الطاقة النووية هى مارد المصباح الذى سيحقق لك أحلام وأمنيات كانت فى حكم المستحيل إذا أحسنت استخدامه وحفظت قدره وأعتنيت به حق عنايته، فما هى تلك القوة الهائلة السحرية؟
الطاقة النووية هى طاقة هائلة تنطلق نتيجة انشطار نواة عنصر اليورانيوم المخصب ومع وجود ملايين الأنوية واستمرار التفاعل المتسلسل تنطلق طاقة هائلة مستمرة، والطاقة النووية عندما لا يتم السيطرة عليها تصبح قنبلة نووية كفيلة بتدمير حضارات قائمة، أما إذا كانت تحت السيطرة فهى المفاعلات النووية التى تستخدم فى التطبيقات السلمية للطاقة النووية وهى موضوع هذا الحديث، مع الأخذ فى الاعتبار أن هناك طاقة أكبر من الطاقة النووية هى الطاقة الهيدروجينية والتى تنطلق نتيجة اندماج اثنتين من أنوية نظائر الهيدروجين ولكن وإلى الآن لم يتمكن العلم من إخضاعها للاستخدامات السلمية وبينما فى المقابل تم إنتاج الكثير من القنابل الهيدروجينية المدمرة.
الاستخدامات السلمية للطاقة النووية:
تستخدم الطاقة النووية على نطاق واسع فى التطبيقات السلمية، فى الصناعة، الزراعة، الطب وتحلية المياه والطاقة، فعلى سبيل المثال، تستخدم لإحداث طفرات جينية تضاعف من إنتاجية الفدان، وتستخدم فى حفظ الأغذية لعشرات الأعوام بدون أى أضرار وذلك باستخدام جرعات إشعاعية محسوبة، لك أن تتخيل مثلاً أن قطعة من اللحم بعد تعرضها لجرعة إشعاعية آمنة وتغليفها جيدًا نستطيع الاحتفاظ بجودتها لأعوام طويلة تتجاوز الثلاثين عامًا وبدون أن تفقد أى جزء من قيمتها الغذائية أو حتى يتغير طعمها، فى الطب تستخدم الإشعاع النووى كأحد أهم الطرق فعالية فى علاج للسرطان، أما فى الصناعة فإن الطاقة النووية كانت السبب الرئيسى والمؤثر فى إحداث طفرة صناعية هائلة وذلك عن طريق إحداث تغيرات فى التركيبة البنيوية للمادة أدت إلى تصنيع سبائك معدنية بمواصفات فائقة أدت إلى تطوير هائل فى كل التطبيقات الصناعية بل إن إضافة مواد معدنية جديدة للحياة وذلك عن طريق التشعيع النيترونى والجامى، بل إننا نستطيع الجزم بأن نقول إن التوسع فى استخدام المفاعلات النووية سيكون هو إحدى طرق حل أزمة المياه فى العالم وذلك عن طريق تحلية مياه البحار والمحيطات بالطاقة النووية والتى تشكل مع مصادر المياه الأخرى ما يربو على (72% من مساحة الكرة الأرضية) ومن ثم تنتهى إحدى أكبر أزمات العالم المستقبلية والتى ستكون المحرك الرئيسى لحروب المستقبل.
المفاعلات النووية وإنتاج الطاقة:
هو التطبيق الأشهر والملموس فى الحياة بشكل مباشر ودائم، حيث يوجد فى العالم 441 محطة نووية تبلغ مجموع سعاتها الكهربية 381.665 ميجا وات لكل ساعة وهو ما يشكل نسبة 13- 14% من إجمالى الطاقة الكهربية المستخدمة فى العالم هذا، بالإضافة إلى أن أكثر من 150 غواصة تعمل بالطاقة النووية تجوب محيطات وبحار العالم، وهذه النسبة توضح مدى أهمية استخدام الطاقة النووية والثقة فيها، وتأتى الولايات المتحدة الأمريكية على رأس الدول التى تمتلك مفاعلات نووية حيث تمتلك(104) محطة نووية تمدها ب 806 تيرا وات لكل ساعة ( التيرا = ترليون) تشكل ما نسبته 19.6% من إجمالى الطاقة المستخدمة فى الولايات المتحدة، و أيضاً تشكل ما نسبته ربع الطاقة النووية المستخدمة فى العالم.
الانتشار الواسع للطاقة النووية فى العالم:
لا يقتصر انتشار استخدام الطاقة النووية على أمريكا فقط، فدولة مثل فرنسا وهى الدولة الرائدة فى أبحاث الطاقة الشمسية تشكل الطاقة النووية ما نسبته 77% من احتياجاتها من الطاقة الكهربية أما اليابان فتنتج 42،57 ألف ميجاوت من 49 مفاعل لديها. و نأتى إلى المانيا و هى الدولة التى يتخذها معارضى دخول مصر للعالم النووى دائماً كمثال، نقول إنها تعتمد فى 30 % من فى إحتياجاتها للطاقة الكهربية على الطاقة النووية، و فى العموم يبلغ عدد الدول التى تمتلك مفاعلات طاقة نووية 28 دولة.
مستقبل للطاقة النووية
بعد وقوع حادث إنفجارمفاعل تشرنوبيل ( نتيجة الإهمال الجسيم الذى كان مؤشر لإنهيار الإتحاد السوفياتى) ظن البعض ان الحادث هو نهاية إستخدام الطاقة النووية، حيث أضطرت حكومات الدول التى لديها مفاعلات تحت الضغوط الشعبية لإعلان خطط مستقبلية لتقليل الإعتماد على الطاقة النووية، بل أن دولة مثل ألمانيا سمت عام 2020 بأنه عام إنهاء إستخدام المفاعلات النووية بها (Nuclear Power Phase Out)، و الأن و نحن على مشارف عام 2016 مازالت ألمانيا تعتمد على المفاعلات النووية كمصدر رئيسى للطاقة الكهربية، بل إنها تنوى التوسع فى إنتاج مفاعلات الجيل الجديد و التى بها معامل أمان كبير، هذا بالإضافة إلى أن ألمانيا تعد أحد المشاركين فى مشروع تصنيع المفاعل الهيدروجينى ( الإندماجى)، حتى اليابان الدولة التى حدثت على أرضها كارثة مفاعل (فوكوشيما 1 النووي) مارس- 2011 قررت إلغاء قرارها السابق بإيقاف إستخدام الطاقة النووية و هذا ما تكرر مع كل الدول التى قررت فى السابق إيقاف الطاقة النووية بعد حادث مفاعل تشرنوبيل.
الخلاصة والمستخلص
- صدر لنا الغرب عن طريق مصريين عاشوا فى بلاد الغرب أو حملوا جنسيتها وهم إنهاء استخدام الطاقة النووية والسبب معروف للمتخصصين فى مجال المفاعلات النووية وتطبيقاتها، فدخول العالم النووى سوف يتبعه بالضرورة حدوث طفرة علمية و صناعية موازية، فاستخدام الطاقة النووية فى توليد الكهرباء هو فرع من التطبيقات الواسعة للمفاعلات النووية.
- الغرب يريد لمصر أن تتعطل وتعجز عن اللحاق بركب الطفرة العلمية ومن ثم إجهاض أحلامنا الحالية كما أجهضها فى السابق عندما أوقفنا المشروع النووى المصرى فى السبعينانت بدون مبرر حقيقى سوى الاستجابة لرغبة الغرب.
- العالم ينتظر بداية من عام 2027 تحويل حلم المفاعل الهيدروجينى (الاندماجى) إلى واقع وهو نوع من المفاعلات الذى يستخدم فيه نظائر الهيروجين وهى موجودة فى البحار والمحيطات كوقود نووى نظيف تمامًا، فإذا كنا لم نلحق بهذه الطفرة المعجزة فعلى أقل تقدير يجب علينا التواجد بقوة فى النادى النووى السلمى و أن نكون على مسافة قريبة من تحقيق هذا الحلم فى وقت لاحق.
كلمات أخيرة
- النفايات التى تخرج من محطات الشمسية أخطر عشرات المرات من أى مصدر أخر للطاقة فالمواد المستخدمة فى صناعة الخلايا الشمسية تبعث بأكثر من 50 عنصرا ساما من مسببات السرطان، ناهيك عن التكلفة الباهظة والمساحة المستخدمة فى إنشائها والتى تفوق أكثر خمس مرات مثيلاتها فى المفاعلات النووية.
2- عن طريق التعامل بجدية و صرامة مع قواعد الأمان لا يتعرض العاملين فى المفاعلات النووية على مدار العام إلا لربع القيمة الإشعاعية التى يتعرض لها مريض عندما يقوم بعمل مسح طبى إشعاعى لمنطقة الصدر، أو ثلث القيمة الإشعاعية التى يتعرض لها مسافر على رحلة طيران من باريس إلى نيويورك.
كلمة أخيرة: قال أجدادنا فى أمثالهم الشعبية (لا شىء يسر القلب يأتى من الغرب)
• أستاذ الفيزياء النووية المساعد بهيئة الطاقة الذرية المصرية.
د. ياسر حلمى حسن الشاعر يكتب: لماذا الهجوم على الحلم النووى المصرى
الإثنين، 28 ديسمبر 2015 10:17 ص
مشروع الضبعة
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
د.عبير محمود يوسف
تعليق
بارك الله فيك و في امثالك و سدد خطاك
عدد الردود 0
بواسطة:
د. عبير محمود يوسف
تعليق
بارك الله فيك و سدد خطاك