حــســــن زايــــــــد يكتب: آن للغرب أن يدرك هذه الكارثة قبل فوات الأوان

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015 01:56 م
حــســــن زايــــــــد يكتب: آن للغرب أن يدرك هذه الكارثة قبل فوات الأوان داعش - صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
صناعة داعش أقرب ما تكون إلى صناعة السرطان، فإذا كان السرطان هو نمو الخلايا العدائية، وانقسامها، وغزوها للأنسجة المجاورة وتدميرها، أو الانتقال إلى أنسجة بعيدة فى مواضع أخرى، فكذلك داعش، خلايا عدائية منقسمة، لديها القدرة على الانتشار، على نحو يصعب التحكم فيه، أو السيطرة عليه، وامتدت من أفغانستان إبان الحرب الكونية على تنظيم القاعدة، من خلال منفذ ترك مفتوحًا لينسرب منه أعضاء التنظيم إلى بعض أقاليم باكستان والعراق، ثم تركت له المنافذ لينسرب إلى سوريا واليمن، ومنه إلى ليبيا، وقد انتشرت الخلايا السرطانية بإعلان منظمات إرهابية محلية مبايعتها لداعش، وتوزعت الخلايا التكفيرية السرطانية على مساحات شاسعة من العالم لتشمل مالى ونيجيريا ودول شمال أفريقيا كذلك، وآخر المحطات التى وصل إليها التنظيم هى مدينة سرت الليبية، التى أعلن التنظيم خضوعها لسيطرته بالكامل، وقد استغل التنظيم حالة الفوضى الأمنية الضاربة فى أنحاء ليبيا، بسبب انتشار الميليشيات المتشددة فى طول البلاد وعرضها، لتقدم ليبيا نموذجًا فريدًا للدولة الفاشلة، وهى البيئة الملائمة لوجود هذه التنظيمات وانتشارها، دعك من الأعمال الوحشية من قتل وحرق وتخريب عشوائى، والتى تستهدف بث الرعب والهلع، التى يمارسها التنظيم، أينما حل أو ارتحل. وإنما تعالى لنركز معًا على خبر تناقلته مواقع التواصل الاجتماعى، وبعض وكالات الأنباء، عن ارتحال أبو بكر البغدادى من تركيا، بعد علاجه من إصابة ألمت به، إلى ليبيا. وأنه ربما تكون ليبيا هى وعاء التجمع للعناصر الفارة من الضغوط العسكرية سواء فى العراق أو سوريا أو سيناء. وهذا فى حد ذاته يمثل خطرًا على دول المشرق العربى، بخلاف المخاطر المحتملة على أوروبا.

هذه المخاطر ليست عسكرية فحسب، فالمخاطر العسكرية تسهل مواجهتها، طالما وجدت جيوش نظامية بحجم وقدرة الجيش المصرى. والمخاطر التى أقصدها هنا هى مخاطر التصنيع التى يقوم بها التنظيم، من خلال خلق الخلايا العدائية المنقسمة، التى تتوغل وتنتشر فى النسيج المجتمعى، على نحو يصعب التحكم فيه، أو السيطرة عليه. ووسيلته فى ذلك، استلاب العقول بغزوها، والتحكم فيها، وتوجيهها. ولذا سنجد أن التنظيم قد عمد فور سيطرته على مدينة سرت، إلى الاستيلاء على العديد من المدارس الابتدائية والإعدادية، سواء بطريق مباشر بضمها لديوان التعليم التابع له، أو بالاتفاق مع الإدارة القائمة. وكذا جامعة سرت التى جرى الاستيلاء عليها.

وقد جرى التعرف على النظام التعليمى للتنظيم من خلال ممارساته فى مدينة الرقة السورية، والذى بدأ فى تطبيقه بمدينة سرت الليبية. حيث حدد خمس سنوات للدراسة الإبتدائية، وسنتين للإعدادية أو المتوسطة.

ومن حيث المنهج الدراسى يشترط أن يحفظ التلميذ خلال المرحلتين الإبتدائية والإعدادية سبعة عشر جزءًا من القرآن، واستبدال بعض المواد بالسباحة والرماية وركوب الخيل، واستبدال مادة التاريخ بالتاريخ الجهادى، والسياسة الشرعية، والتربية الجهادية، والفقه الإسلامى. واستبدال الجغرافيا بجغرافية داعش. ومنهج للتربية الوطنية من وضع التنظيم. ويحضر التلاميذ ما يطلق عليه :"ملتقى الدولة الإسلامية". وهنا يلتزم التلميذ، إلى جانب تعلم العلوم المختلفة، حضور المعسكرات القتالية، التى تبدأ بدورة شرعية مدتها ثلاثة شهور، تستهدف تعليمهم أفكار ومعتقدات التنظيم. أما التعليم الجامعى فقد قرر التنظيم فصل الطلبة عن الطالبات، على أن تدرس الطالبات فى الفترة الصباحية، والطلاب فى الفترة المسائية، مع التزام الطالبات بزى التنظيم. وهناك محاضرة أسبوعية إجبارية يلقيها أحد عناصر التنظيم من "ديوان التعليم".

فلو أدركنا بشكل واضح لا لبس فيه، أن هذا التنظيم لا يحمل سوى الفكر المتطرف الذى يستهدف تحويل تابعيه إلى مقاتلين إرهابيين، وأنه لا يدعو إلا إلى العنف والقتل والتخريب والحرق فى ظل قاعدة عامة تقضى بتكفير كل المخالفين، باعتبارهم مرتدين، يستوجب الشرع قتالهم، وقتلهم. لأدركنا من فورنا مدى الخطورة التى ينطوى عليها وجود هذا التنظيم، لأنه بالفعل مصنع لتفريخ الدواعش، التى تمثل عناصرها خلايا سرطانية عدائية منقسمة، تغزو الأنسجة المجاورة، وتنتقل إلى المناطق البعيدة، ولا تترك الجسد ينبض حتى تصل به إلى ظلال قبو القبور. فهل آن للغرب أن يدرك ذلك، على نحو ما أدركت مصر؟.







مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة