د. حسن صادق هيكل يكتب: حلم بعيد المنال

الخميس، 10 ديسمبر 2015 06:12 م
د. حسن صادق هيكل يكتب: حلم بعيد المنال ورقة وقلم - أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن الله عز وجل هو السلام فهو "الله الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلاَمُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ" كما أن لفظ كلمة السلام هى اسم من أسماء الله الحسنى كما أن كلمة السلام تعنى السلامة والكمال من النقائص والعيوب والآفات كما تعنى انتشار وسيادة الأمن والطمأنينة والهدوء والسكينة، ولقد اقترن لفظ السلام بالرسل والأنبياء والملائكة عليهم جميعاً الصلاة والسلام، كما أن الجنة الموعودة لعباد الله المؤمنين فى جميع الأديان وفى مقدمتها الإسلام الحنيف هى دار السلام .

إن كلمة السلام هى رمز وتحية الإسلام والمسلمين كما أنها تحية أهل الجنة، كما أن المسلم هو من سلم الناس من لسانه ويده فلماذا يتهم المسلمون والإسلام فى شتى بقاع الأرض بالتطرف والعدوان والإرهاب والإسلام منها براء ؟

ومنذ بدء الخليقة مرورا بالدهور والقرون والعقود والأعوام والشهور والأيام التى واكبتها وعايشتها البشرية فى مسيرتها الطويلة وحتى قيام الساعة والعالم يشهد وسوف يشهد اكتشافات كونية مذهلة وكوارث بيئية مدمرة وتغيرات طبيعية مزلزلة وتطورات علمية وثقافية وتكنولوجية وعسكرية مروعة وفانية وتكاثرات بشرية وآدمية مهددة وغير آمنة ونكبات وصراعات وغزوات وحروب متواصلة، وفى الآونة الأخيرة أصبح العالم يموج بالصراعات والمشاحنات والىنقسامات والحروب الموتورة والدموية القطرية والإقليمية والعالمية التى واكبتها تفجر ثورات الربيع العربى وما آلت إليه من إخفاقات وانحراف مساراتها وانحصار إنجازاتها كما أججت هذه الانقسامات وتلك الحروب انتشار مظاهر الصراعات الطائفية والعرقية والمذهبية والقبلية والجهوية فى دول المنطقة العربية وحول العالم وكذا انتشار مظاهر صراع الحضارات وصدام وتعارض فهم تعاليم الأديان بين شعوب وعوالم الشرق والغرب، فضلا عن تفجر مظاهر صراعات القوى والأحلاف والتكتلات القطبية والاقتصادية والعسكرية فى المنطقة العربية وحول العالم وكذا تزايد مظاهر صراعات التسابق بين القوى الغربية على النفوذ والهيمنة لفرض مظاهر الحماية والوصاية على دول الشرق الأوسط والمنطقة العربية تحت مظلة محاربة تنظيم الدولة الإسلامية فى بلاد سوريا والعراق والشام المعروف باسم "داعش"، فهل عاد الاستعمار الغربى للمنطقة العربية والإسلامية فى شكل جديد؟، وهل يتحقق السلام العالمى المنشود والغائب فى ظل انتشار وتزايد عمليات تنظيم داعش الإرهابى وانتشاره وتمدده فى جميع دول منطقة الشرق الأوسط وكذا فى كثير من الدول الغربية والأجنبية وهذا التنظيم الإرهابى وغيره من مظاهر الاضطهاد والإقصاء والتهميش والتطرف والإرهاب المتزايد فى شتى بقاع الأرض قد يجعل من تحقيق السلام العالمى حلم بعيد المنال؟

إن تكدس سماء المنطقة العربية بجميع أنواع المقاتلات الحربية والصواريخ والقاذفات الإستراتيجية عابرة القارات والبعيدة المدى من أمريكا وروسيا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وحلف الناتو وطائرات وبراميل متفجرات النظام السورى الحاكم وغيرهم والتى تبيد الأخضر واليابس وتدمر وتحرق القرى والمدن العربية والإسلامية وتحول المدنيين فى سورية والعراق وبلاد الشام إلى أشلاء وقتلى ومهجرين ولاجئين قد جعل من تحقيق السلام العالمى حلم بعيد المنال؟ وهل يتحقق السلام العالمى المنشود والغائب فى المنطقة العربية فى ظل الصراع القبلى والعسكرى الملتهب فى اليمن بين قوات التحالف العربى وقوات الرئيس الحالى عبد ربه منصور هادى والمقاومة اليمنية من جهة وبين مليشيات الحوثى وقوات الرئيس المعزول على صالح وإيران وحزب الله اللبنانى من جهة أخرى فى ظل انتشار تجارة تهريب السلاح وعمليات الإرهاب الداعشى فى اليمن وغيرها؟ وهل يتحقق السلام العالمى المنشود والغائب فى ظل انتشار مظاهر الصراع القبلى والجهوى والطائفى فى ليبيا فى ظل غياب جميع مظاهر مؤسسات الدولة النظامية الليبية؟ وهل يتحقق السلام العالمى المنشود والغائب فى ظل انتشار مظاهر عمليات الإرهاب المسلح فى سيناء وتونس وفرنسا وبريطانيا وأمريكا وروسيا وألمانيا وغيرهم؟ وهل يتحقق السلام العالمى المنشود وهناك أكثر من 38 مليون نسمة حول العالم مشردين من أوطانهم بسبب الصراعات المسلحة؟، وهل يتحقق السلام العالمى المنشود والغائب فى ظل استمرار جميع مظاهر الاحتلال الإسرائيلى البغيض والغاشم لجميع المدن الفلسطينية وهضبة الجولان السورية ومحاصرة جميع المقدسات الإسلامية والدينية وتنفيذ مخططات يهودية صهيونية لهدم المسجد الأقصى المبارك؟

من هنا فإن السلام العالمى المنشود سوف يظل غائب وبعيد المنال حتى يزول الاحتلال الإسرائيلى إلى الأبد، وكذا حتى يزول جميع مظاهر سباق التسلح العسكرى والإستراتيجى بين القوى العظمى وحول العالم، وكذا حتى تزول وتنتهى جميع مظاهر الصراعات والحروب بين الأطياف والأعراق والدول والأقطاب العالمية المختلفة، وكذا حتى تدمر وتفكك وتزول جميع ترسانات أسلحة الدمار الشامل البيولوجية والكيماوية والنووية، وحتى تزول جميع مظاهر التواجد العسكرى الأمريكى والغربى والأجنبى المحتل من المنطقة العربية والإسلامية، وحتى تزول وتنتهى جميع مظاهر التطرف العرقى والدينى والفكرى والإيديولوجى وحتى تنتهى وتزول جميع مظاهر صراع الحضارات وتصادم الأديان من القاموس الثقافى والفكرى الإقليمى والعالمى، وحتى تزول وتنهى جميع مظاهر تدمير وتلوث البيئة الكونية والأرضية فى الهواء والماء والغذاء والتربة وكذا حتى ترسخ وتعلى مفاهيم حقوق الإنسان والحريات العامة والخاصة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتداول السلطة وإعلاء استقلالية وسيادة حكم القانون وكذا ترسيخ قاعدة سيادة واستقلالية الدول والشعوب والأوطان على أراضيها وثرواتها ومقدراتها ومقدساتها الدينية والإسلامية، وبغيرها جميعاً قد يصبح تحقيق السلام العالمى حلم بعيد المنال؟





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة