محمد على طه يكتب: عن صورة المدرس فى السينما والدراما المصرية أتحدث

الأحد، 04 أكتوبر 2015 08:00 م
محمد على طه يكتب: عن صورة المدرس فى السينما والدراما المصرية أتحدث مدرس فى الفصل أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال أمير الشعراء أحمد شوقى "قم للمعلم وفيه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا"، فالمعلم فى كل زمان ومكان هو رمز قوة الأمة وعنوان حضارتها، وكم أمة بلغت المجد ولامست عنان السماء بسبب حبها لمعلميها وتقديرها لهم .

لكن للأسف الشديد بتحليل بعض الأعمال الدرامية والسينمائية التى تناولت شخصية المدرس نجد أن أغلبها تناول صورة المدرس بالسلب والقليل منها تناولته بالإيجاب ومتى بدأ العد التنازلى فى انتقاص شأن المعلمين، وعدم احترامهم فإن نذير الخطر قد دق .

وإذا تناولنا بعض الأمثلة التى قدمتها السينما المصرية عن حال المدرس والمدرسة والتعليم بصفة عامة سنلاحظ أنها قدمتهم فى أكثر من شكل كان أغلبه إما تشويه لشكل المدرس أو السخرية منه ووضعه فى إطار واحد فقط، حيث المدرس المطحون الغلبان، وبالرغم من أن تلك الشخصية مليئة بالعديد من التفاصيل الدرامية التى تحتاج إلى أكثر من عمل فنى لرسم تلك الشخصية بجدارة سواء بتناول حياتهم الوظيفية أو حياتهم الخاصة، إلا أن المؤلفين والمخرجين اختصروا كل ذلك ليقدموا شكل متواضع لتلك الوظيفة المهمة الثرية بالكثير من المعانى والأبعاد الإنسانية.

فبداية من الأربعينات وحتى الآن نلاحظ أن أغلب مؤلفى ومخرجى السينما المصرية عندما قرروا تناول وظيفة المدرس فإنهم تناسوا مقولة أمير الشعراء أحمد شوقى (قم للمعلم وفيه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا(وباستعراض تناول السينما لصورة المدرس نجد أن فى عام 1949 عرض فيلم غزل البنات لنجيب الريحانى فنجد أنه تناول دور مدرس اللغة العربية من خلال شخصية الأستاذ (حمام) صاحب المبادئ والقيم والأخلاق، والذى يصر على الالتزام بحذافيره بالرغم من حالته المادية السيئة، ومع كل هذا نجده يهان من (ليلى ابنة الباشا مراد) ويفقد كرامته عندما تسخر منه هى وزميلاتها ، حتى فى مشاهد المدرسة وهو يلقى الدرس نجد التلميذات تسخر منه رغم مستواهم التعليمى المتدنى ويقومون بعمل المقالب فيه لدرجة أن ناظر المدرسة يقول له " انت لو ليك شخصية مكانوش عملوك مسخرتهم " ومما يزيد الطين بله هو أن أناقة مربى الكلب ومقدم القهوة ومرتباتهم التى تزيد عن مرتب المدرس أضعاف المرات.

ثم نأتى إلى مسرحية مدرسة المشاغبين عام 1973 والتى أثرت بشكل كبير على الطلاب جعلتهم يقلدون شخصياتهم، حيث تناول المؤلف شخصية الأستاذ علام، الذى يقوم بشرح الدرس لنفسه بالرغم من تأكده من عدم وجود أى طلاب بالفصل الدراسى إرضاء لضميره المهنى وأخلاقه فقط، وكيف أن الطلاب يسخرون من مدرستهم ومن ناظر المدرسة .

وفى نفس الإطار الساخر الهزلى يتم تقديم العديد من الأعمال الفنية مع دخول السينما عصر أفلام الثمانينات، ولكن تلك المرة بتقديم المدرس المنحل أخلاقياً والفنان عادل إمام بفيلم "الإنسان يعيش مرة واحدة"وكيفية عرض شكل المدرس المستهتر الذى أعرض عن تلك القيم والمبادئ من خلال مدرس اللغة الإنجليزية، الذى يلعب القمار ويتناول الخمر بالليل برفقة أصدقائه ويتوجه إلى مدرسته فى الصباح مخموراً.

وإذا تحدثنا عن محاولة التفكير فى حال المدرس وعرض مشاكله الشخصية فى محاولة لحل تلك المشاكل نلاحظ أنه تم الوقوف على مشكلة واحدة دائما بالنسبة للمدرس وهى مشكلته المادية فقط، فمثلا نجد السينما المصرية قدمت ذلك من خلال ناظر المدرسة بفيلم"المذنبون"الذى لا يجد ملجأ للهروب من مشاكله المادية إلا ببيع أسئلة الامتحانات، وهناك مدرس الفلسفة أحمد زكى بفيلم البيضة والحجر الذى يترك عمله ودراسته ويلهث وراء الفلوس ويعمل دجالاً، ونجده أيضا فى المدرس الذى انتحر بعدما واجهته العديد من المشاكل المادية الصعبة وتدنى مستوى المعيشة وذلك من خلال فيلم "انتحار مدرس ثانوى وتستمر تلك الصورة المشوهة من خلال فيلم رمضان مبروك أبو العلمين حمودة.

وللحقيقة فإن قليل من مؤلفى الدراما التيلفزيونية تناولوا شخصية المدرس بشكل مرضٍ وتوضيح سحرها الخاص وإلقاء الضوء بشكل أكبر على تفاصيل تلك الشخصية، فنلاحظ أن المؤلفين خرجوا بالمدرس من الجلباب الواحد والتقاليد المتعارف عليها والبعد عن نمط الإساءة له، مؤكدين أنه صاحب رسالة مميزة فنجد فى مسلسل "حضرة المتهم أبى" ودور الفنان نور الشريف الذى يرفض دائما إعطاء الدروس الخصوصية بالرغم من حالته المادية، وإصراره على مبادئه، وكذلك مسلسل "قصة حب" والذى جسد فيه الفنان السورى جمال سليمان شخصية ناظر إحدى المدارس الثانوية بالقاهرة، ويناقش المسلسل الكثير من المشاكل التى يواجهها الطلبة فى تلك المرحلة.

لذا يجب أن تعود السينما من جديد للتركيز على دور المدرس وكيف أنه معلم قدوة ويمثل دعامة أساسية من دعامات الحضارة فهو صانع أجيال وناشر علم ورائد فكر ومؤسس نهضة وإذا كانت الأمم تقاس برجالها فالمعلم هو بانى الرجال وصانع المستقبل، ولا عجب إذ ينادى رفاعة الطهطاوى بأن المعلمين هم خير من يمشى على تراب الأرض.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة