طه أمين يكتب: نوستالجيا الماضى.. وصفرية الهروب للمستقبل

الخميس، 10 ديسمبر 2015 09:58 م
طه أمين يكتب:  نوستالجيا الماضى.. وصفرية الهروب للمستقبل قلم وورقة - صورة ارشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
نقول مباشرة وبلا كثير من جدل أو تنميق: نحن لا نملك ترف الاختيار بين إمكانية الدخول للمستقبل قبل غيرنا أم لا.. فلا اختيار لنا سوى الاختيار الصفرى بأن نكون أو لا نكون.. الاختيار هو الهروب للوصول إلى أبواب المستقبل قبل الجميع. فما أضعناه من وقت وطاقة فى الخلافات وفى مقاومة الرعب خلال السنوات الخمس الماضية يجعل من المستقبل حتمية نتجه إليها بنظام واضح ومحدد الملامح حتى لا نتحرك كعادتنا بعشوائية تودى بنا إلى الانتهاء خارج إطار التاريخ.

ولا بديل لنا للدخول إلى المستقبل سوى التخطيط لأهداف واضحة تتعدى التصورات القديمة عن الاستراتيجيات والتكتيكات.. بل علينا العمل فى إطار الأولويات والضرورات الواجب تقديرها بحسب قدرها.. ولا إمكانية لدينا للتوقف طويلا أمام شعارات أو الدخول فى مهاترات نتحول فيها إلى قضاة يسعى بعضنا لاقتلاع رؤوس بعض.. ولا وصلات نفاق نتأمل منها أن نصل إلى مكاسب مادية أو شخصية.. ولا إمكانية لنا بالوقوف منبهرين لتأمل الماضى مهما كانت درجة إعجابنا به.. فإن نغمة "الماضى الجميل" التى أصبحت مرادفاً للحسرة والإغراق فى جلد الذات واحتقارها وامتهانها إلى الحد الذى أصبحت فيه بعض مواقع التواصل الاحتماعى متخصصة فى بث صور لمصر الأربعينات والخمسينات.. وهى فى معظمها صور فوتوغرافية لدول تشترك معنا فى حوض البحر المتوسط شماله وجنوبه.. ويتم تقطيعها بحيث لا يظهر منها تفاصيل تشى بالمكان الذى تم التقاطها فيه.. ويتم بثها تحت عناوين مثيرة للحسرة عن مصر التى كانت وهى التى فى ظنى لم تكن كذلك أبدا.. كل ذلك يضع المواطن المصرى فى حلقة مفرغة يدور فيها بين التحسر على الماضى وفقد الأمل فى المستقبل.. والاكتفاء بالبكاء والعويل على حاضر لم نمسك بعد بكل أطرافه ولا ولم نلم بكل زواياه.. كل ذلك سيجعل منا فى النهاية شعبا يرواح فى المكان على أمل انتظار معجزة قادمة لا تحملنا إلى المستقبل، وانما تدفع بنا إلى الخلف نحو ماضى عشقناه من خلال الصور والأفلام الرومانسية القديمة غير واضعين فى الاعتبار واقع الحياة للغالبية العظمى للشعب المصرى فى ذاك الزمان.

إن مصطلحات من نوعية المترادفات التى تشير إلى الزمن الجميل فى ظنى تحمل الكثير من خداع الذات وتقييدها بقيود حريرية خادعة لمنعها من رؤية المستقبل والاتجاه نحوه.. وهى قيود ستظل عالقة فينا وسنظل أسرى لها مادمنا لم نمتلك شجاعة الاعتراف بإن مافات قد فات.. وأن دوائر التاريخ لا ولن تعود للوراء.. وأن الواقع بقدر قسوته سيقودنا رغما عنا إلى مستقبل ربما يكون مجهولا لنا من فرط تمسكنا بالنظر إلى ألبوم صور الماضى.. ولا مفر لنا من التخلى عن كل ذلك والاتجاه للمستقبل وتحمل تبعاته مهما كانت.. ولا أظنها بسيطة ولا سهلة.. فلنجعلها اختياراً لنا.. ولا أظن أن لنا اختيار الا فى المضى للأمام.. فعجلة التاريخ فى سيرها للأمام لا ترحم من يرفض اللحاق بها.. والبديل هو الانسحاق فى ظلها والخروج القسرى من إطار التاريخ.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة