يوسف التلاوى يكتب: عندما أصبحت "وأنا مالى" أسلوب حياة

الإثنين، 02 فبراير 2015 06:00 م
يوسف التلاوى يكتب: عندما أصبحت "وأنا مالى" أسلوب حياة مجموعة من الناس فى طريق عام - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما الذى حدث لنا؟
أصبحنا متبلدى الإحساس مفتقرين إلى المنطق فى شتى تصرفاتنا، غابت عنا عقولنا وأصبحنا نلهث وراء رفاهية ليست من حقنا، رفاهية من حق شعوب تقدمت واستطاعت بناء بلادها واستحقت أن تستمع بما قامت به من بناء وتعمير وفى شتى المجالات، أما نحن فغاب عنا ترتيب أولوياتنا وأصبحنا فى أشد الحاجة إلى أن نُعيد حساب أنفسنا.

التاسع والعشرون من يناير، يوم أسود عاشته مصر جراء عدة عمليات إرهابية وقعت فى محافظة شمال سيناء سقط على إثرها عشرات القتلى والمصابين، خلال الساعات الأولى كانت الأخبار مُتضاربة، جلست أبحث فى المواقع المختلفة عن ما حدث، دخلت على موقع التواصل الإجتماعى الشهير "تويتر" كى أبحث عن أى تحديث للخبر، ذهبت عيناى تلقائيا إلى يسار الشاشة باحثا عن "التريند"، "التريند" عبارة عن قائمة تضم أهم وأكثر الصفحات النشطة "الهاشتاج" فى ذلك الوقت وتختلف من دولة إلى أخرى على حسب اهتمامات رواد الموقع من كل دولة، ويتم ترتيب العناوين بها على حسب اهتمام المتابعين.

لك أن تتخيل عزيزى القارئ أن هاشتاج "مازلنا _ للزمالك _ عقدة " فى المرتبة الأولى يسبق هاشتاج سيناء وهاشتاج شهداء الوطن والذى يقبع فى المركز الأخير!

الشباب فى بلادنا اهتموا بأحداث مباراة القمة بين الأهلى والزمالك أكثر بكثير من اهتمامهم بخبر استشهاد من فى سنهم فى سيناء، كنا نُشاهد المباراة وإخوة لنا جنود فى القوات المسلحة يستشهدون على يد الإرهاب الأسود، كانت لنا حجتنا فى عدم توقع ما حدث، ولكن بعد ذلك وبعد علمنا بما حدث، ماذا عن ردة فعلنا؟، الإجابة لا شىء.

أصبح الموت بالنسبة لنا مجرد رقم نسمع عنه فى نشرات الأخبار، كنت فى السابق أنتقد وبشدة سرعتنا المُذهلة فى نسيان ما يحدث من حولنا، كنا فى السابق نهتم عند سماعنا لحادث مؤسف مثل هذا، نبكى ونتحسر وننسى خلال أربع وعشرين ساعة على أقصى تقدير!!، كيف لنا أن ننسى بهذه السرعة؟!؟!، أهذا ما يُطلقون عليه "ذاكرة السمك"!

ما كنت أنتقده أصبح غير موجود بالأساس، كُنت أجهل بما سوف يحدث فى المستقبل وما سيتطور له حالنا من عدم اهتمام من الأساس بما حدث أو يحدث، لامبالاة وتبلد وعدم احترام للموت!

لم نكتف بعدم الاهتمام بل أصبح الموت لدى البعض وسيلة لتحقيق هدف ما، تجد من يستغل حادث مثل هذا لتحقيق مكسب انتخابى، وستجد أيضا من سيذهب إلى جنازة هؤلاء الشهداء لا للصلاة عليهم ولا لتعزية أقاربهم وذويهم بل للظهور على الشاشات والمتاجرة بدمائهم الطاهرة، وستجد أيضا من سيذهب لتصوير ما سيحدث بهاتفه المحمول لغرض لا أستطيع أن أفهم معناه حتى الآن!.

"وأنا مالى"، منطق أصبح أسلوب حياة للكثير منا، أصبحنا نفتقد إنسانيتنا والتى كانت أجمل ما فينا، الآن اُدرك أننا فى زمن أصبحت فيه تصويبة أيمن حفنى أهم من التصويبة التى قتلت أخى الجُندى؟!؟! ، لن اُطالبكم بالرجوع إلى ما كنتم عليه لأن الإحساس إذا تبلد وبهذا الشكل أصبح كالورد الذابل، وإن كنت سأطلب منكم شيئا، سأُطالبكم بالبكاء والنحيب على إنسانيتكم المنعدمة، رحم الله شهداء الوطن.













مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة