وتعتبر القمة، التى سيشارك فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى، هى الحدث السياسى والاقتصادى الأكبر بالهند منذ العام 1983، وكانت أخر قمة عقدت بين الدول الأفريقية وبين العملاق الأسيوى المنافس للصين منذ سبع سنوات، وهى فترة زمنية طويلة تفسر سبب تفوق الصين على الهند فيما يتعلق بحجم استثماراتها بأفريقيا.
ويطمح رئيس الوزراء الهندى "ناريندرا مودى" خلال القمة المنتظرة التى كان من المقرر عقدها فى ديسمبر من العام الماضى، ولكنها أجلت جراء انتشار وباء الإيبولا بأفريقيا، إلى إبرام اتفاقيات استثمارية تجعل الهند قريبة من ثروات القارة، وفى نفس الوقت تعرض خدماتها فى قطاعات كالزراعة والصناعة والتكنولوجيا، وهى مجالات سبقت فيها الصين الهند بأشواط طويلة.
حجم التجارة بين الهند وأفريقيا 70 مليار دولار فقط
وكان حجم التجارة بين الصين ودول قارة أفريقيا قد وصل إلى 200 مليار دولار فى 2014، ما يفوق الناتج المحلى لـ30 دولة أفريقية مجتمعة، فى حين لم تحقق الهند فى العام الماضى سوى 70 مليار دولار، وتحاول الهند حاليا رأب هذا الصدع فى العلاقات مع القارة الأفريقية مستغلة تاريخها المشترك مع العديد من البلدان الأفريقية فى مناهضة الحركات الاستعمارية، فالزعيم الهندى الأكثر شهرة المهاتما غاندى بدأ نضاله ضد احتلال الإمبراطورية البريطانية فى جنوب أفريقيا التى تحتضن اليوم الملايين من المواطنين ذوى الأصول الهندية.
ويركز "مودى" سياساته على 2.7 مليون هندى يعيش بالقارة الأفريقية، والعلاقات التاريخية التى جمعت بين بلده وبلدان القارة التى تمثل مطمح لكل بلد صناعى باحث عن فرص استثمار والمواد الأولية، حتى يحاول أن يصل إلى مرتبة تقارب تلك التى وصلت إليها الصين داخل القارة، فالدولة الصينية دعمت استثمارات العديد من الشركات الصينية بأفريقيا، لتغدو المؤتمرات المشتركة بين الصين وأفريقيا أمر متكرر وطبيعى، يليها فى ذلك الاتحاد الأوروبى ثم اليابان ثم تأتى الهند فى ذيل القائمة.
وتسعى الهند حاليا لرفع استثماراتها لتتجاوز الرقم المتواضع 70 مليار دولار، هذا إلى جانب حقيقة أخرى تثير غضب أقطاب التجارة فى الهند، وهى أن أفريقيا لا تستورد سوى 11% من صادرات الهند إلى العالم.
ولم تتخط مساهمات الهند فى أفريقيا سوى بضع شركات الاتصالات فى شرق أفريقيا، تسليف مبلغ 300 مليون دولار لبناء خط قطار بين جيبوتى وأثيوبيا، ومساعدات للتنمية لم تتجاوز 5.4 مليار دولار.
الهند تستغل بطء النمو الاقتصادى بالصين
وتستغل الهند حاليا بطء النمو الاقتصادى بالصين وقلة اعتمادها على المواد الأولية لخلق موقع لها بالقارة الأفريقية، طامحة لسد حاجتها من النفط الذى تستورد 80% منه لاستخدامها المحلى، لذا فالعملاق الأسيوى يحاول التقرب إلى دولة غنية بالنفط مثل نيجيريا لتنويع مصادر النفط وعدم الاعتماد بشكل كلى على دول الشرق الأوسط.
وتمتلك الهند علاقات تجارية مع أغلبية بلدان القارة الأفريقية لكن حجم التبادلات التجارية لم يحقق الرقم المرجو من عملاق مثل الهند، فصافى حجم التبادل التجارى بين الهند وأفريقيا لا يمثل سوى سدس حجم التجارة بين الصين ونفس البلدان، رغم أن العديد من البلدان الأفريقية حاليا تبدو غير مرحبة لاستمرار العلاقات الاقتصادية مع الصين، نظرا لارتفاع أرباح الأخيرة على أرباح الدولة الأفريقية، إلا أن الصين تتواجد فى مشاريع حيوية بالقارة مثل استخراج المعادن والنفط وفى المناجم وشق الطرق وحفر الآبار وبناء السدود، فى حين تدور معظم التبادلات التجارية بين الهند وأفريقيا فى فلك المشاريع والمنتجات الزراعية.