تُعد الأمثال الشعبية أحد روافد الثقافة الرئيسية للشعوب، فهى حكمة الزمن، وهى تجربة البشر عبر سنين وسنين، وإن كانت بعض أمثلتنا الشعبية تحمل أحيانا تناقضات تضعنا فى حيرة من الحكمة فإننا نظل كأجيال لاحقة نحاول أن نفهم هذا التناقض بل نعيشه أحيانا، ومن تلك الأمثلة «اللى مايرضاش بالخوخ يرضى بشرابه»، وهو مثال يقال للتعبير عن البطر أى الشخص الذى لا يعجبه العجب ثم تجبره الظروف على قبول ما هو أقل، ثم يأتى مثال آخر بمعنى آخر وإن كان يحوى نوعا من التناقض مع الأول وهو «اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى» للتعبير عن وجوب الحذر الزائد حتى فيما لا يجب فيه الحذر، لأن تجربة البشر السيئة تنعكس على تصرفاتهم.. وما بين «اللى مايرضاش بالخوخ يرضى بشرابه» و«اللى اتلسع من الشوربة ينفخ فى الزبادى» يعيش المصريون أيامهم، على الأقل غالبيتهم هذه الأيام، فالانتخابات لمجلس النواب على الأبواب بعد سنين عجاف عاش فيها المصريون كل الألوان وغالبيتها ألوان غامقة، سودة يعنى، وهم الآن مطالبون بالوقوف مرة عاشرة أمام الصناديق لاختيار نواب يتحدثون بلسانهم فى ربما أهم مجلس نواب يجب أن يتم اختياره فى حياتهم، فيأتى السؤال المتكرر من كل عابر سبيل أو صديق «حتعمل إيه فى الانتخابات؟»، وقد جاءنى صديق يطرح على أزمته فقال لى: قبل ثورة يناير لم أكن أنتخب مطلقا ولم أكن أشارك لأنى عارف اللى فيها، فقط كنت أشارك فى انتخابات مجلس إدارة عمارتى والنقابة التى أنتمى لها، وكنت غالبا ما أصاب بالإحباط لكن بعافر، ولكن منذ يناير شاركت فى كل استحقاق انتخابى مر علينا عدا دستور نعم ولا بتاع الإخوان ومعركة الصناديق برضه كنت عارف اللى فيها، ولكنى هذه المرة فى حيرة حقيقية، فأمامى طريقان أو ثلاثة، أولا إبطال صوتى لأن الحكاية خل خالص، أو أقعد فى بيتى وكأنى قبل يناير، أو أروح أنتخب ولكن من؟ للأسف المطروح علينا من أسماء كلهم أسوأ من بعض بجد ولا يمكن أن أضع علامة صح أمام أحد منهم، فما بين إخوانى مستتر وسلفى معلن لابد أن أتعلم من الحكمة الشعبية التى تقول اللى اتلسع من الإخوان ينفخ فى السلفيين، أما المصيبة اللى حتموتنى وتشلنى أن ممكن لو مجبر على التصويت مافيش قدامى غير رجل الحزب الوطنى فهو الأقل ضررا من الآخرين يعنى يارب يجى على يوم وأكتب نعم لواحد ينتمى للحزب الوطنى؟.. خلاصة القول أن أى واحد فى البلد دى لسه عنده عقل فى رأسه، حتة عقل صغيرة، فى وضع بشع.. يارب ليه ما موتش قبل اللحظة دى وارتحت؟...هى مصر دى مش حتبطل تبهرنا وتغلبنا، كفاية يامصر، معقولة أنا أنتخب حزب وطنى بمنطق اللى ما يرضاش بالخوخ يرضى بشرابه طب ياعم أنا لا عايز خوخ ولا شرابه ولا زبادى ولا شوربة.
هذا الصديق ليس وحده هو الحائر بين الخوخ وشرابه والزبادى والشوربة، فغالبيتنا تعيش تلك الأزمة، وغالبيتنا لديها قلق حقيقى، وغالبيتنا تعبت، والبعض منا لم يعد يبالى.. فماذا نحن فاعلون وكيف سيكون مفعولا بنا؟ وعفوًا.. فللحق لا أملك لك ولا لنفسى إجابة قاطعة حتى الآن.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
فاروق صديق
نريد نفسنا وانتخب شباب مستقبل وطن
علي الاقل وجوه جديده ودماء جديده
عدد الردود 0
بواسطة:
جلال
من هو الخوخ ومن هو شرابه
عدد الردود 0
بواسطة:
جلال
من هو الخوخ ومن هو شرابه
عدد الردود 0
بواسطة:
هند الكاشف
عندك المصريين الأحرار