اتخاذ أى قرار بشأن الملف، وهذا يعكس وجود تباين فى المواقف العربية بشأنه، وهو تباين من الاتساع بحيث أنه استعصى على ردم هوته، أو التقريب بين طرفيه.

وقد ظهر هذا التباين جلياً فى كلمات رؤساء الوفود، وعلى رأسهم العاهل السعودى من جانب، والموقف المصرى من جانب آخر، وهو تباين فى الأولويات، وليس تباين فى الاستراتيجيات، فالسعودية ترى استحالة أن يكون الأسد جزءاً من حلحلة الملف السورى فى اتجاه الحل، وهذا يقتضى إزاحته من السلطة أولا، وهذا يعنى على الأرض استمرار اعتماد الحل العسكرى حتى اسقاط النظام.

بينما ترى مصر اعتماد الحل السياسى، بديلاً عن الحل العسكرى، سبيلاً للخروج من الأزمة، دون الوقوع فى أسر خسارة سوريا كدولة، وهذا يعنى على الأرض أن يكون الأسد جزءاً من الحل، من خلال مفاوضات تمهد لمرحلة انتقالية، وهذا الحل يحافظ على وحدة الأراضى السورية كخيار استراتيجى للأمن القومى العربى من ناحية، ويدفع بالشعوب العربية فى اتجاه مواجهة الإرهاب، والتخلص من مخاطر التقسيم والتفتيت من ناحية أخرى، ويحقق للشعب السورى أهدافه ومراميه الثورية من ناحية ثالثة.

أما انهيار الدولة السورية من خلال الحل العسكرى، فهو يمثل إهداراً لمقدرات الشعب السورى، وتشريداً لأبناء الوطن الواحد، وما يترتب عليه من تشوهات سياسية واجتماعية واقتصادية، وصباً فى روافد الإرهاب ومخططات التقسيم، ولعل الرئيس السيسى قد وجد المخرج لمعضلة تباين المواقف التى أشعلتها كلمة الرئيس بوتين للقمة، ودفعت وزير الخارجية السعودى إلى مهاجمة الموقف الروسى من الملف السورى.

وتمثل هذا المخرج فى معادلة بسيطة فى معرض تعليقه على كلمة وزير الخارجية السعودى بأنه: "على جميع القادة العرب التأكيد على البحث عن حلول للأزمات الإقليمية فى اتصالاتهم باللاعبين الدوليين".

ونحن نقول إنه لن يختلف أحد حول ديكتاتورية النظام السورى وفاشيته، وإنه جدير بالإطاحة به سواء سياسياً أو من خلال ثورة شعبية، وقد هبت رياح التغيير التى أصابت الدول العربية فيما يسمى ثورات الربيع العربى على النظام السورى. ولن نختلف حول مدى ثورية هذا الربيع أو تآمريته، ولكن الملاحظة الجديرة بالاعتبار هى أن هذه الثورات قد وقعت متعاقبة إلى حد ما، وبنفس الآليات، وأن جميعها نسخة كربونية متكررة، وأنها قد وقعت لمصلحة فصيل بعينه، قفز فوقها جميعاً دون استثناء، وهو فصيل الإخوان، تلك هى نتائج قراءة المشهد.

ولكن اللافت فى الثورة السورية ـ كما فى الثورة الليبية، والثورة اليمنية ـ أنها تحولت بفعل فاعل من ثورة شعبية سلمية إلى ثورة مليشيات مسلحة، فسقط النظام الليبى، وسقط النظام اليمنى، وعلى إثر ذلك ضاعت معالم الدولة الوطنية، وتوزعت الدولة بين ميليشيات متصارعة.

وقد سبقت العراق دول الربيع العربى فى الضياع، وانتقلت الثورات من ثورات محلية يقتصر أداؤها على أداء ثوار لديهم اهتمامات شعبية، إلى نزاعات مسلحة تعكس منافسة دولية لإسقاط النظم، وتفتيت الدول، وقد تبدت هذه المنافسة والتبارى فى المساعدة إلى حد إغداق الأموال، وتدفق السلاح والعتاد، والدعم اللوجستى من قوى إقليمية ودولية، وهذا بالقطع ليس من أجل صيانة حقوق الإنسان وحمايتها، والذود عن حياضها، لأن حقوق الإنسان ـ فى بقاع شتى من العالم ـ ولديها أيضا مهدرة ومنتهكة، وما يعنى هذه القوى تنفيذ أجندة معينة قد تخدم أهدافها، أو أهداف قوى أخرى تابعة لها، على حساب الإنسان وحقوقه.

وتعددت فصائل المقاومة بتعدد الأجندات يفرغ الفعل الثورى من معناه، ومضمونه، ووقوع التناحر بين هذه الفصائل، والاقتتال بالسلاح فيما بينها، دلالة قاطعة على تباين الأهداف، وفى تزاحم الأحداث، وتواتر الوقائع يتعين على القوى الثورية الحقة، الانخراط فى مراجعة المواقف، وإعادة النظر فى القناعات، وإعادة توصيف الفعل الثورى، وفقاً للأجندة الوطنية المعتمدة منطلقاً للنشاط الثورى، خاصة بعد أن انكشفت لها الأدوار الدولية والإقليمية، واضحة جلية، وليس من الوطنية فى شىء التحصل بقوة السلاح على ما يمكن الحصول عليه بالتفاوض.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة