فى حديثه الأسبوعى غد الجمعة على الفضائية المصرية..

شيخ الأزهر يفند شبهات حول الخلفاء الراشدين ويصف أبو بكر بأحد العظماء

الخميس، 22 أكتوبر 2015 10:36 ص
شيخ الأزهر يفند شبهات حول الخلفاء الراشدين ويصف أبو بكر بأحد العظماء الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يبدأ الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر تفنيد شبهات حول الخلفاء الراشدين وصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أُثيرت قديمًا، وتُستدعى الآن، لتضليل الشباب المسلم، ولشق صف الأمة الواحدة، وضرب الاستقرار فى البلاد الآمنة، وأوَّل مَن خصِّص له الحلقات فى سلسلة الدفاع عن الصحابة هو: سيدنا أبو بكر الصديق -رضى الله عنه-، خليفة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأول الخلفاء الراشدين.

وأضاف فى حديثه الأسبوعى الذى سيذاع غد الجمعة على الفضائيَّة المصرية: "أن أبى بكر الصديق عظيم من عظماء الإنسانية وحكيم من حكمائها، لذلك يجب أن نتوقف عنده لنوفيه بعض حقه من التوقير والتعظيم والثناء والعرفان بالجميل، فإذا ضاع توقير العظيم فإن الإنسانية كلها تضيع وتصبح تاريخًا من الفوضى والجحود وعبث الصغار".

وأشار إلى أن أبا بكر رضى الله عنه اشتهر بأبى بكر، وبالصديق ، وعتيق النار، وعبد الله، وقد أُطلقت عليه هذه الأسماء فى الجاهلية وفى الإسلام، فقد كان يُلقَّب بالصديق، لأنه كان يحكم فى أمر الديات، وهى قدر معين يدفعه القاتل لأهل القتيل، وكانت قريش تنيبه فى مسألة القتل أو المشاجرات التى يترتب عليها حدوث عاهة أو ما أشبهها من قطع وبتر.. إلخ، وإذا تولى أمر الديات شخص آخر غير أبى بكر رفضوه ولم يصدقوه، ومن أجل ذلك سُمِّى فى الجاهلية بالصدِّيق؛ أى: شديد الصدق فيما يقضى ويحكم، أمَّا فى الإسلام فقد سُمِّى بالصديق، لأنه كان يسرع فى تصديق النبى - صلى الله عليه وسلم- فى كل ما يقول، وبخاصة فى حادث الإسراء والمعراج، وذلك أن حادث الإسراء كان أمرا مُستغربًا عند الناس، إلا أن أبا بكر رضى الله عنه لم يتردَّد فى تصديقه؛ حين قال له الكفار: إن صاحبك يزعم أنه أُسرى به الليلة إلى بيت المقدس ثم عاد، ونحن نقطع أكباد الإبل شهرًا ذهابًا وشهرًا إيابًا، قَالَ: لَئِنْ كَانَ قَالَ ذَلِكَ لَقَدْ صَدَقَ ، قَالُوا : وَتُصَدِّقُهُ أَنَّهُ ذَهَبَ اللَّيْلَةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَجَاءَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ؟ قَالَ: نَعَمْ ، إِنِّى لأُصَدِّقُهُ بِمَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ: أُصَدِّقُهُ بِخَبَرِ السَّمَاءِ فِي غُدْوَةٍ أَوْ رَوْحَةٍ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيق، كما كان -رضي الله عنه- يلقب بعتيق في الجاهلية "لجمال وجهه"، وهذا الوصف مشتق من "العتاقة" وهى الجودة والجمال، ويذكر بعض المؤرخين فى ذلك أن أمة لم تكن يعيش لها أولاد، فلما ولد أبو بكر أخذته واستقبلت به الكعبة وقالت: "اللهم إن هذا عتيقك من النار فَـهَبْهُ لى"، أما فى الإسلام؛ فلأن النبى -صلى الله عليه وسلم- بشَّره بالعتق من النار، ومعلوم أن أبا بكر –رضى الله عنه - هو أول العشرة المبشرين بالجنة، وقيل لأنه كان يشترى العبيد ويُعتقهم لوجه الله تعالى.

وأوضح الإمام الأكبر أن الصديق أبا بكر -رضى الله عنه- ولد فى السنة الثانية أو الثالثة من عام الفيل، وبذلك يكون أصغر من النبى –صلى الله عليه وسلم- بعامين على الأقل، وأن اسمه هو عبد الله بن عثمان، وعثمان والده هو: أبو قُحافة، وهو من قبيلة بنى تَيمْ، وينبغى ألا نخلط بين قبيلة: بنى تيم التى ينتسب إليها سيدنا أبو بكر، وبين قبيلة بنى تميم، فبينهما بعد المشرقين؛ فبنو تيم يشتهر رجالهم بالأدب ودماثة الأخلاق، هم أبناء أصول، كما نقول فى مخاطباتنا اليوم، ونساء هذه القبيلة مشهورات بأنهن محظيات لدى أزواجهن، لأنهن مفطورات على الدلال والذكاء والجمال، وقد انعكس هذا على سيدنا أبو بكر فى تاريخه حيث عاش فى مودة عميقة مع أبيه وأمه وزوجته وبنيه وبناته، وعلى سيدتنا أم المؤمنين عائشة –رضى الله عنها-، لافتًا إلى أن والده عاش طويلًا حتى رأى ابنه خليفة للمسلمين وكف بصره فى أواخر حياته، ويروى المؤرخون أنه حين بلغه نبأ وفاة ابنه أبى بكر قال: رُزء جلل؛ أى: مصيبة كبرى، ثم سأل: فمَن ولى بعده؟ قالوا: عمر.. قال: صاحبه.

وبين أن أبابكر -رضى الله عنه- كان أبيض اللون، وسيمًا، غزير شعر الرأس، نحيفًا، يميل إلى القِصر، وكان أليفًا يألف الناس ويألفونه، وكان رجلا كريما سخيا تصدق بكل ما يمتلك للمسلمين وجيش المسلمين، يقول عمر بن الخطاب – رضى الله عنه-: "أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ نَتَصَدَّقَ وَوَافَقَ ذَلِكَ مَالا عِنْدِى، فَقُلْتُ: الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا، قَالَ: فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِى ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ ؟ " قُلْتُ مِثْلَهُ ، قَالَ : وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَالٍ عِنْدَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- " مَا أَبْقَيْتَ لأَهْلِكَ ؟ " قَالَ : أَبْقَيْتُ لَهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، قُلْتُ : لا أُسَابِقُكَ إِلَى شَىءٍ أَبَدًا"، وكان يعتق العبيد بلا حساب ، يشتريهم من ماله الخاص ويعتقهم لوجه الله، وأول من أعتقه بلال بن أبى رباح –رضى الله عنه-، وكان متواضعًا زاهدًا فى الدنيا ومتاعها وزينتها، تقول السيدة عَائِشَةَ- رضى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: "لبست ثيابى فطفقت أنظر إلى ذيلى وأنا أمشى فى البيت، وألتفت إلى ثيابى وذيلى، فدخل على أبو بكر، فقال : يا عائشة أمَا تعلمين أن الله لا ينظر إليك الآن، قُلْتُ: " وَمِمَّ ذَاكَ ؟ " قَالَ : " أَمَا عَلِمْتِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا دَخَلَهُ الْعُجْبُ بِزِينَةِ الدُّنْيَا مَقَتَهُ رَبُّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، حَتَّى يُفَارِقَ تِلْكَ الزِّينَةَ "، قَالَتْ: " فَنَزَعْتُهُ فَتَصَدَّقْتُ بِهِ " وذلك لأن العجب يجر الإنسان إلى الكبر، والكبر يجر إلى هضم حقوق الناس، ولذلك نرى الإسلام متيقظا لمثل هذه الأمراض الخلقية والنفسية، مؤكدًا أن الصحابة كانوا نماذج عليا فى مسألة الزهد فى الدنيا ومتاعها.

وتابع، أبو بكر الصديق لم يعبد صنمًا قط، ولم يشرب الخمر لا فى الجاهلية ولا فى الإسلام؛ صونًا لعقله ومروءته، ولما سُئل عن ذلك قال: "كنت أصون عرضى، وأحفظ مروءتى فإن من شرب الخمر كان مضيَّعًا فى عقله ومروءته"، ومما يؤكد لنا أن عقله وبصيرته كانا هما الهاديين له إلى الحق، موقفُهُ من الأصنام لأول مرة يراها، فلقد رُوى عن أبى بكر -رضى اللّه عنه- أنه قال : لما ناهزت الحُلُم أخذنى أبِى (أبو قحافة) بيدى، فانطلق بى إلى مكان توجد فيه الأصنام فقال يا بُنى، هذه آلهتك الشُّم العوالى، وخلاَّنى عندها وذهب، فدنوتُ من الصنم وقلت: إنى جائـع فأطعمنى، فلم يجبنى، فقلت: إنى عارٍ فاكسُنى: فلم يجبنى، فألقيتُ عليه صخرة فخرَّ على وجهه، فهذه القصة تدل على أنه -رضى الله عنه- كان محصنا ضد أوهام الجاهلية وأكاذيب الجاهلية ممثلة فى عبادة الأصنام، وفى شرب الخمر، إذ الفطرة السليمة هى التى كانت توجهه لذلك، وخاصة فى مسألة الخمر التى كان سائدة فى الجاهلية، والتى لم يحرمها الإسلام مرة واحدة وإنما حرمها تدريجيا؛ لتغلغلها فى عادات وتقاليد وأطعمة وأشربة الجاهلية آنذلك.

وأضاف الإمام الأكبر: يذكر المؤرخون أن أبا بكر –رضى الله عنه- كان فى طبعه بعض حدة، لكنه كان كثيرًا ما يغالب هذا الطبع، وقد قال عن نفسه فى إحدى خطبه: "واعلموا أن لى شيطانًا يعترينى، فإذا رأيتمونى غضبت فاجتنبونى"، وهذه الحدة ليست عيبًا فى شخصيته -رضى الله عنه-؛ لأنها لم تكن من قبيل الرعونة، وإنما كانت من قبيل "سرعة التأثر" وكثيرًا ما يكون ذلك فى الإنسان العظيم الرحيم الذى يتألم لغيره.. يدلنا على ذلك أنه -رضى الله عنه -كان فى طبعه ميل إلى الحزن والعطف على الحزين والإحساس به والشعور بحزنه، وقد وصفته ابنته عائشة رضى الله عنها، بأنه كان: غزير الدمعة محزون القلب، أسيفًا "متى يقم مقامك لا يسمع الناس"، لافتًا إلى أنه -رضى الله عنه- اشتهر بالصدق فى الجاهلية والإسلام: ومما يدل على صدقه مع أهل الجاهلية أن خولة بنت حكيم اقترحت على رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة السيدة عائشة -رضى الله عنها- بعد وفاة السيدة خديجة -رضى الله عنها-، فَقَالَتْ: فَأَتَيْتُ أُمَّ رُومَانَ -زوج أبى بكر- فَقُلْتُ : يَا أُمَّ رُومَانَ، رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَذْكُرُ عَائِشَةَ، قَالَتْ : انْتَظِرِى فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ آتٍ ، قَالَتْ : فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ رَضِى اللَّهُ عَنْهُ ، فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : أَوَ تَصْلُحُ لَهُ وَهِى ابْنَةُ أَخِيهِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنَا أَخُوهُ وَهُوَ أَخِى ، وَابْنَتُهُ تَصْلُحُ لِى ، قَالَتْ : وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَتْ لِى أُمُّ رُومَانَ: إِنَّ الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِى قَدْ كَانَ ذَكَرَهَا عَلَى ابْنِهِ -جبير-، فَوَاللَّهِ مَا أَخْلَفَ وَعْدًا قَطُّ - تَعْنِى : أَبَا بَكْرٍ- قَالَتْ : فَأَتَى أَبُو بَكْرٍ الْمُطْعِمَ بْنَ عَدِى، فَقَالَ: مَا تَقُولُ فِى أَمْرِ هَذِهِ الْجَارِيَةِ ؟ فَأَقْبَلَ عَلَى امْرَأَتِهِ ، فَقَالَ لَهَا : مَا تَقُولِينَ يَا هَذِهِ؟ قَالَ: فَأَقْبَلَتْ عَلَى أَبِى بَكْرٍ فَقَالَتْ: لَعَلَّنَا إِنْ أَنْكَحْنَا هَذَا الْفَتَى إِلَيْكَ تُصْبِئهِ وَتُدْخِلُهُ فِى دِينِكَ الَّذِى أَنْتَ عَلَيْهِ، فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى الْمُطْعِمِ، وَقَالَ : مَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ: إِنَّهَا لَتَقُولُ مَا تَسْمَعُ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَلَيْسَ فِى نَفْسِهِ مِنَ الْمَوْعِدِ شَىءٌ، فلما تحلل – رضى الله عنه - من وعده مع المُطعِم، قَالَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ : قُولِى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلْيَأْتِ , قَالَتْ : فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَمَلَكَهَا ، فهذا درس ومثال عملى فى الصدق والوفاء بالوعد، حيث إن أبا بكر أرجأ إجابة النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما طلبه حتى يتحلل من ذِكْر المطعِم، مع أن النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو صاحبه ونبيه، والطرف الآخر من المشركين.

يذكر أن حديث الإمام الأكبر شيخ الأزهر الشريف يذاع على الفضائية المصرية عقب نشرة أخبار الساعة الثانية ظهراً من كل يوم جمعة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة