مازالت مدرسة التفكير القديمة تسيطر على الأداء الحكومى فى كل شىء.. غياب الشفافية والوضوح فى قرارات تغيير المحافظين الأخيرة تؤكد أن منهج الإقالة والاستقالة والتعيين دون إبداء الأسباب، وإعلان الحيثيات، ووفق الأهواء والعلاقات الشخصية، هو المتحكم فى القرار الحكومى بذات الطريقة التقليدية المزمنة التى تترك الناس يضربون أخماسا فى أسداس حول من جاء للمنصب ومن تركه، وكيف جاء ولماذا ترك وما الأسباب؟! ومن هو المحافظ الجديد وسيرته المهنية والذاتية ودرجة كفاءته ومؤهلاته؟ وما مدى رضا الرأى العام عنه فى المحافظة؟
هل تعاملنا مع الرأى العام فى حركة المحافظين الأخيرة وخاصة فى محافظة الشرقية بمنطق «اضربوا راسكم فى الحيط» سنقيل المحافظ حتى لو كان الرأى العام الشرقاوى راضيا عنه ويريد استمراره، وحتى لو كان الدكتور رضا عبدالسلام يقدم أفضل أداء بين المحافظين فى مصر، وحتى لو شعر «الشراقوة» أن هذا المحافظ هو ممثل الرئيس السيسى فى الشرقية ويعمل وفقا لما طالب به الرئيس فى مواجهة الفساد ومحاربته فى المحافظة المترامية الأطراف، وثانى أكبر محافظات مصر.
يبدو أن التعامل من وزير التنمية المحلية أحمد زكى بدر مع حركة المحافظين وإقالة محافظ الشرقية تمت بطريقة فجة لا تتناسب مع رجل قانون وأستاذ جامعى له شعبية كبيرة أيضا بين طلاب جامعة المنصورة مثلما كانت له أرضية شعبية فى محافظة الشرقية. فما قيل ولم ينفه أحمد زكى بدر أن الدكتور رضا عبدالسلام تمت إقالته بالتليفون عبر محادثة خالية من آداب المحادثات الرسمية. فهل هكذا نقيل كبار المسؤولين الذين أدوا ما عليهم وكانوا مثار رضا الناس. ماذا عن باقى المحافظين.
شخصيا لم تكن لى معرفة مسبقة بالدكتور رضا عبدالسلام إلا من خلال كتاباته فى «اليوم السابع»، ومن خلال سيرته الجامعية، وبعد أن تولى منصب محافظ الشرقية بدأت المعلومات تتوارد عن جهده ومجهوده لتطوير المحافظة ومواجهة أباطرة الفساد فيها، والوقوف فى وجه حيتان الدروس الخصوصية. هل كما قال لى بعض الأصدقاء «الشراقوة» أن رضا عبدالسلام دخل فى «عش الدبابير» و«داس على ديل وحش الفساد».
أسئلة كثيرة تداولها الناس فى محافظة الشرقية وتحولت إلى قضية رأى عام فى مواقع التواصل الاجتماعى. ولم تجد من يجيب عنها سواء من وزير التنمية المحلية أو مجلس الوزراء أو من رئاسة الجمهورية، ليهدأ الناس بعد معرفة الحقيقة والأسباب وراء الإقالة والتغيير، حتى لا تترك الفرصة لقوى الشر لتعيث فسادا بين الناس وعلى الفيس بوك بأنه «مفيش فايدة»، و«نظام مبارك راجع»، و«الشرفاء ليس لهم مكان فى مصر»، وغيرها من الأفكار المحبطة لتيئيس الناس وإشاعة مناخ عدم الثقة بين الرئيس والشعب.
فإذا كان المحافظ فاشلا أو فاسدا فمن أبسط حقوق الناس أن تعرف ذلك بدلا من هذا الإخراج السيئ فى تغيير المحافظ، وهو ما يسمى بالحكمة السياسية والإدارة الجيدة. وبدلا من ترك قوى الشر تردد نغمة «إحنا فى عصر مبارك».
فهل صحيح أن إقالة الدكتور رضا عبدالسلام محافظ الشرقية من منصبه كان وراءها كبار رجال الأعمال فى المحافظة بعد أن قرر إغلاق «مراكز» الدروس الخصوصية التى كان يمتلكها رجل أعمال بالمحافظة. وهل صحيح أن إغلاقه لمصنع رجل أعمال معروف لعدم مطابقته لمواصفات الصحة والسلام هى أيضا وراء إقالته. وهل صحيح أن فتح ملفات الفساد الكبرى بالمحافظة وسحب أراض من رجل أعمال شهير وإلغاء تراخيص مزارع السمك، وغيرها من القرارات والإجراءات الشجاعة للمحافظ، هى وراء إقالته.
من المسؤول عن الإجابة والتوضيح هنا؟ هل الوزير.. هل رئيس الوزراء.. هل رئيس الجمهورية؟.. وإذا اتضحت الحقيقة وراء الإقالة فهل يعود المحافظ إلى منصبه مرة أخرى؟!
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمود صالح
النداء الاخير