(افتح قلبك مع د.هبة يس).. محدش يستاهل

الأربعاء، 04 فبراير 2015 01:02 م
(افتح قلبك مع د.هبة يس).. محدش يستاهل هبة يسن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أرسل (ع) إلى افتح قلبك يقول:

أنا شاب أعزب قاربت على الأربعين من عمرى، ناجح جدا فى عملى، ومن عائلة مرموقة، كما أن وضعى المادى ممتاز، لكنى لم أتزوج بالرغم من توفر كل الإمكانيات بسبب قد لا يفهمه الكثيرون، وأنا نفسى لم أكن أفهمه وأفطن إليه إلا منذ بضع سنوات قليلة، وهو أنى لا أتحمل البشر، أو بمعنى أدق لا أتحمل عيوبهم، كلما اقتربت من شخص ما سواء فى العائلة أو فى العمل أو حتى بين الأصدقاء ينكشف لى على حقيقته، وأرى سلبياته بوضوح، فلا أجده يستحق أن أكون على علاقة وطيدة به.

حدث هذا مع أغلب من عرفتهم من الناس، حتى والداى أجد نفسى أعتزلهما أحيانًا، لأنى لا أستطيع تحمل عيوبهما فى وقت من الأوقات.

وبالطبع نفس الشىء حدث مع كل فتاة عرفتها واقتربت منها، سواء بهدف الارتباط أو حتى الصداقة، فكلهن بهن عيوب قاتلة على اختلافها، وسامحينى فى التعبير إذا قلت لك إن (دلع) البنات هو أسوأ صفة مشتركة بينهن، فكثيرات منهن لا يجيدنه، ولا يليق بهن أصلا، وحتى الجميلات منهن يسرفن فى استعماله، ويزدن من التدلل على الآخرين، حتى يصبح الأمر لا يطاق.

قد تعتقدين أن قلبى حجر، لكنى أحببت من قبل، كنت فى أوائل العشرينيات حينها وكانت زميلتى فى العمل، لكنها لم تبادلنى نفس الشعور، فتألمت لبعض الوقت لكنى تخطيت الأمر سريعًا، وكنت كلما شعرت بالحنين إليها، كنت أذكر نفسى بعيوبها وسلبياتها حتى أخفف على نفسى وقع الألم.

لم أحب بعدها، ليس لأنى أصبحت معقدًا أو لأنى قررت أنتقم، ولا لأى سبب قد يعتقده البعض، فأنا فعليا لم أجد من تستحق حبى حتى الآن، وأشك أنى سأجدها بعد كل هذا العمر، فالعيب بى من الأصل، وهو أنى لا أستطيع تقبل أو (بلع) نقائص وسلبيات الآخرين، بالرغم من أنى أعرف أنى أنا شخصيا ممتلئ بالعيوب.

أريد مساعدتك فى جعلى أكثر تقبلا للآخرين، فأنا لن أرتبط أبدا بهذا الشكل، وأنا لا أريد أن أموت وحيدا، كما أنى بدأت أتوق لأن يكون لى أولاد، وفضلا عن هذا كله فأنا أشعر بتقصير فظيع منى فى حق والداى، فأنا لا أحسن معاملتهما فعلا، صحيح أنا لا أتشاجر معهما أو أحتد عليهم، لكنى أبتعد عنهما كثيرا، وأنعزل فى حياتى وأتركهما وأنا أعرف أنهما يحتاجان إليّ، فأنا الابن الأصغر لهما، والوحيد الذى يبقى معهما فى البيت بعد زواج كل إخوتى.

قد تكون مشكلتى غريبة، وربما ترينها تافهة، لكنها تسيطر على حياتى تمامًا، وتوقف من تقدمها فى جميع النواحى، فهل أجد لديك حلا؟

وإليك أقول:

لا يُمكن للقنافذ أن تقترب من بعضها البعض، فالأشواك التى تُحيط بها تكون حصنًا منيعًا لها، ليس عن أعدائها فقط، بل حتى عن أبناء جنسها أيضا، فإذا أطلّ الشتاء برياحه المتواصلة وبرودته القارسة اضطرت القنافذ للاقتراب والالتصاق ببعضها طلبًا للدفء ومتحملة ألم الوخزات وحدّة الأشواك، وإذا شعرت بالدفء ابتعدت، حتى إذا شعرت بالبرد فتقترب مرة أخرى، وهكذا تقضى ليلها بين اقتراب وابتعاد، فالاقتراب الدائم قد يكلفها الكثير من الجروح، والابتعاد الدائم قد يُفقدها حياتها.

كذلك هى حالتُنا فى علاقاتنا البشرية.. لايخلو الواحد منا من أشواك تُحيط به وبغيره، ولكن لن يحصل على الدفء مالم يحتمل وخزات الشوك والألم، لذا من ابتغى صديقًا بلا عيب عاش وحيدًا، ومن ابتغى زوجةً بلانقص عاش أعزب، ومن ابتغى أخًا بدون مشاكل عاش باحثًا، ومن ابتغى قريبًا كاملًا عاش قاطعًا لرحمه..

سيدى نحن مضطرون لتحمل وخزات الآخرين حتى نعيش الحياة، إذا أردت أن تعيش سعيدًا فلا تفسر كل شىء، ولاتدقق بكل شىء، ولاتحلل كل شىء، فإن الذين حللوا الألماس وجدوه فحما.

لا تحرص على اكتشاف الآخرين أكثر من اللازم، الأفضل أن تكتفى بالخير، الذى يظهرونه فى وجهك دائمًا، واترك الخفايا لرب العباد، فهناك مقولة جميلة تقول (لو اطّلَعَ الناس على ما فى قلوب بعضهم البعض لما تصافحوا إلا بالسيوف).

لهذا قيل إن (تسعة أعشار حسن الخلق فى التغافل)، أى أن أكثر شىء يساعدك على أن تكون خلوقا مع الناس ومتعايشا معهم هو أن تتغافل عن زلاتهم وسقطاتهم وهفواتهم، وكلمة (تغافل) هنا تعنى تعمد الغفلة، أى أنك ستكون مدركا ومبصرا لعيوبهم ولن تخفى عليك، لكنك ستختار أن تغض الطرف عنها بكامل إرادتك، حتى تستمر الحياة.

إن هذا الأمر سهل ويحدث بشكل تلقائى وبدون جهد عند بعض الشخصيات، لكنه صعب جدا ويحتاج إلى جهاد وتدريب عند البعض الآخر، وأغلب الظن أنك من هذا الصنف الثانى، الشخصية الناقدة المحللة، التى تدقق فى كل شىء، وهذا طبعك ولن تستطيع التخلص منه نهائيا، لكنك أيضا يمكنك ترويضه إذا أردت، خاصة بعد أن بدأت تدرك كم هو مؤثر على حياتك وعلى علاقاتك بأقرب الناس إليك.

الإنسان (شروة على بعضها) كما يقال فى العامية، مشكلتك أنك تركز على الجزء المعطوب دائمًا من هذه الشروة، وحل مشكلتك يكمن فى أن تدرب نفسك على تحويل تركيزك على الصالح والجيد فيها من الآن فصاعدا، فإذا بحثنا فى كل إنسان عن شىء يجعلنا نحبه سنجد، واذا بحثنا فيه عن شئ يجعلنا نكرهه أيضا سنجد.

الصفحة الرسمية للدكتورة هبة يس على الفيس بوك: Dr. Heba Yassin








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة